روجينا فتح الله تكتب: عندما تصنع الفتيات التغيير حتى وإن كنّ من ذوي الإعاقة

صحفية متخصصه في ملف المرأة

في زمنٍ لم يعد فيه الحديث عن تمكين المرأة ترفًا أو موضوعًا نخبويًا، تظهر مبادرات مثل “نورة” لتُثبت أن الاستثمار الحقيقي في الإنسان يبدأ من الفتاة، لا سيما حين تكون على هامش المجتمع: ريفية، فقيرة، أو من ذوي الإعاقة.

على أرض محافظة سوهاج، وفي قرى مثل طما وأخميم والمراغة، كانت هناك خطوة جريئة… ليست فقط نحو إدماج الفتيات، بل لإعادة تعريف المجتمع كله لمعنى الشمول والاحتواء.

دمج فتيات من ذوي الإعاقة داخل برنامج “نورة” لم يكن مجرد بند جديد في خطة تدريب، بل كان فعلًا إنسانيًا ورسالة واضحة: “لا أحد يُترك خلف الركب”.

في أربع ورش تدريبية، تم تأهيل 100 ميسّرة على كيفية التعامل مع الفتيات من ذوي الإعاقة، تَعلّمنَ كيف يَفهمن الإعاقة، لا من باب الشفقة، بل من باب المعرفة والتمكين، وهذا، في حد ذاته، كسرٌ لحاجز طويل من التجاهل.

“نورة” لم تَأتِ من فراغ، بل كامتداد لمشروع “حياة كريمة”، وتعبير فعلي عن توجه الدولة لجعل التمكين عملية مجتمعية وليست فقط حكومية.

استجابة مجتمعية حقيقية، لا بالتصفيق، بل بالمشاركة الفعلية، أمهاتٌ يأتين طوعًا، ميسّراتٌ يُعدن النظر في أدوارهن، فتياتٌ يبدأن بالتعبير عن ذواتهن.

فبعد “نورة”، جاء “نور” ليُكمل المشهد: برنامج مماثل للفتيان، لزرع قيم التفاهم والاحترام والدعم المتبادل، فتمكين الفتاة لا يكتمل دون بناء فتى يعرف كيف يرى فيها شريكة لا تابعًا.

من المهم أن ندرك “نورة” ليست مجرد مبادرة تعليمية أو صحية، إنها انعكاسٌ لفلسفة جديدة ترى أن التمكين يبدأ مبكرًا، ويُصمَّم بوعي بالبيئة والسياق.

نعم، المرأة في الصعيد لم تعد متلقية فقط، بل أصبحت فاعلة ومؤثرة، ونورة واحدة من أدواتها في شق هذا الطريق، لذلك أدعو أن تمتد “نورة” إلى كل قرية ونجع، أن تَصل إلى كل فتاة ترى الإعاقة قيدًا، فيُفتح لها باب وأن نُعيد تعريف التنمية: ليس فقط بالطرقات والمباني، بل بمن نمنحهم الحق في الحلم.

فالتمكين ليس شعارًا… التمكين هو “نورة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى