بلاك ووتر وفاغنر.. صراع روسي- أميركي في “الحروب المظلمة”
كتب/ سالم الشمري
خارج ميادين الحروب الرسمية، تتسابق شركات أميركية وروسية في مضمار “الحرب بالوكالة”، مثل “فاغنر” و”بلاك ووتر”.
وقبل ساعات، أقر رجل الأعمال الروسي المقرّب من الكرملين، يفغيني بريغوجين، بأنه أسس مجموعة “فاغنر” المتخصصة في توفير المرتزقة عام 2014 للقتال في أوكرانيا، ثم انتشارها في إفريقيا وأميركا اللاتينية.
ووفق خبراء أمنيين، فإن “فاغنر” استنساخ للتجربة الأميركية في مجموعة “بلاك ووتر” التي اشتهرت بعملياتها في العراق وأفغانستان.
أهداف روسية
في أبريل 2012، عندما سُئل رئيس الوزراء آنذاك فلاديمير بوتين في مجلس الدوما (البرلمان) عما إذا كان يؤيد إنشاء شركات عسكرية خاصة، رد بما يكشف الأهداف الروسية من وراءها قائلا بأن هذه الشركات “من أدوات التأثير في الخارج لتحقيق مصالح وطنية دون تدخل مباشر من الدولة، واعتبرها أقل تكلفة من الجنود النظاميين”.
تكليف هذه الشركات بعمليات في الخارج يسمح للدولة بإنكار تورطها في نزاعات تود توجيهها لصالحها، لأن مقاتلي هذه الشركات ليسوا رسميين، كما تشير مؤسسة “أميركا الجديدة”.
تستخدم موسكو هذه الشركات في المناطق التي يؤثر الصراع فيها على صادرات الطاقة والأسلحة.
تأسيس فاغنر ومهامها
تأسست في كراسنودار الروسية عام 2014 وكان المسؤول عنها ضابط روسي وصل لرتبة عقيد.
شعارها “الجمجمة”، وعدد أفرادها 10 آلاف، أكثرهم خدموا في الجيش الروسي.
وتتخصص “فاغنر” في 3 مهام:
– توفير المرتزقة.
– حرب المعلومات والتضليل التجاري.
– استغلال الموارد الطبيعية في البلاد المنتشرة بها.
من أوكرانيا إلى فنزويلا
من أوكرانيا وآسيا الوسطى، إلى سوريا والسودان وليبيا وجمهورية إفريقيا الوسطى ومدغشقر ومالي، وصولا لفنزويلا، تضرب “فاغنر” بأقدامها شرقا وغربا، كما يؤكد مركز (CSIS) الأميركي.
نفذت أولى عملياتها بأوكرانيا عام 2014، وحينها اعترضت استخبارات الإشارات الأوكرانية 3 محادثات هاتفية بين المسؤول عن العمليات التشغيلية في “فاغنر” دميتري أوتكين مع قيادات في الجيش الروسي.
وصفت واشنطن “فاغنر” بأنها “قوة بالوكالة” لوزارة الدفاع الروسية، وفرضت عليها عقوبات عام 2017 طالت أوتكين أيضا.
ما الأهداف الأميركية من “بلاك ووتر”؟
رغم الغضب الأميركي من “فاغنر” إلا أن واشنطن سبقتها بالمجموعة الأشهر “بلاك ووتر”.
في 1997 أسس “بلاك ووتر” ضابط البحرية الأميركي السابق إريك دين برن.
لديها أسطول هليكوبتر ومدفعية ووحدة محمولة جوا للتجسس، وتمتلك أكبر موقع للرماية في الولايات المتحدة.
حصلت عام 2000 على أول عقد من الحكومة بعد عمل إرهابي استهدف المدمرة الأميركية “يو إس إس كول”.
منذ 2014 تعمل تحت اسم Constellis، ويقدر أفرادها بنحو 21 ألفا.
تنتشر في أفغانستان والعراق وغيرهما في إفريقيا وآسيا وحتى أميركا اللاتينية.
مهامها التدريب والاستشارات الأمنية والحراسة وتهريب السلاح.
تاريخ قديم جديد
وعن اعتماد الدول على جماعات المرتزقة، قال اللواء محمد عبد الواحد، خبير الأمن القومي والعلاقات الدولية، إن المرتزقة فكرة قديمة تعود لحروب اليونان والرومان.
وأضاف عبد الواحد في حديث لموقع “الجالية”: “حديثا ظهر مفهوم عمل المرتزقة بالحروب بقوة عقب الاحتلال الأميركي للعراق، متمثلا بـ(بلاك ووتر) التي ضمت جنسيات مختلفة، لتقليل خسائر الجيش الأميركي، وتبعتها شركات أخرى، لأنها تعفي الدول من المسؤولية”.
واعتبر الخبير في العلاقات الدولية أن “فاغنر” حققت مصالح موسكو في سوريا وأوكرانيا وإفريقيا الوسطى ومالي، حتى أنها ساعدت في الانقلاب العسكري بمالي، ودفعت القوات الفرنسية للرحيل عنها.