جودة لطفى يكتب: زوال إسرائيل

فى عام 2017 أعلن بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي،  أنه يجب العمل على ضمان استمرارية إسرائيل لمدة 100 عام، وأشار إلى أنه لم يحدث في التاريخ أن استمرت دولة يهودية لأكثر من 80 عاماً.

القلق بشأن زوال إسرائيل يعتبر قضية حساسة لليهود، إذ يثار الشك في مستقبل الدولة اليهودية نفسها. يشير الإسرائيليون إلى أمثلة تاريخية تبين أن “مملكة داود وسليمان”، التي كانت الدولة اليهودية الأولى، لم تستمر لأكثر من 80 عاماً، وبالمثل “مملكة الحشمونائيم”، الدولة الثانية لليهود، انتهت في العقد الثامن من تأسيسها، بينما إسرائيل، وهي “الدولة الثالثة” لليهود، تقترب من العام الثامن والسبعين من التأسيس.

نبوءة الشيخ أحمد ياسين

في أبريل/نيسان 1998، أدلى الشيخ أحمد ياسين بتصريحات تنبأ فيها بمستقبل دولة إسرائيل بعد خمسين عاماً من تأسيسها، خلال مقابلة تلفزيونية مع قناة الجزيرة في برنامج “شاهد على العصر”.

قال الشيخ أحمد ياسين: “إسرائيل قد نشأت على أساس ظلم واضطهاد، وكل كيان مبني على الظلم والاضطهاد سيواجه الهلاك… ليس هناك قوة في العالم تدوم إلى الأبد، فالإنسان يولد طفلاً ثم يكبر ويشيخ، وهكذا الدول تولد وتنمو ثم تندثر”.

وأضاف: “إن شاء الله فستندثر إسرائيل في الربع الأول من القرن القادم، تحديداً في عام 2027”.

وفي رد على سؤال حول سبب اختيار هذا التاريخ، قال الشيخ أحمد ياسين: “نحن نؤمن بالقرآن الكريم، والقرآن أخبرنا أن الأجيال تتغير كل أربعين عاماً. في الأربعين الأولى كانت لدينا النكبة، وفي الأربعين الثانية جاءت الانتفاضة والمواجهة والتحدي والقتال والقنابل، وفي الأربعين الثالثة ستحدث النهاية إن شاء الله”.

وأكمل: “هذا تفسير قرآني، فعندما ألقى الله على بني إسرائيل الضلال لمدة أربعين عاماً، لماذا؟ لتغيير الجيل المريض وتحضير جيل قوي ومقاتل، إذ استبدل الله جيل النكبة بجيل الانتفاضة، والجيل القادم سيكون جيل التحرير إن شاء الله”.

زوال إسرائيل حقيقة من الداخل

قد يبدو الحديث عن “زوال إسرائيل” مبالغاً فيه وغير مستند إلى تحليل منطقي، ولكن عند قراءة الوضع الداخلي لهذا الكيان الصهيوني واستناداً إلى الاعترافات التي تصدر من منظومته السياسية والفكرية والعسكرية، يظهر التشكيك في مستقبل “إسرائيل” ويعزز مصداقية نبوءة اندثارها.

وكانت حادثة هروب الإسرائيليين خلال عملية طوفان الأقصى إشارة واضحة إلى ذلك، إذ جرى تداول مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر هروبهم من دون النظر إلى الوراء، ما يشير إلى عدم ارتباطهم بالأرض واعترافهم بأنهم محتلون لأرض غيرهم وزائلون.

إيهود باراك يخشى لعنة العقد الثامن

في مقال لرئيس الوزراء السابق “إيهود باراك” في صحيفة “يديعوت أحرنوت” بمناسبة الذكرى الـ74 لتأسيس إسرائيل، أكد أنه في تاريخ الشعب اليهودي لم تستمر دولة يهودية لأكثر من 80 عاماً إلا في فترتين، وكان في كلتا الفترتين كانت بداية تفككها في العقد الثامن، وتنتهي الدولة الصهيونية الحالية في العقد الثامن.

ويخشى أن يتأثر هذا العهد الثامن باللعنة نفسها التي أصابت الدول اليهودية السابقة، مثل “مملكة داود” الأولى في الفترة بين عامي 586-516 قبل الميلاد و”مملكة الحشمونائيم” في الفترة بين عامي 140-37 قبل الميلاد، وهما الدولتان الوحيدتان اللتان استمرتا لأقل من 80 عاماً في تاريخ الشعب اليهودي.

و‏تحت هذا العنوان نشرت صحيفة «هآرتس» مقالا للكاتب الصهيونى الشهير (آرى شبيت)، كما أعيد نشره من قبل فى جرائد عربية، يقول شبيت: يبدو أننا نواجه أصعب شعب عرفه التاريخ ولا حل معهم سوى الاعتراف بحقوقهم وإنهاء الاحتلال. بدأ «شبيت» مقاله بالقول: يبدو أننا اجتزنا نقطة اللاعودة، ويمكن أنه لم يعد بإمكان «إسرائيل» إنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان وتحقيق السلام، ويبدو أنه لم يعد بالإمكان إعادة إصلاح الصهيونية وإنقاذ الديمقراطية وتقسيم الناس فى هذه الدولة.
‏وأضاف: إذا كان الوضع كذلك فإنه لا طعم للعيش فى هذه البلاد، وليس هناك طعم للكتابة فى «هآرتس»، ولا طعم لقراءة «هآرتس» ويجب فعل ما اقترحه (روغل ألفر) قبل عدة أعوام، وهو مغادرة البلاد.. إذا كانت «الإسرائيلية» واليهودية ليستا عاملا حيويا فى الهوية، وإذا كان هناك جواز سفر أجنبى لدى كل مواطن «إسرائيلى»، ليس فقط بالمعنى التقنى، بل بالمعنى النفسى أيضا، فقد انتهى الأمر. يجب توديع الأصدقاء والانتقال إلى سان فرانسيسكو أو برلين أو باريس.
‏من هناك، من بلاد القومية المتطرفة الألمانية الجديدة، أو بلاد القومية المتطرفة الأمريكية الجديدة، يجب النظر بهدوء ومشاهدة «دولة إسرائيل» وهى تلفظ أنفاسها الأخيرة. يجب أن نخطو ثلاث خطوات إلى الوراء، لنشاهد الدولة اليهودية الديمقراطية وهى تغرق.
‏وتابع الكاتب: أضع إصبعى فى عين نتنياهو وليبرمان والنازيين الجدد، لأوقظهم من هذيانهم الصهيونى. إن ترامب وكوشنير وبايدن وباراك أوباما وهيلارى كلينتون ليسوا هم الذين سينهون الاحتلال. وليست الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى هما اللذان سيوقفان الاستيطان. والقوة الوحيدة فى العالم القادرة على إنقاذ «إسرائيل» من نفسها، هم «الإسرائيليون» أنفسهم، وذلك بابتداع لغة سياسية جديدة، تعترف بالواقع، وبأن الفلسطينيين متجذرون فى هذه الأرض.
ويؤكد الكاتب فى صحيفة هآرتس: أن «الإسرائيليين» منذ أن جاءوا إلى فلسطين، يدركون أنهم حصيلة كذبة ابتدعتها الحركة الصهيونية، استخدمت خلالها كل المكر فى الشخصية اليهودية عبر التاريخ.
‏ومن خلال استغلال ما سمى المحرقة على يد هتلر وتضخيمها، استطاعت الحركة أن تقنع العالم بأن فلسطين هى «أرض الميعاد»، وأن الهيكل المزعوم موجود تحت المسجد الأقصى، وهكذا تحول الذئب إلى حمَل يرضع من أموال دافعى الضرائب الأمريكيين والأوروبيين، حتى بات وحشا نوويا.
واستنجد الكاتب بعلماء الآثار الغربيين واليهود، ومن أشهرهم «إسرائيل فلنتشتاين» من جامعة تل أبيب، الذى أكد “أن الهيكل أيضا كذبة وقصة خرافية ليس لها وجود، وأثبتت جميع الحفريات أنه اندثر تماما منذ آلاف السنين، وورد ذلك صراحة فى عدد كبير من المراجع اليهودية، وكثير من علماء الآثار الغربيين أكدوا ذلك..
‏وكان آخرهم عام 1968م، عالمة الآثار البريطانية الدكتورة «كاتلين كابينوس»، حين كانت مديرة للحفائر فى المدرسة البريطانية للآثار بالقدس، فقد قامت بأعمال حفريات بالقدس، وطردت من فلسطين بسبب فضحها للأساطير «الإسرائيلية»، حول وجود آثار لهيكل سليمان أسفل المسجد الأقصى.. حيث قررت عدم وجود أى آثار أبدا لهيكل سليمان!!!
‏وشدد الكاتب اليهودى على القول: أن لعنة الكذب هى التى تلاحق «الإسرائيليين»، ويوما بعد يوم، تصفعهم على وجوههم بشكل سكين بيد مقدسى وخليلى ونابلسى، أو بحجر جمّاعينى أو سائق حافلة من يافا وحيفا وعكا.
‏يدرك «الإسرائيليون» أن لا مستقبل لهم فى فلسطين، فهى ليست أرضا بلا شعب كما كذبوا. ها هو كاتب آخر يعترف، ليس بوجود الشعب الفلسطينى، بل وبتفوقه على «الإسرائيليين»، هو (جدعون ليفى) الصهيونى اليسارى، إذ يقول: يبدو أن الفلسطينيين طينتهم تختلف عن باقى البشر.. فقد احتللنا أرضهم وأطلقنا على شبابهم الغانيات وبنات الهوى والمخدرات، وقلنا ستمر بضع سنوات، وسينسون وطنهم وأرضهم، وإذا بجيلهم الشاب يفجر انتفاضة الـ87.. وأدخلناهم السجون وقلنا سنربيهم فى السجون.. وبعد سنوات، وبعد أن ظننا أنهم استوعبوا الدرس، إذا بهم يعودون إلينا بانتفاضة مسلحة عام 2000، أكلت الأخضر واليابس.. وقلنا نهدم بيوتهم ونحاصرهم سنين طويلة، وإذا بهم يستخرجون من المستحيل صواريخ يضربوننا بها، رغم الحصار والدمار، فأخذنا نخطط لهم بالجدار العازل والأسلاك الشائكة.. وإذا بهم يأتوننا من تحت الأرض وبالأنفاق، حتى أثخنوا فينا قتلا.
وفى الحرب الماضية حاربناهم بالعقول، فإذا بهم يستولون على القمر الصناعى «الإسرائيلى» (عاموس) ويدخلون الرعب إلى كل بيت فى «إسرائيل»، عبر بث التهديد والوعيد، كما حدث حينما استطاع شبابهم الاستيلاء على القناة الثانية «الاسرائيلية».
خلاصة القول كما يقول الكاتب: يبدو أننا نواجه أصعب شعب عرفه التاريخ، ولا حل معهم سوى الاعتراف بحقوقهم وإنهاء الاحتلال.
جدير بالذكر أن الكاتب آرى شبيت كان قد أصدر مؤخرا كتابا حمل عنوان «الحرب الوجودية»، ركز فيه على كيفية تعامل إسرائيل فى معركتها الوجودية الحالية بعد هجوم حماس يوم 7 أكتوبر 2023، اقترح أن تعمل إسرائيل على تقليص خسائرها فى غزة والشمال، والموافقة على وقف إطلاق النار وإعادة الرهائن، ثم إجراء انتخابات سريعة للكنيست تؤدى إلى ظهور قيادة وطنية جديدة. ويبقى سؤال واحد دون إجابة: من الذى يرغب فى العيش فى هذا البلد؟ لا شك أن شافيت يدرك جيدا موجة الأكاديميين والأسر العلمانية الثرية المهاجرة من إسرائيل، والتى بدأت مع الانقلاب الدستورى فى العام الماضى والمخاوف من القمع الدينى، وتصاعدت أثناء الحرب. فهل يتخيل أن أولئك الذين يغادرون إسرائيل سيعودون ليخدم أبناؤهم فى الجيش إلى الأبد؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى