برنامج “توب غن” حقيقي.. لكن الطيارين لا يشبهون توم كروز

كتبت/ ميرا فتحي

أتى فيلم “توب غن: مافريك” (TOP GUN: MAVERICK) مفاجأة غير متوقعة لعام 2022، إذ تجاوزت إيراداته مليار دولار، ليصبح الفيلم الأعلى إيرادًا في تاريخ بطله توم كروز، متفوقًا حتى على الجزء الأول الذي يعده كثيرون “أيقونة” بين أفلام الثمانينيات من القرن الماضي.

تدور أحداث سلسلة أفلام “توب غن” حول برنامج للطيارين الأميركيين الفائقين التابعين للبحرية، ويتطلب صفات خاصة للمقبولين فيه، وعليهم القيام بمهمات خطرة للغاية، قد تمثل أحيانًا تهديدًا لحياتهم، ولكن مع نجاح الفيلم واكتسابه شعبية كبيرة أثير سؤال لدى كثير من المشاهدين: هل طيارو توب غن حقيقيون؟

من هم “توب غن”؟

برنامج “توب غن” بدأته البحرية عام 1969 لتقليل الخسائر القتالية في فيتنام، وبدأ تحت اسم “البحرية الجوية محطة ميرامار” في كاليفورنيا، حيث تم تصوير الجزء الأول من فيلم “توب غن”، وهذا الموقع هو الآن قاعدة جوية لسلاح المشاة البحرية، ومنذ التسعينيات تم نقل موقع “توب غن” إلى المحطة الجوية “فالون” بنيفادا.

ورغم تغير موقع الفرقة، والطائرات والتكنولوجيا على مر السنوات، فإن المهمة نفسها ظلت كما هي، إذ يهدف “توب غن” إلى تخريج نخبة من الطيارين المقاتلين في البحرية، ليصبحوا بعد ذلك مدرسين ينقلون أحدث المهارات والمعارف إلى طيارين آخرين، وبالتالي رفع الأداء التكتيكي لهم، وتجنب الخسائر الكبيرة التي حدثت خلال حرب فيتنام.

حصل البرنامج على لقب “توب غن” لأنه منذ بدايته كان يدور حول المدفعية، وليس فقط القدرة على الطيران بشكل مميز، المهم هنا هو استخدام المدافع على الطائرات بشكل فائق، والتصق به الاسم بعد ذلك نتيجة نجاح الجزء الأول من الفيلم عام 1986.

إن أفضل طريقة لوصف الهدف النهائي “لتوب غن” هي التأكد من أن الطيران البحري مدرب وجاهز، ولديه التكتيكات المطلوبة للفوز في القتال ضد أي خصم، وفي أي وقت.

لتحقيق هذا الغرض، يأخذ الطلاب في “توب غن” 3 دورات؛ فبالإضافة إلى دورة مدربي التكتيكات القتالية، تلك التي تم تصويرها في الأفلام، هناك دورتان مدة كل منهما 9 أسابيع. في البداية، يتعلم طيارو “توب غن” القدرات والتكتيكات التي تستخدمها الدول الأخرى حتى يتمكنوا من لعب دور العدو بشكل أكثر واقعية في التدريبات البحرية. وفي الثانية، يتعلم الطلاب (عبر أجهزة المحاكاة) كيفية تشغيل أجهزة الاستشعار الخاصة بهم.

ويستمر الخريجون عادة ليصبحوا مدربين في مدارس الأسلحة الأخرى التابعة للبحرية، لكنهم يساعدون أيضًا في تطوير الاختبارات التشغيلية للطائرات الجديدة التي هي قيد التطوير من خلال وضعها في سيناريوهات تكتيكية تُظهر إذا كانت الطائرة المقاتلة قادرة على ما يفترض أن تفعله. ويتم منح البعض فرصة ليصبحوا معلمين في “توب غن” نفسه.

“توب غن” بين الحقيقة والخيال

كانت لتوم كروز عدة طلبات قبل الموافقة على تقديم الجزء الثاني “توب غن: مافريك”، وعلى رأسها أن يكون الفيلم واقعيًّا قدر الإمكان، ورغم التحديات التي ينطوي عليها الأمر، فقد نجح الفيلم في أن يكون مقنعًا للغاية، لكن بالتأكيد هناك بعض التفاصيل الخيالية لتعزيز الحبكة الدرامية للفيلم، وإضافة التشويق اللازم.

ورغم أن برنامج تدريب “توب غن” حقيقي، فإن كأس “توب غن” ليس كذلك. في الواقع، قد يكون الترويج لهذا النوع من المنافسة ضارًا بتدريب هؤلاء الطيارين النخبة الذين يجب أن يعملوا معًا لتحقيق مهام ناجحة، حتى أن البحرية لديها شعار “امتياز من دون غطرسة”.

لجعل الفيلم أقرب ما يكون للواقعية، فإن طيارين بحريين حقيقيين هم من قاموا بتصوير مناورات الطيران، لكن الطيارين المقاتلين لا يقومون باستعراضات جريئة مثل التي قام بها أبطال الفيلم، بل يتم تجنب هذه المناورات المثيرة في مقابل الالتزام بتحركات تكتيكية أقل إثارة.

القتال الجوي التكتيكي لا يشمل الالتفاف والطيران بالطائرة مقلوبة مثلما فعل توم كروز، بل إن تغيير الأوضاع بشكل متكرر أمر قد يكون ضارًا، ولن يساعد في معركة حقيقية، لكنه كان لازمًا لإبهار الجمهور، خاصة عند التصوير بكاميرا إيماكس.

ولتقليل استخدام المؤثرات البصرية للحدود الدنيا، أنشأ توم كروز برنامجًا تدريبيا للممثلين في الفيلم لإعدادهم لما سيواجهونه أثناء التصوير، واستمر هذا البرنامج 3 شهور، وطرأت هذه الفكرة للبطل لما اختبره مع باقي زملائه خلال تصوير الجزء الأول، فقد كان من الصعب عليهم للغاية تحمل حركة الطيران من دون الإصابة بالقيء والإغماءات المتكررة.

كذلك ليس من الشائع اصطدام طائر حي بطائرة وتخريب محركها مثلما حدث في الفيلم، فهو أمر غير مألوف ونادر إلى حد كبير، لكن الفيلم اتبع أيضا الإجراءات الصحيحة التي يجب القيام بها في حالة حدوث ذلك.

معيار اختيار المتدربين

نقطة الخلاف الأهم بين “توب غن” الحقيقي والخيالي هي معيار اختيار المتدربين؛ ففي تدريب “توب غن” يتم البحث عن 3 أشياء رئيسية؛ منها الشغف بالطيران والحماس للقيام بهذا العمل وامتلاك الشخصية الصحيحة.

هوليود تجعل الثقة المفرطة الصاخبة تبدو كما لو أنها شرط أساسي، لكن في الواقع يتم البحث عن النوع المعاكس تمامًا؛ فالطيارون الواثقون للغاية والمغرورون مثل “مافريك” لا يمكن الاعتماد عليهم، وبدلًا من ذلك يفضل البرنامج شخصًا متواضعًا يدرك أنه قد يرتكب الأخطاء وعلى استعداد لنقد نفسه، والسماح لمدربيه بتحسينه. الموهبة المطلقة كطيار في الواقع تحتل المرتبة الثالثة للانضمام إلى تدريب “توب غن”.

ورغم أن “توب غن” بجزأيه يعد من نوع “البروباغندا” الحربية الأميركية الكلاسيكية للغاية في طريقة السرد الخاصة به، إلا أنه مصنوع ببراعة واهتمام مما جعله واحدا من أهم الأفلام الحربية والحركة (الأكشن) في السنوات الأخيرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى