مكتبات وكليات.. جامعة القاهرة تستعيد الرونق التراثي
كشفت جامعة القاهرة النقاب عن أعمالها الجارية في مشروع إعادة إحياء وترميم المكتبة التراثية بالجامعة، بهدف استعادة قيمتها التراثية والتاريخية، وإعادتها لأداء دورها داخل المنظومة التعليمية.
وقال رئيس جامعة القاهرة، الدكتور محمد الخشت، في تصريحات لموقع “سكاى نيوز عربية”، إن “المكتبة التراثية مرت في الماضي بأعمال تجديد متكررة غيرت معالمها الأصلية، حتى قررت الجامعة تنفيذ مشروع فريد لترميم وصيانة المكتبة يرتكز على أسس علمية، تعيد المبنى إلى حالته الأصلية وقت الإنشاء”.
وأوضح الخشت أن كبار أساتذة الآثار بجامعة القاهرة يشرفون على خطة الترميم، لافتا إلى أنه تم إجراء “الرفع المساحي والتوثيق المعماري لعناصر المكتبة، وكذلك التصوير الفوتوغرافي على أسس علمية لإبراز أهم مظاهر التلف، وعمل دراسة تحليلية للعناصر الزخرفية والمعمارية المهمة”.
مكتبة عريقة
وتعد المكتبة التراثية أحد المباني العريقة لجامعة القاهرة، التي تعد ثاني أقدم الجامعات المصرية. وتتكون المكتبة من 4 طوابق وتضم عددا من القاعات المتخصصة، بالإضافة إلى 12 طابقا عبارة عن مخازن للمقتنيات العربية والأجنبية.
وتضم المكتبة التراثية مخطوطات ومقتنيات أثرية تحتاج للمحافظة عليها، ورصيدا من الكتب التراثية التي لا يوجد لها مثيل في كثير من مكتبات العالم”.
ويدخل مبنى المكتبة في نطاق المباني التاريخية والتراثية، لما يحمله من قيم معمارية وفنية وجمالية وتاريخية ورمزية، إذ يوجد بين أركانه جانبا من تاريخ جامعة القاهرة العريقة، وهو شاهد على ريادة مصر العلمية والثقافية.
خطة الترميم
وأوضح رئيس جامعة القاهرة، أنه تم إعداد خطط الترميم الدقيق وعمل “المكاشف” اللونية، والقيام بأعمال العزل المائي لكامل سطح المبنى، طبقًا للمواصفات الفنية ومعايير الجودة العالمية.
وتابع الخشت: “جرت أعمال إزالة لطبقات الدهانات المستحدثة والتالفة لأسطح الجدران والأبواب والنوافذ، تمهيدا لمعالجتها وإعادة طلائها بالمواد والألوان المطابقة للحالة الأصلية، وكذلك إزالة طبقات الطلاء المستحدثة بالمناضد والمقاعد الأصلية، لإعادتها إلى حالتها الأولية”.
وأشار إلى أنه تمت مراعاة الحفاظ على الشكل التراثي في إعداد اللوحات التنفيذية لجميع أعمال الشبكات الكهربائية والصحية وشبكات التكييف وإنذار الحريق والإطفاء الأتوماتيكي.
وتشمل أعمال التطوير، استحداث وسائل تطوير تكنولوجي للمكتبة، ووضع أنظمة مراقبة بأماكن تواجد المقتنيات الأثرية.
ويعود تاريخ المكتبة إلى عام 1932، ويتكون المبنى من قبو و3 طوابق، وتضم ثروة تاريخية وثقافية وآلاف المخطوطات وأوائل المطبوعات والوثائق التاريخية.
استعادة هوية كلية الآداب
ويتزامن مشروع ترميم وصيانة المكتبة التراثية مع ترميم المبنى الرئيسي لكلية الآداب بجامعة القاهرة، ذات الطراز المعماري المميز، بهدف استعادة هويته التراثية والأثرية الفريدة، وإعادة المبنى إلى سابق عهده بكامل قيمته الفنية والمعمارية.
وقال الأستاذ بكلية الآثار في جامعة القاهرة، محسن صالح، لموقع “الجالية”، إنه يتم تسجيل وأرشفة أعمال الترميم والصيانة بكافة بياناتها وحفظها في ملف بسجلات الجامعة والإدارة الهندسية وكلية الآداب، لتكون مرجعا للأجيال المقبلة.
ويحاكي مبنى كلية الآداب الطراز اليوناني الروماني، وتتميز واجهات المبنى الخارجي بكسوة من الحجر الصناعي التي جُهزت وركبت في أماكنها لتكون جزء لا يتجزأ من المبنى.
ومن الداخل، يعتبر المبنى تحفة معمارية من حيث التخطيط والنسب الجمالية والوحدات الزخرفية المتناغمة والملونة والمذهبة، حيث تم تنفيذ زخارف كثيرة بغاية الدقة داخل المبنى وخارجه.
ويعود تاريخ مبنى كلية الآداب داخل الحرم الجامعي إلى عام 1929، داخل حدائق الأورمان بمحافظة الجيزة.
ويتضمن مشروع ترميم وصيانة مبنى كلية الآداب الرئيسي، العمل على رفع كفاءة المبنى من خلال تحديث البنية التحتية من إضاءة وأعمال كهرباء وميكانيكا ونظام إطفاء الحريق، وإعادة ترميم المدرجات الدراسية بمحتوياتها من أثاث ووسائل تعليمية.
ويأتي مشروع الترميم للمبنى، بعد سنوات طويلة من عدم التطوير، أدت إلى تضرر المبنى بشكل كامل وفقد هويته التراثية والأثرية التي تعتبر شاهد عيان على ما مرت به جامعة القاهرة العريقة من أحداث.
وتتم عملية الترميم حاليا وفقا للقوانين والمواثيق الدولية التي تنظم عملية الترميم والصيانة للمباني الأثرية والتراثية، من حيث استيفاء أعمال التوثيق والتسجيل العلمي لحالة المبنى الراهنة بكافة الطرق التقليدية والحديثة، وتحري الوصول إلى الحالة الأصلية التي كان عليها المبنى من خلال الوثائق والسجلات المحفوظة بالكلية والجامعة.
وكانت جامعة القاهرة قد أطلقت عدة مشرعات “للحفظ والصيانة”، بدأت عام 2018 لمبنى قبة الجامعة وبرج الساعة وأسوار الجامعة والمدخل الرئيس والباب الجمهوري، واستُكملت بترميم واجهات مباني كلية العلوم والاقتصاد والعلوم السياسية والمدينة الجامعية.
تاريخ الجامعة وآخر إنجازاتها
ويعود تاريخ إنشاء جامعة القاهرة إلى 27 فبراير 1917، عندما قدم وزير المعارف، عدلي يكن باشا، مذكرة إلى مجلس الوزراء يوصي فيها بإنشاء جامعة حكومية.
وفي 11 مارس 1925 صدر مرسوم بقانون إنشاء الجامعة المصرية ونظامها، لتتكون من كليات الآداب والعلوم والطب. وبدأت الدراسة بها في أكتوبر 1926.
وفي عام 1940، صدر قانون بتغيير اسم الجامعة المصرية إلى جامعة فؤاد الأول، وفي 1953 صدر مرسوم بتعديل الاسم إلى جامعة القاهرة، وهو الاسم الحالي لها.
وحصد 3 من خريجي الجامعة المصرية على جائزة نوبل، وهم الأديب نجيب محفوظ، والرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، والمدير السابق للمنظمة الدولية للطاقة الذرية، الدكتور محمد البرادعي.
وأُدرجت جامعة القاهرة و4 جامعات مصرية أخرى في تصنيف شنغهاي لعام 2020. ويعتمد التصنيف على عدة معايير، أبرزها عدد الحاصلين على جائرة نوبل من خريجي الجامعة وأعضاء هيئة التدريس، وعدد العلماء ذوي الاستشهادات العالية، وعدد الأبحاث المدرجة بقواعد البيانات، وعدد الأبحاث المنشورة بمجلات “ناتشر”، والتوازن في أعضاء هيئة التدريس بقطاعات العلوم المختلفة.