أضرار صحية جمة لمعطرات الجو المنزلية.. فما البديل؟
كتبت / مريم محمد
تستخدم الكثير من ربات المنازل معطرات الجو بأنواعها لبعث روائح منعشة في البيت، دون أن ينتبهن إلى أن بعض هذه الملطفات تحتوي على مواد كيميائية خطرة تضيف سموما غير مرئية إلى الهواء.
تَلوث الهواء الداخلي تسبب في وفاة أكثر من 3 ملايين شخص عام 2020، وهو يقارب عدد الضحايا الذي سببته ملوثات الجو الخارجية التي تحظى باهتمام أكثر من الباحثين وواضعي السياسات في العالم، وذلك حسبما ذكر موقع “نيتشر”.
وتزداد المشكلة خطورة كون معظم الناس يقضون من 80% إلى 90% من وقتهم داخل المنازل أو المدارس وأماكن العمل، ولكن على عكس المعايير العالمية لضبط تلوث الهواء الخارجي الذي تراقبه المؤسسات الصحية والبيئية في أغلب الدول، فإن مراقبة تلوث الهواء الداخلي تبقى بلا معايير أو قوانين واضحة لضبطه والسيطرة عليه.
تقول الدكتورة آن هيكس، المتخصصة في أمراض الرئة بجامعة ألبرتا لموقع هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، إن “الرائحة المنعشة ليست مجرد رائحة فقط.. فهي تحتوي على مواد كيميائية تدخل إلى جسدك عن طريق أنفك، وهنا يكمن الخطر سواء كانت رائحته طيبة أو سيئة. تلوث الهواء الداخلي ضخم، وحدوده غير معروفة نسبيا وذلك لأن منزل جاري له بصمة تلوث هواء مختلفة عن الموجودة في منزلي”.
روائح منعشة.. ولكن!
يقول الأستاذ المساعد في الكيمياء والهندسة الميكانيكية في جامعة كارنيغي ميلون الدكتور ريان سوليفان لصحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، “بالنسبة إلى الكيميائي، فإن (النظافة) لن تكون في الواقع رائحة، لأن الرائحة ناتجة عن مادة كيميائية.. النظافة تعني مستويات منخفضة جدا من المواد الكيميائية”.
وتعتبر معطرات الجو من بين فئة أوسع من المنتجات اليومية التي يقول العلماء إنها محملة بمواد كيميائية تتسبب في اضطرابات هرمونية ومشاكل في الجهاز التنفسي، وفي كثير من الحالات، لا يملك المستهلكون الذين يستخدمون معطرات الجو أي وسيلة لمعرفة ما هو موجود في المنتج، أو ما إذا كان ساما.
ما المواد المستخدمة في معطرات الجو؟
تحتوي معطرات الهواء أكثر من 100 مادة كيميائية، بما فيها “المركبات العضوية المتطايرة” مثل الفورمالديهايد، البنزين، التولوينن، الإيثيل بنزين، والزيلين.
ويمكن أن تتفاعل هذه المواد مع المركبات التي تحدث بشكل طبيعي في الهواء وتشكل ملوثات ثانوية تؤدي إلى تدهور جودة الهواء الداخلي.
يقول سوليفان إن “المكونات الرئيسية” لتلوث الهواء هي المُركبات العضوية المتطايرة، والمؤكسدات، وأشعة الشمس في المنازل، ويمكن أن تعمل “مصابيح الفلوريسنت”، التي تطلق الضوء فوق البنفسجي، بديلا عن أشعة الشمس كما تتفاعل العديد من جزيئات العطر الموجودة في ملطفات الجو مع المواد المؤكسدة، مثل تلك المنبعثة من مواقد الغاز.
أثر معطرات الجو على الصحة
تختلف تأثيرات معطرات الجو اعتمادا على المواد الكيميائية الموجودة فيها وطبيعة الشخص الذي يشمّها، فالمصاب بأمراض تنفسية كالربو يكون أكثر حساسية تجاه المنتجات المعطرة، وفقًا لوكالة حماية البيئة الأميركية.
كما أن 75% من معطرات الجو المصنفة من قبل مجموعة العمل البيئية -وهي منظمة غير ربحية مقرها واشنطن- تحتوي على مخاطر “محتملة” على الصحة أو البيئة بناءً على المخاوف التي يشكلها التعرض لمكوناتها.
وقد يؤدي التعرض لمستويات عالية من المركبات العضوية المتطايرة إلى آثار صحية ضارة، مثل الصداع النصفي ونوبات الربو وصعوبات التنفس والمشاكل العصبية.
ويزداد ضرر معطرات الجو بمرور الوقت، وفقا للبروفيسورة كلوديا ميلر، الأستاذة الفخرية في قسم طب الأسرة والمجتمع في مركز العلوم الصحية بجامعة تكساس وفق تقرير “واشنطن بوست”.
ويرى الدكتور ريان سوليفان أن مصدر القلق الرئيسي هو الآثار المزمنة لمعطرات الجو ومنتجات التنظيف التي تحتوي على مواد كيميائية يمكن أن تسبب السرطان أو تعطل عمل الهرمونات. ويوضح قائلا “إن بعض هذه المواد الكيميائية، مثل (الفثالات)، لها تأثير سام عند التعرض لها بجرعات منخفضة -كما هو الحال مع معطرات الجو- وذلك لأن نظام الهرمونات الطبيعي لدينا مصمم للاستجابة لمستويات الهرمونات المنخفضة”.
ووجد اختبار أجراه مجلس الدفاع على الموارد الطبيعية عام 2007 أن “الفثالات” تُستخدم لإطالة رائحة العطور بالهواء في 12 من 14 معطرًا للجو تمت دراستها بما فيها المصنفة على أنها “طبيعية بالكامل” و”عديمة الرائحة”.
ما الحل؟
بعض النباتات لها روائح طبيعية منعشة وعطرة، ولا يقتصر أثرها الإيجابي على تلطيف الجو بل يتعداه إلى تحسين الصحة العقلية للبشر.
نستعرض لكم 4 نباتات عطرية تعتبر بديلا مثاليا عن معطرات الجو بحسب موقع “هاوس بيوتيفل”، ويمكن وضع أصصها في البيت أو استخدامها مجففة.
1- اللافندر
يشتهر بتأثيره المهدئ والمريح للأعصاب ورائحته المنعشة، وهو نبات رائع في غرفة النوم لمساعدتك على نوم مريح، كما أنه يخفف أعراض التوتر والقلق والاكتئاب.
2- زهور الغاردينيا
تستخدم هذه الزهور البيضاء الجميلة في العطور، ويمكنها أن تحافظ على رائحة الغرف منعشة لأشهر. كما تحتوي على مادة كيميائية تقلل من مقاومة الإنسولين وتساعد في منع ارتفاع نسبة السكر في الدم، وتقلل من القلق والاكتئاب وتساعد الجسم على الاسترخاء.
3- النعناع
لا يستخدم النعناع لإعطاء نكهة مميزة للشاي فقط، بل يمنح منزلكِ رائحة منعشة ويمكنك وضعه على حافة نافذة مطبخك. ويعمل على تحسين وظائف الدماغ، حيث وجد أن استنشاق عطر النعناع خمس دقائق يحسن الذاكرة بشكل ملحوظ.
4- إبرة الراعي
عشبة متميزة تابعة لفصيلة تُعرف باسم “الغرنوقيات”، ولها رائحة قوية ومنعشة، ويزرع منها نحو 100 نوع وكل نوع منها برائحة مختلفة، وتعتبر معطرا طبيعيا ممتازا للبيوت.