التأمين والسلامة المرورية: حماية للأرواح والممتلكات على الطرق

كتب / عاطف طلب
تُعد حوادث المرور من التحديات العالمية التي تُخلف خسائر بشرية ومادية فادحة، وتُلقي بظلالها على المجتمعات والاقتصادات. وفي ظل سعي الحكومات والجهات المعنية للحد من هذه الظاهرة، يبرز دور التأمين كعنصر محوري لا يقتصر على تعويض الأضرار فحسب، بل يمتد ليشمل تعزيز السلامة المرورية والوقاية من الحوادث.
مخاطر حوادث المرور وتكاليفها الباهظة
تشير الإحصائيات العالمية، ومنها بيانات منظمة الصحة العالمية لعام 2023، إلى أرقام صادمة:
- 1.19 مليون وفاة سنويًا جراء حوادث المرور.
- 20 إلى 50 مليون إصابة غير مميتة، يُصاب العديد منهم بإعاقات دائمة.
- تُعد إصابات حوادث المرور السبب الرئيسي للوفاة بين الأطفال والشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و 29 عامًا.
- تتحمل الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل 92% من وفيات حوادث الطرق، رغم امتلاكها نحو 60% فقط من المركبات العالمية.
- تُكلف حوادث المرور معظم البلدان 3% من ناتجها المحلي الإجمالي.
تُظهر هذه الأرقام حجم التحدي، وتُسلط الضوء على الحاجة المُلحة لابتكار حلول شاملة للحد من تكرار وشدة هذه الحوادث.
التأمين: أداة أساسية لتعويض الأضرار وتخفيف الأعباء
على الرغم من أن التأمين لا يمنع وقوع الحوادث، إلا أنه يلعب دورًا حيويًا في التخفيف من آثارها المالية على الأفراد والمجتمعات.
التأمين الإلزامي على المركبات: حجر الزاوية في الحماية
يُعد التأمين الإلزامي على المركبات، الذي تشترطه معظم دول العالم، بمثابة شبكة أمان أساسية. فهو يُغطي المسؤولية المدنية تجاه الغير، ويضمن حصول الضحايا على تعويضات عن الوفاة، الإصابات الجسدية، والأضرار المادية التي تلحق بممتلكاتهم.
في مصر، يُلزم القانون رقم 72 لسنة 2007 جميع مالكي المركبات بالحصول على وثيقة تأمين إجباري. وتضطلع المجمعة المصرية للتأمين الإلزامي عن المسؤولية المدنية الناشئة عن حوادث المركبات بدور محوري في صرف هذه التعويضات، التي تصل إلى 100 ألف جنيه مصري في حالات الوفاة أو العجز الكلي المستديم، و20 ألف جنيه للأضرار المادية للغير (باستثناء تلفيات المركبات).
الصندوق الحكومي: ملاذ للحالات الاستثنائية
بالإضافة إلى المجمعة، يعمل الصندوق الحكومي لتغطية الأضرار الناتجة عن حوادث مركبات النقل السريع على توفير الحماية في حالات خاصة، مثل عدم معرفة المركبة المسؤولة عن الحادث، أو عدم وجود تأمين، أو إعسار شركات التأمين، أو حوادث المركبات المعفاة من الترخيص. ويُقدم الصندوق تعويضات تصل إلى 40 ألف جنيه للورثة في حالات الوفاة أو العجز الكلي المستديم.
التغطيات الاختيارية: حماية إضافية ومسؤولية أكبر
تُقدم شركات التأمين خيارات إضافية تُعزز من الحماية المتوفرة:
- تأمين الحوادث الشخصية: يُقدم تعويضات إضافية تتجاوز حدود التأمين الإلزامي للسائق أو الركاب، وتُغطي الوفاة أو العجز الكلي/الجزئي المستديم، وأحيانًا مصاريف العلاج.
- تأمين المسؤولية المدنية العامة: يُوفر تغطية مالية أعلى بكثير من التأمين الإلزامي، وقد تصل إلى ملايين الجنيهات، ويشمل الوفاة، الإصابات الجسدية، الأضرار المادية لممتلكات الغير، وحتى التكاليف القانونية للدفاع عن المؤمن له.
التأمين: شريك في تعزيز السلامة على الطرق
يتجاوز دور التأمين مجرد التعويض المالي، ليُصبح شريكًا فاعلاً في جهود تعزيز السلامة المرورية من خلال:
- تحفيز القيادة الآمنة: تُقدم شركات التأمين أقساطًا أقل للسائقين ذوي السجل النظيف، وتخصيصات للسائقين الذين يستخدمون أنظمة التأمين القائمة على الاستخدام (مثل التليماتيك)، مما يُشجع على السلوكيات الآمنة.
- تحليل البيانات وتوجيه الجهود: تُسهم البيانات الضخمة التي تجمعها شركات التأمين عن الحوادث وسلوكيات القيادة في تحديد المناطق عالية الخطورة، فهم اتجاهات الحوادث، وتطوير حملات توعية فعّالة.
- تعزيز الوعي بالسلامة المرورية: تُشارك شركات التأمين في الحملات التعليمية والبرامج التوعوية لرفع الوعي بأهمية القيادة الآمنة.
- دعم التطورات التكنولوجية: تُشجع شركات التأمين على استخدام أنظمة التليماتيك والسيارات الذكية التي تُساهم في تقليل الحوادث من خلال مراقبة سلوك السائق وتوفير مزايا أمان متقدمة.
الاتحاد المصري للتأمين: رؤية مستقبلية لسلامة الطرق
يُؤكد الاتحاد المصري للتأمين على الأهمية الحيوية لدور قطاع التأمين في تعزيز السلامة المرورية، ويسعى إلى:
- توسيع استخدام التكنولوجيا الحديثة: مثل أنظمة مراقبة سلوك السائق عن بعد والتأمين القائم على الاستخدام، لربط القسط التأميني بسلوك السائق ودرجة الاستخدام.
- تعزيز التعاون: بين شركات التأمين والجهات الحكومية لتبادل البيانات وتطوير سياسات وقائية أكثر فاعلية.
- مواكبة التطورات التكنولوجية: بإصدار وثائق تأمين مخصصة للسيارات الكهربائية، ودراسة إصدار وثائق تأمين جديدة تشمل التأمين على قدر الاستخدام وتأمين السيارات الذكية.
- رفع الوعي المجتمعي: بأهمية التأمين كجزء لا يتجزأ من منظومة السلامة على الطرق.
مع استمرار التطورات في قطاع النقل، يُصبح دور التأمين أكثر أهمية في توفير الحماية المالية، وتحفيز القيادة الآمنة، والمساهمة بفاعلية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالسلامة على الطرق، بما في ذلك خفض الوفيات والإصابات الناجمة عن حوادث المرور بنسبة 50% بحلول عام 2030.
https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/S0965856415000324
https://blogs.worldbank.org/en/transport/how-insurance-industry-can-make-our-roads-safer
https://eqtisadnow.com/10-%D8%AF%D9%88%D9%84-%D8%A8%D9%87%D8%A7-%D8%A3%D9%83%D8%A8%D8%B1-%D8%B9%D8%AF%D8%AF-%D9%85%D9%86-%D8%AD%D9%88%D8%A7%D8%AF%D8%AB-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D9%8A-%D8%B9/?utm_campaign=nabdapp.com&utm_medium=referral&utm_source=nabdapp.com&ocid =Nabd_App
https://gfiainsurance.org/topics/567/road-safety
https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/S2213624X22001973
https://www.who.int/ar/publications/i/item/9789240086456