روجينا فتح الله تكتب: لماذا تحاكمون المرأة مرتين؟
صحفيّة متخصصة في ملف المرأة

في مجتمع لا يرحم، تُدان المرأة إذا طلّقت، وتُدان إذا لم تتزوج أصلًا، وتُدان أكثر إذا تزوجت ثانية، وكأنها دائمًا في قفص الاتهام، يُنتزع منها حقها في الحياة، وتُصادر خياراتها، فقط لأنها أنثى.
المطلقة في نظر البعض “كسيرة”، رغم أنها ربما أنقذت نفسها من حياة لا تُحتمل.
العانس – وهو وصف مجحف في ذاته – يُنظر لها كأنها ناقصة أو مرفوضة، بينما قد تكون اختارت الكرامة على الارتباط الخاطئ.
أما الزوجة الثانية، فهي المتهمة الكبرى في محكمة الأخلاق، حتى لو دخلت علاقة شرعية معلنة، يتحمل مسؤوليتها طرفان، لا طرف واحد.
لماذا كل هذه القسوة؟
لماذا نُصر على محاكمة المرأة وحدها على قرارات مشتركة أو ظروف خارجة عن إرادتها؟ هل الطلاق عيب؟ هل عدم الزواج جريمة؟ هل الزواج الثاني خيانة؟
أسئلة لا بد أن تُطرح بصدق، بعيدًا عن ازدواجية المعايير، لأن كثيرًا من الأحكام لا تُبنى على منطق، بل على ميراث ثقافي مشوّه يُحمّل المرأة كل الأوزار.
المرأة المطلقة ليست مشروع فشل، بل قد تكون صاحبة قرار شجاع، التي لم تتزوج ليست “نصف إنسانة”، بل قد تكون مكتفية، ناجحة، ومُشبَعة بأدوارها الأخرى.
أما التي قبلت أن تكون زوجة ثانية، فربما وجدت في هذا الزواج احتياجًا إنسانيًا لا يعنينا تقييمه، ما دام قد تم برضاها ورضا الطرف الآخر.
كفى جلدًا للنساء.. كفى تحويل كل مسار غير تقليدي في حياتهن إلى “فضيحة مجتمعية”، افتحوا عيونكم على الجوهر لا الشكل، على الإنسان لا القالب، على الحرية لا الوصاية.
حرروا عقولكم أولًا، قبل أن تطالبوا المرأة بأن “تُرضيكم” بأي شكل!