هل أذابت “أزمة أوكرانيا” جليد العلاقات بين أميركا وتركيا؟
كتب/ سالم الشمري
بعد سنوات من التوتر، تلوح في الأفق بوادر انفراجة في العلاقات الأميركية التركية وسط أنباء عن صفقة أسلحة قد تذيب الجليد المطبق على العلاقات بين البلدين، أرجعها محللون إلى “انعكاسات حرب أوكرانيا ومحاولة واشنطن توظيف الورقة التركية كحائط صد أمام الطموحات الروسية”.
ووفق صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، فإن الرئيس الأميركي، جو بايدن، طلب موافقة الكونغرس على بيع مقاتلات F16 وصواريخ ورادارات وإلكترونيات ومعدات ثقيلة إلى أنقرة، مؤكدة أن صفقة الأسلحة المحتملة تنبئ عن تحسّن في العلاقات بين الجانبين بعد الدور الذي اضطلعت به أنقرة في تيسير محادثات السلام الروسية الأوكرانية ودعمها لكييف والجيش الأوكراني بالأسلحة والعتاد.
وعلى مدار العامين الماضيين، تجتهد أنقرة في محاولة القفز على الخلافات التي تسببت فيها سياساتها على كل الأصعدة سواء مع دول الجوار أو الغرب وأميركا بعد أزمات داخلية طاحنة خاصة على الصعيد الاقتصادي.
حقبة جديدة
المحلل السياسي التركي، إيمري أيدوجان، قال إن “العلاقات التركية مع الولايات المتحدة الأميركية تشهد حقبة جديدة بعد توترها في الماضي بسبب بعض القضايا الخلافية بين البلدين، كان أبرزها صفقة منظومة الدفاع الروسية إس 400 والتي تسببت في أزمة لأنقرة مع الناتو وواشنطن وكذلك بعض الشؤون الداخلية التركية”.
وأضاف أيدوجان، لـ”الجالية”، أن الحرب الروسية الأوكرانية غيّرت مسار العلاقات التركية الأميركية، لافتا إلى أن موقف أنقرة مكنها من الحصول على اهتمام دولي كبير، وحسّن علاقاتها مع العديد من الدول الغربية.
وأشار إلى أن هناك توجها كبيرا للشركات الأميركية الكبرى المنسحبة من روسيا للاستقرار في تركيا، منوها إلى أن الاتصالات بين أنقرة وواشنطن، ازدادت بشكل واضح مؤخرا، وهذه التطورات تعد بداية مهمة لإعادة تطوير العلاقات والتي شهدت فتورا في السابق.
ولفت إلى أن وفدا اقتصاديا تركيا مكونا من شخصيات رفيعة المستوى أجرى زيارة إلى الولايات المتحدة الأميركية، أسهمت بإحراز تقدم كبير في تطوير العلاقات التجارية بين البلدين، وتقرر خلالها استمرار آليات الحوار والترتيب لزيارة وفد أميركي قريبا، وكذلك عودة عقد اجتماع رجال الأعمال الأميركي التركي في الولايات المتحدة الأميركية في يونيو والذي لم ينعقد منذ عامين.
4 أسباب
بدوره، قال خبير الشؤون التركية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، كرم سعيد، إن الصفقة هي إحدى دلائل ومؤشرات تحسن العلاقات الأميركية التركية خلال المرحلة الأخيرة.
وأكد سعيد، في حديث مع موقع “الجالية”، أن هناك حديثا أيضا عن رفع جانب من العقوبات الأميركية على قطاع الصناعات الدفاعية التركية وكلها مؤشرات تلمح إلى تقارب قادم.
وحول الأسباب وراء ذلك، أوضح سعيد أن التقارب مرتبط بعدة اعتبارات أولها الأزمة الأوكرانية والتنسيق وتصاعد التفاهمات الأميركية التركية فيما يتعلق بإدارة الأزمة، وهناك رضا من واشنطن عن موقف الوساطة التركي بين طرفي الصراع.
وأشار إلى أن الأمر الثاني كان إيجابية مواقف تركيا من الأزمة حيث إنها رغم عدم انخراطها بالعقوبات الغربية فإنها أغلقت مضيقي البوسفور والدردنيل، واعتبرت أن التدخل الروسي غزوا عسكريا وأدانته، كما أغلقت أجواءها أمام الطائرات العسكرية العابرة إلى روسيا.
ولفت إلى أن الأمر الثالث مرتبط بنجاح تركيا في التحايل على القضايا الخلافية مع دول الإقليم والتقارب التركي مع دول الخليج الذي حدث مؤخرا، سواء مع السعودية أو الإمارات والبحرين، بالإضافة إلى قطع شوط في صعيد تحسن العلاقات مع مصر.
وأوضح أن الأمر الرابع يرجع إلى أن أميركا تدرك أن أنقرة لا تزال لاعبا مهما في مناطق النفوذ الأميركية سواء في القوقاز أو البلقان أو غيرهما، وكذلك حرص واشنطن على توظيف الورقة التركية كحائط صد أمام الطموحات الروسية في بعض مناطق النفوذ الأميركي سواء في بعض الجمهوريات الناطقة بالتركية أو القوقاز.
وحسب “وول ستريت جورنال”، يعارض بعض المشرعين الأميركيين، بينهم ديمقراطيون بارزون من مجلسي النواب والشيوخ، الصفقة جراء علاقة أنقرة بموسكو وكذلك الأوضاع التركية الداخلية وبينها الملف الحقوقي.