هذه العوامل تؤثر على تسارع وتيرة الشيخوخة.. فتجنبوها
لم تعد مسألة الشيخوخة مقتصرة على العوامل الوراثية فحسب، فقد أكد العلماء أن هناك عددا من العوامل البيئية المحيطة بالإنسان تسهم -وبشدة- في زيادة وتيرة حدوث الشيخوخة. فما هذه العوامل؟
التجاعيد والبقع العمرية والشعر الخفيف، كلها مظاهر وإشارات على التقدم في العمر يمكن رؤيتها على وجوهنا، سواء أحببنا ذلك أم لا، لكن علامات التقدم في السن لا تظهر لدى الجميع بالمعدل نفسه، كما أن اللوم لا يمكن إلقاؤه على الجينات فقط.
ومن غير الممكن محاربة كل مظاهر التقدم في العمر بالكريمات ومستحضرات التجميل فقط؛ فما لا يعرفه كثيرون أن سرعة تقدمنا في العمر لا تعتمد على العوامل الوراثية والجينات وحسب، بل كمن في: كيف نتصرف؟ وأين نعيش؟ وكيف نتعامل مع بيئتنا؟
عوامل بيئية
في ما يتعلق بالتغيرات الحادثة للجلد، فإن الأرقام واضحة؛ ويقول رئيس معهد لايبنيتس لأبحاث الطب البيئي جان كروتمان إن “نحو 20 إلى 30% من التغيرات الجلدية تحدث بسبب عوامل وراثية. والباقي 70 إلى 80% تنتج عن تأثيرات بيئية، مثل الأشعة فوق البنفسجية وتلوث الهواء”.
وعلى من يريد أن يفهم سبب ارتباط التغييرات في مظهرنا ارتباطا وثيقا بالبيئة والسلوك، فعليه أن يراقب عن كثب خلايا الجسم البشري.
يقول مارتن دينتسل من معهد ماكس بلانك لبيولوجيا الشيخوخة “لا تؤثر الشيخوخة أبدا على عضو واحد فقط، فهي دائما تسبب هِرم الكائن الحي بأكمله؛ لذلك فإن التغييرات الخارجية مرتبطة بعملية الشيخوخة بأكملها، ويمكن أن تكون مؤشرا على حالة الجسم”، حسب ما نشره موقع “تي-أونلاين” الألماني.
الإجهاد البيولوجي
يذكر العلماء أنه إذا أكلنا الأطعمة الدسمة أو شربنا الكحول أو أقبلنا على التدخين أو استلقينا وقتا طويلا في الشمس، فإننا نعرض أجسامنا لضغط بيولوجي، هذا الضغط يؤدي إلى تلف على المستوى الجزيئي. على سبيل المثال، يتعرض الحمض النووي للتلف، سواء لدى الشباب أو كبار السن، ويحدث هذا الضرر آلاف المرات في كل دقيقة. ولكن بينما تراقب أجهزة الأجسام الشابة تلك المؤثرات جيدا وتقوم بعمليات الإصلاح بسرعة، تنخفض قدرة أجسام من هم أكبر سنا على القيام بذلك.
ويقول مارتن دينتسل “إن الشيخوخة تعني أن الجسم قد أصبح غير قادر بشكل متزايد على التغلب على هذا التوتر، لذلك تتراكم طفرات الحمض النووي في خلايا الجسم، مما يجعل فشل الأعضاء أو تطور الأورام أكثر سهولة”.
كما يشير كروتمان من معهد لايبنيتس لأبحاث الطب البيئي إلى أن مثل هذه التغييرات في الخلايا لها تأثيران مرئيان على الجلد؛ “فمن ناحية، هناك تغيرات تحدث في لون صبغة الجلد، حيث تصبح غير متجانسة لتبدأ بقع الشيخوخة الظهور. ومن ناحية أخرى تقل مرونة الجلد وتتطور التجاعيد”.
ويمكن ملاحظة الفرق بين شيخوخة الجلد المحددة جينيا وتلك المتأثرة بالعوامل الخارجية بالعين المجردة، “فكل واحد منا يحصل على تجاعيد دقيقة كلما تقدم في السن. ومع ذلك، إذا تمت إضافة التأثيرات البيئية، فإن التجاعيد تصبح أكثر عمقا، ثم ينهار المزيد من الكولاجين، وهو البروتين الذي يكون النسيج الضام مما يزيد عمق وأثر الشيخوخة”.
يقول دينتسل “لدى الناس تركيبة وراثية مختلفة، فهناك أشخاص يعيشون في عمر يتجاوز مئة عام رغم أنهم يدخنون أو يستهلكون الكحول”، مضيفا أن هذه الاختلافات تكون غالبا واضحة للعيان.
التأثيرات الخارجية
يقوم كروتمان وزملاؤه بإجراء اختبارات في المعمل لاكتشاف أكثر ما تعانيه بشرة الإنسان، وما الذي يغيرها ويسبب تقدمها في العمر. ورغم أن الآثار الضارة وحتى المسرطنة للأشعة فوق البنفسجية أو دخان التبغ تمت دراستها وإثبات تأثيرها علميا، فإن العلماء لا يزالون في بداية أبحاثهم في ما يتعلق بتأثيرات تلوث الهواء، حيث يختبر العلماء حاليا مدى تأثر الجلد البشري عندما تلامسه المواد الضارة العالقة في الهواء.
يقول كروتمان “إذا كان الجلد مغطى بالغبار المعلق في الهواء، فيمكن اكتشاف البقع على الجلد سريعا.. تتحول السخام ونواتج حرق الوقود -القادمة من محركات الديزل على وجه الخصوص- إلى مواد ضارة. ولم يتم التحقق حتى الآن مما إذا كانت هذه التغيرات في صبغة الجلد مصحوبة بزيادة خطر الإصابة بسرطان الجلد أم لا”.
لماذا الاختلاف؟
من العوامل الأساسية لمظاهر الشيخوخة المرئية المواد والظروف المسببة للتأثيرات الخارجية على الجلد، وكذلك المواد التي نتناولها عبر الفم؛ فقبل بضعة أسابيع فقط توصلت دراسة نشرت في مجلة “علم الأوبئة وصحة المجتمع” أجراها فريق من جامعة جنوب الدانمارك إلى أن تناول الكحوليات بكثافة والتدخين يمكن أن يسببا ظهور علامات خارجية على الشيخوخة الجسدية.
لذلك، فحلم الشباب الأبدي لا يمكن تحقيقه بالكامل، فهناك عوامل تؤثر على سرعة وضوح تعرضنا للشيخوخة.
وبما أنه لا يمكننا تغيير الجينات، فإن ما تبقى في أيدينا هو الامتناع عن الكحول والتبغ، وتحسين عادات الأكل، والحماية من أشعة الشمس، وتحسين جودة الهواء الذي نتنفسه، وكما يقول الخبراء “لا أحد يشيخ من دون سبب”.