والله” “خبطة” “صاحبي”..كيف تسللت مفردات عربية إلى لغة الشباب الفرنسي؟
كتبت / ليا مروان
نشرت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية تقريرا مطولا تساءلت من خلاله عن أسباب انتشار كلمات عربية في أوساط الشباب الفرنسي خلال السنوات الأخيرة، خاصة في ظل الاحتكاك بأبناء الجالية العربية والمغاربية خاصة.
تقول الكاتبة ماري ليفين ميشاليك إن كلمات مثل “والله” (Wallah)، و”خلّص” (khallass) و”خبطة” (khapta)، أصبحت عبارات متداولة ومنتشرة بين الشباب الفرنسي، ويفهمها الجميع تقريبا رغم أنها كلمات دخيلة على اللغة الفرنسية.
فسواء كنت تعيش في ضواحي باريس أو في أرقى أحياء العاصمة الفرنسية، بات طبيعيا أن تسمع يوميا كلمات عربية يرددها شباب فرنسي. فما أصل هذه الظاهرة؟ ولماذا يستخدم الفرنسيون عبارات من اللغة العربية؟
“إنها عربية، وفق ما أعتقد” ، يجيب الشاب الفرنسي ديجونيه الذي لم يسبق له زيارة المغرب أو الجزائر أو تونس قبل أن يضيف: “هذه هي الطريقة التي نتحدث بها، إنها لغة شباب جيلي. تماما مثل مواطنته بارتي، البالغة من العمر 20 عامًا، والتي ذكرت أنها تستخدم عبارات مثل “خبطة، “ورد بالك”.
وتلفت الكاتبة الانتباه إلى أن تداول هذه العبارات ليس حكرا على المناطق التي تقنطنها غالبية مغاربية، لكنها تسللت أيضا إلى أبناء الطبقة البورجوازية”.
ظاهرة ليست وليدة اليوم
يقول عالم اللسانيات الفرنسي جان بروفوست -مؤلف كتاب “أسلافنا العرب”- إن اللغة الفرنسية استوعبت في الماضي الكثير من الكلمات من الإيطالية والإسبانية، وأيضا من العربية، مثل “Café” (قهوة)، و”orange” (برتقال)، و”épinard” (سبانخ)، و”tasse” (فنجان).
وحسب بروفوست، فإن التلاقح بين اللغتين الفرنسية والعربية بدأ خلال الحروب الصليبية، ثم ظهرت كلمات كثيرة في اللغة الفرنسية من أصل عربي، مثل “visir” (الوزير)، و”emir” (الأمير)، والمنتجات مثل “café” (قهوة) و”argan” (الأرغان)، وكلمات أخرى خلال الحرب مع الجزائر مثل “bled” (بلاد)، واستمر الأمر من خلال التجارة الموازية وأغاني الراب وغيرها من العوامل. وتشير آخر التقديرات إلى وجود حوالي 500 كلمة في اللغة الفرنسية من أصل عربي.
يقول الشاب الفرنسي آرثر “نحن نوظف هذه العبارات في حياتنا اليومية للتعبير عن مشاعرنا”. وأمثلة ذلك عديدة، منها،”La hchouma” (الحشومة) وتعني “الحشمة”، و”la moula” وتعني المال، و”bsahtek” (بصحتك) التي تعني “أحسنت”.
ويورد مقال “لوفيغارو” أن استخدام الكلمات العربية أصبحت طريقة يعبّر بها الشباب الفرنسي عن ذاته، مثلما يستخدم كثيرون اللغة الإنجليزية للظهور بشكل جذاب. وتقول بارتي في هذا السياق “إنها موضة، نستخدمها فقط لمواكبة العصر”.
ويوضح لوك بيشلي -عالم اللسانيات الاجتماعية والمحاضر بجامعة “أفينيون” (Avignon)- أن العربية المُستخدمة في فرنسا “هي بالأساس اللغة العربية المغاربية، ونادرا ما تُستخدم اللغة العربية الأدبية في فرنسا”.
ويستخدم الشباب الفرنسي الكثير من العبارات العربية المتعلقة بالعائلة والأصدقاء، مثل “les khouyas”، أي الإخوة، و”sahbi”، ومعناها صديقي. ويضيف بيشلي أن الكثير من العبارات المتعلقة بالإهانات أصبحت مستوحاة من العربية، مثل عبارة “miskin”، والتي تعني مسكين.
من ‘الراب” إلى الاستخدام اليومي
يقول بيشلي -الذي كتب أطروحة حول اللغات ومسارات الاندماج للمهاجرين من شمال أفريقيا في فرنسا- إن الكثير من العبارات ذات الخلفية الدينية وغيرها من الكلمات تأتي من أغاني الراب.
ومن بين الأغاني التي عرفت رواجا كبيرا بين الشباب الفرنسي، أغنية “بوند أورغانيزي” (Bande Organisée)، التي جمعت المغني جوليان ماري مع 157 مغني راب من مرسيليا وباريس، وقد استخدم فيها كلمات عربية مثل “خبطة” و”الحمد لله”.
وتقول بارتي إن “هذه العبارات تأتي من موسيقى الراب، لكن أيضا من مواقع التواصل الاجتماعي وتلفزيون الواقع وكرة القدم والأنشطة الترفيهية مثل الألعاب عبر الإنترنت”.
يقول بيشلي إن مصادر تلك العبارات متعددة فعلا، ومنها أغاني الراب ومواقع التواصل الاجتماعي، لذلك يلتقطها جيل الشباب، لكن الكثير منها لا يدخل إلى القاموس الفرنسي.
ويرى بيشلي أنه لا يمكن أن تتناسب جميع العبارات مع تصنيف القاموس. “سيبقى البعض، وسيختفي البعض الآخر، وهذا طبيعي”، لكن التساؤل المطروح حسب الصحيفة: “هل هذا التسارع المتزايد يعني التأثير المتزايد للغة العربية في فرنسا؟” يجيب بيشلي: “الاقتراضات اللغوية ليست هي التأثير الأقوى”. ومع ذلك “فإن هذه الكلمات تشكل فهمنا للعالم”.