ليوناردو دي كابريو.. كيف تحولت حياته من طفل فقير إلى ألمع نجوم هوليود؟

كتبت / فاطمة محمد

احتل “جاك داوسون” وجدان مراهقات نهاية الألفية الثانية بعد فيلم “تايتانيك” (Titanic) عام 1997، ولعب “غاتسبي” بخيال الحالمين الذي أضاعوا حب حياتهم في الطريق بعد فيلم “غاتسبي العظيم” (The Great Gatsby) عام 2013، وقفز “فرانك أباجنل” بخيال شباب الطامحين إلى ما هو أبعد بعد فيلم “امسكني إن استطعت” (Catch Me If You Can) عام 2002.

وأحب الجمهور تاجر العبيد القاسي كالفن كاندي في “تحرير جانغو” (Django Unchained) عام 2013، وراهن الجميع على عظمة أداء ليوناردو دي كابريو في كل هذه الأدوار، فرشح لأكثر من 100 جائزة، وفاز بالأوسكار وانضم إلى أساطير التمثيل في العالم بشكل لم يتوقعه سوى روبرت دي نيرو.

كانت نشأة دي كابريو ترشحه للموت نتيجة جرعة مخدرات أو السجن مدى الحياة، أو الموت شابا برصاص أطلق من قبل عضو بإحدى عصابات المخدرات في لوس أنجلوس، ذلك أنه قضى طفولته وجزءا من شبابه في حي يتكون من منازل متهالكة وفقراء يجلسون بالشوارع وعصابات مخدرات وبيت للدعارة على ناصية الشارع الذي أقام فيه، وقد تأثر بتلك البيئة لفترة قصيرة حتى أنه كاد يطرد من مدرسته.

صادف نجم “تايتانيك” مفارقته الأولى، حين تلقت الأم ركلته الأولى وهو في رحمها، في وقت كانت تشاهد إحدى لوحات ليوناردو دافنشي، فقرر الأبوان إطلاق الاسم على المولود القادم، لكن هذين الوالدين انفصلا ولم يكمل “دي كابريو” الصغير عامه الأول، واضطرت الأم لرعاية طفلها فلم تقدر على الإقامة سوى في أفقر وأقذر أحياء “مدينة الملائكة”.

حافظ الأب -الذي كان يعمل بتوزيع كتب الرسوم الكارتونية- على علاقة جيدة مع ابنه، لكن الأم كان لها الدور الأكبر في الدفع بابنها نحو الحلم الذي ولد في عمر مبكر، خاصة أنه لم يكن محبا للدراسة فتركها مع بداية المرحلة الثانوية.

عام 1990 وحين كان المراهق في عمر الـ 15، حصل على أول دور له في مسلسل درامي باسم “سانتا باربرا” (Santa Barbra). وعام 1991 حصل على الدور الأول له في فيلم رعب هو “المخلوقات 3” (3 Critters).

لم تكن صدفة خالصة تلك التي عثر خلالها دي كابريو على نجم بحجم روبرت دي نيرو، الذي آمن به وتبناه، بل دعا المخرج مارتن سكورسيزي للاستعانة به في أعماله، فقد تقدم الشاب الصغير لتجربة أداء في فيلم جديد من بطولة دي نيرو وكان دي كابريو بين أكثر من ألفي متسابق، وقد تم اختياره فعلا عام 1993 للدور الذي كان لطفل ذي احتياجات خاصة بفيلم “حياة الولد” (The Boy’s Life). وفي العام نفسه قدم فيلم “ما الذي يضايق غيلبرت غريب” (What’s Eating Gilbert Grape) ورشح عن دوره فيه لأول مرة لجائزة أوسكار أحسن ممثل مساعد.
مانيا

كأن جيمس كاميرون ظل يحلم بفيلم “تيتانيك” من أجل دي كابريو، فرغم النجاح الذي أحرزه الأول وباقي فريق العمل بالفيلم الأسطوري فإن دي كابريو بعد “تيتانيك” لم يكن هو نفسه ما قبله.

سكن الشاب الوسيم العاشق أحلام بنات الجيل بالعالم، وتحول الأمر إلى “ظاهرة مانيا”. ولكن المفاجأة أن دي كابريو لم يستجب لذلك النوع من النجومية واختار الطريق الأصعب، وجاءت اختياراته لشخصيات شديدة التعقيد، ومنح الممثل المجتهد كل شخصية مساحة البحث التي تستحقها، لدرجة توظيف أطقم من الباحثين لإعداد ملفات تشمل تفاصيل كاملة عن الشخصية.

وقد أتقن البحث لدرجة أن واحدا من نصوص الأفلام التي قدمها تم تعديله بعد اكتشاف معلومات جديدة عن شخصية “هاوارد هيغز” بطل فيلم “الطيار” (The Aviator) عام 2004، لكن التراجيديا الغريبة أن الملياردير والطيار والمخرج “هاوارد هيغز” والذي جسده دي كابريو بالفيلم كان مصابا بالوسواس القهري ولأن دي كابريو كان مصابا به بدرجة خفيفة في مراهقته، فقد استعاد الذكرى واستعاد المرض نفسه معها وظل يعالج منه بعد الفيلم فترة.

لم يتوقف دي كابريو عن العمل منذ مراهقته المبكرة، وبينما بدا أقصى طموحه يكمن في التمثيل وقد حققه بأدوار تعد من كلاسيكيات هوليود، فإن نشاطه الإنتاجي يسير بخطى محمومة.

يملك خططا لعشرات الأفلام الوثائقية والروائية لا تتعلق بالتغيير المناخي فقط، الذي يعتبره قضيته الكبرى، ولكنه منتج وثائقي محترف بشكل عام، وقد شهد عام 2021 وحده إنتاج 8 وثائقيات تتنوع بين أفلام طويلة وقصيرة وسلاسل كان دي كابريو المنتج المنفذ لها، لكنه أنتج أيضا فيلم “لا تنظر لأعلى” (Do not Look up) عام 2021 الذي شاركته بطولته ميريل ستريب.

وقد صرح بأحد الحوارات التلفزيونية قائلا “لم يغب حلم الإنتاج عني منذ البداية، ولكني انتظرت حتى أصبحت جاهزا من حيث الإمكانات المالية وفريق العمل المحترف الذي يخوض المشوار معي” وكانت بدايته كمنتج عام 2004 بفيلم من بطولة شين بين وهو “قتلة ريتشارد نيكسون” (The Assassination of Richard Nixon) ويدور حول رجل أعمال أميركي متطرف يقرر تحقيق حلمه بشكل دموي.

لم تتوقف الشائعات حول ارتباط دي كابريو بممثلات أو مطربات أو عارضات أزياء منذ انتقل من الظل إلى نجوم هوليود، ووصل عدد قصص الممثل الوسيم إلى ما يربو على 74 قصة مزعومة. واعترف بنفسه أن له قصصا كثيرة ولكنه لم يكون أسرة رغم اقترابه من الخمسين، وكلما سئل عن الزواج رد بدبلوماسية “سيأتي حين يأتي” لكن تلك النشأة الملتبسة في حي فقير والمعاناة المبكرة من الفقر والبيئة، والتي اضطر لها حين انفصال أبويه، تصلح تماما لتكون سببا لتردد طويل في قرار الزواج.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى