ما دورك عندما يحاول الغرباء تأديب طفلك؟
كتبت / مريم محمد
تزعج بعض سلوكيات الأطفال الخاطئة الأبوين وتضعهم في مواقف محرجة، لا سيما إذا وقعت تلك الأخطاء في الأماكن العامة أو في التجمعات العائلية، وقد يتطوع بعض الموجودين بتوجيه طفلك وتأديبه دون موافقة والديه، وهو سلوك انفعالي يصدر من البالغين بحسن نية أو لفقدان السيطرة على النفس، فما الدور الصحيح للأبوين إذا تعرض طفلهما لهذا الموقف؟
تخلق هذه المواقف مجموعة من المشاعر المتباينة، مثل الصدمة والغضب والإحراج والرغبة في عتاب الطفل وطمأنته في الوقت نفسه، لكن رد الفعل الأولي الذي يجب أن يتحلى به الأبوان هو الحكمة قبل اتخاذ أي موقف.
كيف تعالجين الموقف؟
ينقل موقع “فيري ول فاميلي” عن بريتاني شافنر، مشرف تعليم الأزمات في جناح الصحة السلوكية ومستشفى الأطفال الوطني بولاية أوهايو الأميركية، قولها “عندما يصرخ أحد البالغين في وجه طفلك -بغض الطرف عما إذا كان قد فعل شيئًا خاطئًا أو لا- فمن الطبيعي أن تبدأ غريزتك الدفاعية في العمل لحماية طفلك، لكن ينصح الخبراء أن تتأني للحظات قبل فعل أو قول شيء ما”.
تحققي من المشكلة
قبل توجيه اللوم أو مخاطبة الشخص الذي يصرخ في وجه طفلك، من المهم التحقق من الواقعة برواية الطفل.
ينبغي لك أن يشعر طفلك بالأمان، مع محاولة تحديد ما حدث حتى لو لم يستطع الطفل أن يروي الموقف بصورة كاملة وسليمة، ولكن على الأقل سيكون لديك بعض الإحساس بتصور طفلك.
طفلك أولًا
تقول الدكتورة لوري هولمان، محللة نفسية إكلينيكية “إذا لم تفهمي أولًا ما يدور في ذهن طفلك، فلا يمكنك أن تقرري ما يجب فعله حيال ذلك، حتى لو كان الأمر محرجًا لك، ضعي طفلك في المركز الأول من ترتيب أولوياتك، وليس أنت أو الشخص البالغ الآخر”.
ينجرف بعض الآباء وراء السلوك الانفعالي للغرباء أحيانًا، فيطلبون من الطفل الاعتذار مباشرة من دون تفكير أو مراجعة، لكن خبراء التربية يشدّدون على ضرورة فهم مسوغات سلوك الطفل.
ضعي الحدود وانزعي فتيل الأزمة
على الجانب الآخر، سواء كنت تعرفين الشخص الذي وبّخ طفلك أو لا، من المهم أن تحتفظي بهدوئك، مع ضرورة الانتباه إلى لغة جسمك ونبرة صوتك. تعاملي مع الموقف بسلوك هادئ وتحدثي بنبرة حازمة، ولكن من دون توجيه اللوم أو الإهانة لطفلك.
يعدّ وضع الحدود أمرًا مهمًا عندما يصرخ شخص ما في وجه طفلك. حيث يساعد في منع الموقف من التصعيد أكثر. يمكن أن تقولي “أنا أقدر الموقف، ولكن من فضلك لا تصرخ في وجه طفلي”، بهذه الكلمات أنت تؤكدين تقديرك للموقف، ولكنك -أيضًا- تضعين حدًا للسلوك المقبول مع طفلك.
تقول عزة فتحي، خبيرة التربية وتعديل السلوك للجزيرة نت “احتواء الأزمات لا يعني التهاون في حق طفلك، والتعامل بحزم مع الطرف الآخر يصبح ضرورة حتى يشعر طفلك بالأمان، تذكري أن المعركة -إن كان يصح تسميتها بذلك- ليست عادلة، فنحن أمام شخص بالغ فقد أعصابه أمام طفل أخطأ”.
وتابعت “لا تنغمسي في الحديث حول تفاصيل الأزمة، لكن يجب توضيح آثار الموقف الذي تعرض إليه طفلك من قِبل الطرف الآخر. ولكن تجنبي أن تصبحي طرفًا في الأزمة بحيث إنك تدافعين عن خطأ ارتكبه طفلك تجاه الآخرين، إذ يجب أن توضحي للطرف الآخر أنك تقدرين الموقف، لكنك ترفضين رد الفعل الحاد تجاه طفلك”.
كيف يتجاوز طفلك الأزمة؟
حسنًا، لقد انتهى الموقف. ماذا عن طفلك؟ كيف تعيدين إليه الثقة؟ وكيف يتعلم من أخطائه؟
ينبغي للأم أن تسأل نفسها مجموعة من الأسئلة قبل توجيه النصح لطفلها:
- من دون تهويل أو تهوين للموقف: هل أخطأ طفلك بالفعل؟
- هل يدرك طفلك الخطأ الذي فعله؟
- هل تعمد إيذاء الآخرين أو ارتكب الفعل دون قصد؟
- هل عمر الطفل يتناسب مع الخطأ الذي وقع فيه؟
- هل يشعر الطفل بالندم أو بالتعرض للظلم الشديد؟
بناء على الأسئلة السابقة يجب أن يدرك الأبوان كيفية إدارة الموقف، فخطأ الطفل ذي السنوات الخمس يختلف إذا ارتكبه طفل عمره عشر سنوات.
تقول شافنر “إن الأطفال يواجهون مجموعة متنوعة من المشاعر حول ما يتعلق بالمواقف العصيبة. الشيء المهم الذي يجب معرفته هو أن الأطفال يتأثرون بمشاعر الكبار، لذا من المهم التحقق من حالاتنا العاطفية أثناء تلك المواقف العصيبة وبعدها”.
وتضيف “نحن أعظم نموذج وأداة في مساعدة الأطفال على التعلم، وإظهار كيفية التعامل مع المواقف العصيبة يساعد الأطفال على تعلم المهارات التي يحتاجون إليها أثناء نموهم، مثل التنظيم العاطفي. لذا ننصحك بإجراء محادثة مع طفلك حول الأزمة، والمشاعر التي مرّ بها، وما يمكننا تعلمه من التجربة”.
وأخيرًا، على الرغم من أنه ليس من المقبول أن يصرخ شخص بالغ آخر في وجه طفلك، فإنه من المهم أن تكون لبقًا ومتعاطفًا. فإنك تُظهر لطفلك أنه بينما قد يكون هناك شيء ما مزعج، لا يزال بإمكانك اختيار الرد بطريقة هادئة.