ليبيا على صفيح ساخن.. أعضاء بمجلس النواب يتهمون البعثة الأممية بعرقلة المسار..
وقوى الصراع السياسي شعارهم "اتفقنا علي أن ألا نتفق"
كتبت/ صفية الدمرادش
يبدو أن كافة القوى السياسية والحزبية في ليبيا اتفقوا على ألا يتفقوا حول فكرة الخروج من عنق الزجاجة التي تسيطر على المشهد السياسي الضبابي الذي تمر به البلاد في ظل الأوضاع الأمنية والاقتصادية المتردية في ليبيا انتظارا لقرار موحد يرضي جميع الأطراف المتعارضة حول تشكيل حكومة جديدة في ظل تبادل الاتهامات والتراشق بين مجلس النواب ومجلس الدولة حول القوانين التي أنجزتها لجنة 6+6.
وحول تطورات الأوضاع في البلاد، أعلن المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي، استمرار الخلافات حول قوانين الانتخابات المقبلة وتشكيل حكومة موحدة رغم التوافقات التي توصلت اليها لجنة 6+6 من المنظور السياسي، إلا أن إلزام القوانين بإجراء جولة ثانية للانتخابات الرئاسية بغض النظر عن الأصوات التي يحصل عليها المترشحين، والتي من الممكن أن يساء استخدام هذا البند لاستبعاد المرشحين من الجولة الثانية، والتشكيك في نتيجة الأغلبية المحتملة وتعطيل العملية الانتخابية برمتهاوتعرضها لخطر التعطيل والرجوع لنقطة الصفر مرة أخرى تكرارا ل لسيناريو ديسمبر 2021 أو أزمة أغسطس 2022.
وكشف باتيلي، أن الصراع القائم بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة حول القوانين بالإضافة إلى قضية تشكيل الحكومة الجديدة والربط بين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية محل خلاف شديد لا يمكن حسمه، خاصة في احتمالية إساءة استخدام الاشتراطات المرتبطة بالجولة الثانية الإلزامية للانتخابات الرئاسية والتي من المقرر لها أن تعرض العملية الانتخابية برمتها لخطر أزمة سياسية أخرى، في حال عدم استكمال لجنة (6+6) للقوانين الانتخابية باعتبارها فرصة لكسر الجمود الحالي في ليبيا.
وبدورها أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا انها توصلت خلال مراجعتها لقوانين الانتخابات في لجنة 6+6، انها مخيبة لآمال الليبيين الذين وصفوها بـ”معرقلة” لإجراء الانتخابات وتعمل لصالح أطراف معينة، مشيرةً إلي أن قوانين اللجنة بها قضايا خلافية من الضروري حلها عبر تسوية سياسية نظرا لحالة انعدام الثقة بين السياسيين والعسكريين والأمنيين في ليبيا.
وأوضحت البعثة الأممية أن القضايا الخلافية في القوانين تأتي بإلزام عقد جولة ثانية للانتخابات الرئاسية بغض النظر عن الأصوات التي يحصل عليها المرشحون،
والنص على الربط بين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وهو ما يجعل انتخابات مجلس الأمة مرهونة بنجاح الانتخابات الرئاسية، ومسألة تشكيل حكومة موحدة لقيادة البلاد وبالتالي الأمر معقد ويحتاج إلى إبداء حسن النية والدخول في حوار بنّاء لمعالجة هذه القضايا ذات الطبيعة السياسية التي طال أمدها بشكل نهائي وحاسم للسير بالبلد نحو السلام واللحاق بركب التنمية قبل فوات الآوان.
فيما أكد السفير محمد بوشهاب نائب مندوب دولة الإمارات لدى مجلس الأمن، ضرورة توصل جميع الأطراف الليبية إلى حلول توافقية بشأن إجراء الانتخابات بالبلاد برعاية الأمم المتحدة، مشدداً على ضرورة اتخاذ إجراءات ملموسة المرحلة القادمة لإغاثة الشعب الليبي والحفاظ على ثرواته واعطاء مؤسسات الاستثمار الليبية صلاحيات للعمل وتخفيف العقوبات.
وشدد أبوشهاب، علي ضرورة غلق جميع الصفحات الخلافية وتغليب مصلحة الشعب الليبي وتطلعاته نحو الأمن والاستقرار من خلال تيسير عملية المفاوضات نحو تشكيل حكومة موحدة تقود البلاد نحو انتخابات ديمقراطية تمهيدا لسحب كافة القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب والمرتزقة من البلاد بشكل متزامن، ومرحلي، وتدريجي، مشيراً إلى أن إحلال الاستقرار المستدام في ليبيا، يتطلب مواصلة الجهود لإنجاح المصالحة الوطنية بليبيا.
في المقابل جاءت تصريحات البعثة الأممية مثيرة لغضب السياسيين في ليبيا الذين اعتبروا تدخلا مرفوضا في شئون البلاد وتخطيا للدور المنوط لها القيام به وهو دعم ومساندة الوصول إلى اتفاقات وتفاهمات فقط وليس الشروع في وضع قواعد تنظم العملية السياسية علي حد تعبير عضو مجلس النواب المبروك الخطابي، الذي أكد عدم حياد المبعوث الأممي عبد الله باتيلي، وإصراره على عدم تشكيل حكومة موحدة.
وأضاف الخطابي، أن الطرفين المعنيين بالقوانين الانتخابية هما مجلسي النواب والدولة وتم التوافق بينهما من خلال لجنة 6+6، لافتاً إلى أن تدخل البعثة يعرقل الاتفاق السياسي ويسهم في إطالة عمر حكومة دبيبة وعدم تشكيل حكومة جديدة موحدة، لاسيما وأن المبعوث الأممي شخص غير مرغوب فيه وأن البعثة برئاسته منحازة إلى بعض الأطراف التي تعرقل مسار الانتخابات.
وقال عضو مجلس النواب ميلود الأسود، إن القوانين الانتخابية نافذة وملاحظات البعثة الأممية ليست فنية كما قالت وإنما متركزة حول تشكيل الحكومة، مشيرا إلي أن البعثة الأممية والدول التي وراءها لن ترضى برئيس حكومة لم يتفقوا عليه مسبقاً ولا على طريقة اختياره، وأن البعثة الأممية والدول الداعمة لها يريدون انتخابات برلمانية فقط ولن يقبلوا بانتخابات رئاسية،لذا نرفض الوصاية على الشعب الليبي المقرر له اختيار من يحكمه دون تدخل خارجي في اختياراته.
ويرى مراقبون أن استمرار الخلافات في ليبيا دون حسم سيؤدي في النهاية إلى حدوث انقسام كامل بين غرب ليبيا، وشرقها وجنوبها، وربما ينتهي المطاف بوجود دولتين مثلما حدث في السودان.