قلق يلف مصير الانتخابات الليبية.. إلى التأجيل در!

كتب/ سالم الشمري

بدأت الدلائل تظهر أكثر فأكثر، على أن أول انتخابات في تاريخ ليبيا تتجه نحو التأجيل إلى موعد يتخطّى 24 ديسمبر الجاري، بعد تأخر المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا عن إعلان القائمة النهائية للمرشحين الرئاسيين وإعطاء إشارة انطلاق الحملات الدعائية، وإعلان أطراف سياسية فاعلة، رغبتها في إرجاء الموعد الانتخابي لترتيب الأوراق من جديد.

فقد ظهرت نوايا التأجيل للعلن بشكل واضح وبصوت عال قبل 15 يوما من الاستحقاق، في انتظار وضوح المواقف الدولية إزاء هذا الخيار، بعد احتدام المنافسة والصراعات على منصب الرئاسة واحتقان الأجواء والأوضاع داخل ليبيا.

البرلمان في الصدارة

وكان البرلمان الليبي أول الأطراف التي بدأت تدفع نحو التأخير، حيث دعا المفوضية العليا إلى عدم الإعلان عن القائمة النهائية للمرشحين حتى تقييم الوضع الانتخابي الجاري.

كما أبدى ثلث أعضائه تحفظاتهم إزاء طريقة إدارة الانتخابات من قبل المفوضية ومخالفتها للقوانين الانتخابية، بعد قبولها أوراق عدد من المرشحين، لا يحظون بالشروط المنصوص عليها في قانون الانتخابات، على غرار عبد الحميد الدبيبة، الذي لا تسمح له المادة 12 من قانون انتخاب الرئيس بالترشح، لعدم تخليه عن منصبه قبل 3 أشهر على موعد الانتخابات.

في الغرب أيضا

كذلك، أعلنت عناصر محسوبة على ثورة ” 17 فبراير” وموالية لتيار مفتي ليبيا المعزول “الصادق الغرياني”، في الغرب، رفضها إجراء الانتخابات قبل الاستفتاء على الدستور وعدم قبولها بترشح خليفة حفتر وسيف الإسلام، وبدأت في اعتصام أمام مقر المفوضية بالعاصمة طرابلس، إلى حين تحقيق هذه المطالب.

من جهته، أعلن المجلس الأعلى للدولة مبادرة تستهدف تأخير الانتخابات الرئاسية والبرلمانية إلى فبراير من العام المقبل، وإجرائها بشكل متزامن.

إلى ذلك، دعا أعضاء في ملتقى الحوار السياسي الليبي الأمين العام للأمم المتحدة، بالتدخل لإنقاذ خريطة الطريق للانتخابات التي “أوشكت على الانهيار”، وأكدوا وجود محاولات لعرقلة الانتخابات وإفسادها، ومساعي لخطفها وهدم أساسها، داعين إلى ضرورة وقف العبث بها فورا للمحافظة على المسار السياسي وأهداف المرحلة التمهيدية، معتبرين أن قيامها بهذا الشكل وانعقادها في ظل هذه الظروف والمعطيات، سيترتب عليه نتائج وخيمة تزعزع استقرار الكيان الليبي برمته.

القلق الأمني

ميدانيا، تقوّي الأوضاع الراهنة من احتمال إرجاء الموعد الانتخابي، إذ لا يزال القلق الأمني من عرقلة الانتخابات قائما وحاضرا، وهو ما أثار مخاوف من عجز مفوضية الانتخابات عن السيطرة على عملية الاقتراع في بعض المناطق في الغرب، حيث اعتدى مسلّحون على مراكز انتخابية وعبثوا بمحتوياتها، وكذلك في الجنوب، حيث تسيطر قوات أحد أبرز المرشحين للرئاسة، على المراكز الانتخابية.

التأجيل بات واقعا!

وفي السياق، رأى المحلل السياسي، بشير زعيبة، في تصريح لـ”الجالية”، أن التأخر في إعلان القائمة النهائية للمرشحين للرئاسيات، جاء بطلب من البرلمان إلى حين تسوية بعض المسائل العالقة في العملية الانتخابية.

كما أوضح أن رئيس المفوضية عماد السايح “لا يملك خيوط اللعبة وحده، لأن الخارج عامل مؤثرا جدا في انتخابات ليبيا”، لافتا إلى أن “عودة المبعوثة الأممية ستيفاني ويليامز إلى الملف الليبي قد يغيّر الكثير بما في ذلك الموعد الانتخابي”.

من جهته، اعتبر المحلل والباحث السياسي جمال شلوف في تصريح لـ”الجالية”، أنّ قرار التأجيل أصبح مؤكدا، مضيفا أن السؤال اليوم هو “ما هو الموعد الجديد؟”.

كما أضاف أن “الخلل الحقيقي الذي تسبّب وسيتسبّب في عدم نجاعة أي حل سياسي للأزمة الليبية هو استمرار سيطرة الميليشيات والمال الفاسد وتيار الفوضى على القرار في العاصمة طرابلس، الذي كان القضاء آخر ضحاياه، مؤكدا على أن الحل الذي يجب أن يسبق أي حل سياسي سواء انتخابات أو توافقات هو “تحرير القرار السيادي والتنفيذي من سيطرة الميليشيات التي تريد استمرار الفوضى لتستمر في النهب الممنهج”.

بدوره، أكد الكاتب والمحلل السياسي، فرج فركاش، في تصريح لـ”الجالية”، أن تأجيل الانتخابات أصبح أمرا حتميا، والمسألة الآن هي انتظار الإعلان عما إذا سيكون التأجيل لأيام وأسابيع أو أشهر.

كما أشار إلى عدة مؤشرات تدل على أن مسألة التأخير أصبحت أمرا حاصلا، ومنها قصر المدة الزمنية المتبقية على موعد الاستحقاق، والتي لا تكفي لإجراء حملات دعائية للمرشحين، فضلا عن عدم الحسم في ملف الطعون، وهو ما أخّر الإعلان عن القائمة النهائية للمترشحين، الذي قال إن “أعضاء من البرلمان يحاولون تعطيل صدورها، بعدما أصبحت الأمور لا تسير مثل ما تم التخطيط له، وجاءت بمرشحين غير مرغوب فيهم، تمكنوا من اجتياز مرحلة الطعون، وهما عبد الحميد الدبيبة وسيف الإسلام القذافي”.

وتابع قائلا إنه “مع ترشح شخصيات تعتبرها بعض الأطراف جدلية، منها قائد الجيش خليفة حفتر المرفوض في الغرب الليبي، والدبيبة المرفوض في الشرق وسيف الإسلام الذي اعتبرت الأطراف المحسوبة على فبراير ترشحه أمرا مرفوضا، أصبح الأمر يتجه إلى التأجيل”، لافتا إلى أن هذا الخيار قد يجد قبولا أيضا لدى الأطراف الغربية والجانب الأميركي، الذي يرى أن ترشح نجل القذافي يشكلّ مشكلة للمجتمع الدولي سيكون من الصعب التعامل معها.

يذكر أنه في حال تأجيل الانتخابات، سيحرم 2.5 مليون ليبي استلموا بطاقاتهم الانتخابية، وانتظروا موعد 24 ديسمبر للمشاركة في أول انتخابات في بلادهم، من الذهاب إلى صناديق الاقتراع والإدلاء بأصواتهم، لاختيار رئيس لبلادهم، وإن مؤقتاً!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى