فتاة تتحدث عن حكايتها في هذا الزمن التي هي أغرب من الخيال
بقلم / صفا البحيري
كانت هناك فتاة على قدر من الجمال ، ومن عائلة مناسبة لأي شاب ، وكانت الفتاة متعلمة تعليما عالياً مثل أي فتاة .
دخلت الفتاة الجامعة ، واختارها أستاذ الجامعة من بين ألف فتاة ، ولكن فرق السن يا سيد كان له عمل كبير جداً ، كانت في بداية القصة رافضة لهذا الموضوع ، ولكن أصابها عشق أستاذ الجامعة ، فتقدم لخطبتها ، وتزوجت أستاذ الجامعة ، ولكن كان هناك ابتلاء أعظم من الحب ، وهو أن أستاذ الجامعة لم يعشقها ، وسبب زواجه منها أنها تليق به ، كما أنها على قدر عال من الجمال ، وعندما سألته : هل تحبني ، أخبرها بـ ( لا ) .
حزنت الفتاة حزنا شديداً ، لأنها صدمت من إجابته ، ولكن أكملت حياتها على هذا الوضع بسبب المجتمع ونظرة الناس ، وقررت أن تبذل قصارى جهدها رغبة في أن يعشقها زوجها ، وعملت بالوصايا العشر التي تعلمونها ، ولكن أستاذ الجامعة لم يعطها أي فرصة لأن يحبها ، وكان عذر الفتاة الوحيد ، أن أستاذ الجامعة هذا كان قد مر بقصة حب أليمة مع فتاة أخرى ، وانتهت بكسر قلبه ، ولكنه كان عنيداً عنيفاً ، وتحملت هذه الفتاة كل الضغوط الصعبة من أجل أن تعيش معه على هذا الحال ، وكانت تصدر من أستاذ الجامعة هذا أفعالاً غريبة ، فقد كان يحادث الفتيات على النت بحساب باسم بنت ؛ وكان هذا الشئ صعباً عليها للغاية ؛ لأنها لم تشعر بالأمان حيال هذا الأمر .
والعشق يشعر الشخص بالأمان من ناحية من يحب ، وأكملت الفتاة معه عدة سنوات ، ولم تستطع أن تعيش معه كفتاة في عمرها ، فقد كان يحرمها من الخروج معه ، وكلما طلبت منه الخروج كان يرفض ،
وأحست هذه الفتاة بالإهانة من زوجها ، وبالأخص بعدما علمت أنه يحادث فتاة عبر الدردشة على الفيس بوك ، وتعرضت للضرب منه ، وأبدى لها صراحته أنه لا يعشقها ، وبين لها أنه يعزم على طلاقها ، ولما ذهب عنه الغضب قام بالاعتذار لها ، ويبدو أنه كان يخاف منها عندما أحس بغلطته ، وعاشت معه هذه الفتاة فترة من الزمن على هذا الحال ، وكانت تعيش حالة من الحزن ، وبعد كل هذا تحسنت معاملته معها ، ولكن بعد فوات الأوان.
ولما أحس أهلها بتغير حالتها ظنوا أن هذا سحر ، وذهبوا بها إلى أحد المعالجين الروحانيين ، وبدأت في تناول العلاج ، وكانت هذه الفتاة عندما تصلي قيام الليل ، كانت تدعو لزوجها بالهداية ، وأن يصرف الله عنها شر البلاء ، واستجاب الله – عزوجل – دعاءها ، ففي يوم من الأيام وبعد العشاء ، كانا الزوجان يتسامران ، وبعد ذلك ذهبت الفتاة إلى النوم ، وكان زوجها يخالفها في مواعيد نومها ، وهذا الشئ كان يحزنها كثيراً ، وعندما حان وقت آذان الفجر ذهب زوجها إلى الصلاة .
وقامت هي بالبحث في الحاسب الآلي وهو لا يعلم ، وكانت لديها مقدرة على إرجاع المحادثات المحذوفة ، وزوجها كان يعلم أنها تقوم بالتفتيش من ورائه ، فأخبرها أنه يعلم ذلك ، وقال لها : عندما تريدين التجسس على زوجك فإن الله يسترك في المرة الأولى والثانية ، وفي الثالثة ستنكشفي ، فردت عليه قائلة : نعم يا عزيزي وأنت عندما تتحدث مع الفتيات سوف يسترك الله في المرة الأولى والثانية ، وسيكشفك في الثالثة ، فقال لها في غضب شديد : اذهبي من أمامي ، فذهبت في صمت ، ولكن جلست في غرفتها تقرأ القرآن ، وقامت بفتح أحد مواقع التواصل الاجتماعي ونشرت منشورا ليس له علاقة بالحديث نهائياً ، ولكنه قام بالتعليق على منشورها بقوله : ما هذه القاذورات التي تنشرينها ؟
واستغربت من تعليقه هذا ، ولكنه دخل عليها الغرفة وقال لها : إن هذا المنشور ليس مهذبا ، فالبنت التي في الصورة متبرجة ، وهذا يدل على أخلاقك أنت ، فقامت المشاجرة بينهما ، وانتهت بالصلح ، وأخبرته أنها تحبه كثيراً ، فرد عليها قائلاً : إنك سوف تؤذيني في عملي ، فقالت له : لماذا ؟ أنا قلت لك : عندما تتحدث مع طلاب الجامعة قم بتسجيل المكالمات واجعلني أصمت ، ووقع هذه الكلمة كان شديداً على أذنيه ، فقام بضربها على وجهها ، فذهبت الفتاة على الفور إلى بيت أهلها ، وكانت عاقبة هذا الأمر الانفصال ، وحزنت الفتاة من ذلك كثيراً.
وبعدما انفصلت الزوجة عن زوجها ، قام بخطبتها الكثير والكثير ، ومن بينهم ضابط شرطة ، ومعيد بالجامعة ، فاختارت المعيد لأنها أرادت أن تنهي دراستها الجامعية ، فهي كانت في السنة الأخيرة ، والمعيد هذا كان هو أيضاً منفصلاً عن زوجته ، وكانت أخلاقه سيئة للغاية لأنه كان يهمل زوجته ، ويقوم باستدراج بنات الجامعة إلى شقته ، وكانت الفتاة هذه على قدر عال من الجمال والأخلاق الحميدة ، وكانت متدينة بالقدر الذي يجعلها لا تغضب الله – تعالى – وهذا الذي دفع المعيد إلى خطبتها ، وعندما سأل عنه أهلها علم الأب أنه متزوج ولديه بنتان.
ولم تكتف الفتاة بسؤال أبيها عنه ، بل إنها قامت هي أيضاً بالسؤال عنه ، فأخبرها أستاذ بالجامعة أن هذا الشخص سئ جداً ، وأعطاها عنوان زوجته لأن تسألها عنه ، فقامت بالذهاب إلى زوجته وسؤالها ، ولكنها صدمت بأن زوجته كانت في هذا اليوم في حالة وضع بابنة المعيد الثالثة التي تدعى ( سلسبيل ) ، وكانت هذه مفاجأة للجميع ، فصرخت الفتاة قائلة : ماذا يحدث في المجتمع ؟ ماتت الرحمة ، ماتت الإنسانية ، كيف يترك زوجته في هذه الحالة ثم يذهب ليخطب امرأة أخرى ؟ وعندما علم بهذا الأمر قال لها : إني أحبك يا فتاة ، وما زلت أريد الزواج منك ، وقام بتهديدها ، إن لم تتزوجينني فإنك لا تنجحين في امتحانات الجامعة ، فقررت هذه الفتاة أنها لا تدخل الامتحان ، وأن هذا المعيد لا يقدر على كسر عين الفتاة ، وكانت هناك فكرة متكونة في ذهنها أن أساتذة الجامعة ليسوا على أخلاق جميعاً ، مما جعلها تفقد الثقة في البشر جميعاً ، وأراد الله – عزوجل – أن يبين لها أن هناك شيئاً يسمى بالأخلاق ، وهو لا يقاس بالعلم ولا بالمال ، فكانت الفتاة تحضر تكريماً لها في مؤتمر ، وقابلت شخصاً ثالثاً كان أستاذا بالجامعة ، وقامت بالتعرف عليه ، فسألها : أنت في أي فرقة ؟
قالت له : في الفرقة الرابعة ، وأخبرته أنه عزمت على عدم دخول الامتحان بسبب تهديد المعيد لها ، فقال لها : اذهبي إلى الامتحان ، وهل هذا المعيد يستطيع أن يفعل هذا ؟ وكان كلامه هذا بمثابة تشجيع لها ، فقالت له : سأذهب ، ولكنها لم تطمئن ؛ لأن أستاذ الجامعة هذا كان في جامعة أخرى وكان صغير السن ، ولما جاء موعد الامتحان أراد المعيد أن يعاقبها ، وينفذ ما هدده بها ، فذهب المعيد إلى لجنة امتحان الفتاة وقام بسحب ورقة الإجابة من الفتاة دون أدنى سبب ، وقال لها : إنك لن تكتبين شيئاً في ورقة الإجابة ، فقامت الفتاة بإرسال رسالة إلى أستاذ الجامعة ، وهي تعلم أنه لا يقدر على فعل شيء ، فهو في جامعة أخرى ، وكانت المفاجأة أن حدث ما لم يكن متوقعاً ، فقام المعيد بإرجاع ورقة الإجابة للفتاة ، وتم نقل المعيد إلى لجنة أخرى ، عندئذ أدركت الفتاة أن أستاذ الجامعة هذا له شأن كبير ، لكنها كانت حريصة وتخاف على نفسها ، فقد تعرضت لايذاء كثير.
وكان أستاذ الجامعة هذا كريما معها للغاية ، فقد كان على قدر عال من الأخلاق الطيبة ، فأحست الفتاة أنه نشأ نشأة طيبة ، وفي بيئة تعرف الحلال والحرام ، فأحبته في الله كما تحب أخاها ، وكان هو يبادلها نفس الشعور ، وبالرغم من ذلك إلا أنها وقعت منها بعض تجاه أستاذ الجامعة هذا ، فأصبحت في حيرة من أمرها ولم تدر ما تفعل ، فقد تغيرت الأحوال ، فأستاذ الجامعة هذا كان يساعدها دون مقابل ، ولا تعرف لماذا حدث كل هذا ؟ هل أراد الله أن نحكم على الناس بالمواقف وليس بما يقال عنهم ؟
اسمعوا يا سادة :
هذه القصة تعلمنا دروساً من الزمن منها :
إياك أن تظلم أحداً بمجرد سماعك من الناس .
إياك أن تفقد الثقة في كل الناس
إياك أن تؤذي أحداً أو تسئ إلى أي إنسان .
إياك أن تغلق الأبواب في وجه أحد
ساعد من حولك .
كن معبراً بالحكمة والموعظة الحسنة
أحسن إلى أخيك وأختك .
لا تتعامل بالمظاهر فالمظاهر خداعة
الناس تقترب منك عندما يعلو شأنك ، ولكن عندما تهبط يبعد عنك الكثير من الناس إلا الأوفياء والمخلصين .
عندما تخطئ اعتذر ، فالكلمة الطيبة صدقة .
جبر الخواطر شئ عظيم ، لا تغرك الأيام والظروف ، فقد يبدل الله الأيام ، وكما تدين تدان .
كن مستقيماً في كل شيء .