إعادة الإعادة في 19 دائرة انتخابية: يوم اقتراع استثنائي و55 محضر رسمي تكشف محاولات إفساد الإرادة الشعبية

كتب/ رامي البكري
لم تعد انتخابات الدوائر الـ19 الملغاة اختبارًا للنزاهة بل تحولت إلى محاكمة علنية لمنظومة لا تزال تصرّ على العبث بإرادة الناس وكأن صوت المواطن ورقة يمكن شراؤها أو بطاقة رقم قومي يمكن تداولها في جيوب السماسرة.
نحن لا نتحدث عن انتخابات عادية بل عن إعادة الإعادة أي عن مسار أُعيد تصحيحه أكثر من مرة ومع ذلك خرج في أول أيامه محمّلًا بأكثر من 55 محضرًا رسميًا نشرتها الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية توثقه تجاوزات ومخالفات فجة لا تخطئها عين ولا يبررها سياق.
مال سياسي وبطاقات هوية وسلع غذائية وجريمة مكتملة الأركان
ما كُشف عنه لا يندرج تحت بند “التجاوزات الانتخابية” بقدر ما يقترب من جريمة منظمة ضد العملية الديمقراطية
أشخاص يُضبطون وبحوزتهم:
بطاقات رقم قومي تخص ناخبين مبالغ مالية مخصصة لدفعها مقابل التصويت لصالح أحد المرشحينه
أي أننا أمام محاولة صريحة لاختطاف الإرادة الشعبية لا إقناعها.
من الفيوم إلى سوهاج العبث واحد
المخالفات لم تكن محدودة بل امتدت من: الفيوم
إلى مراكز العسيرات، المراغة أخميم، جهينة، وطهطا بمحافظة سوهاجثم إلى قنا، والبحيرة، ومركز الرمل بالإسكندرية،
ووصولًا إلى دائرة قسم شرطة المنيرة بالجيزة.
هذا الانتشار الجغرافي الواسع لا يشي بصدفة بل يكشف نمطًا مكررًا ومنهجيًا، عنوانه:
> إذا لم نكسب بالصندوق… نكسب بما حوله.
إرهاق الناخب كخطة انتخابية
إعادة… ثم إعادة الإعادة… ثم الفوضى.
كأن الهدف لم يعد الفوز بل كسر ظهر الناخب ودفعه إلى العزوف أو الاستسلام أو القبول بالأمر الواقع.
وهنا تكمن الخطورة الحقيقية: حين تتحول الانتخابات من حق دستوري إلى معركة استنزاف نفسي ومعيشي للمواطن.
الدولة قامت بدورها… فهل يكتمل المشهد؟
لا يمكن تجاهل أن أجهزة وزارة الداخلية تحركت وضبطت وحررت محاضرها.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه بقوة??
> هل يكفي الضبط دون ردع سياسي وقانوني صارم وسريع؟
لأن ترك المشهد دون حساب حقيقي، يعني إرسال رسالة واضحة مفادها: ادفع وجرّب حظك… أقصى ما ستواجهه محضر
لسنا ضد مرشح… نحن ضد إهانة الصوت
ما جرى في أول أيام إعادة الإعادة ليس سقطة، بل مرآة
مرآة تكشف أن بعض القوى السياسية لم تتعلم، ولم ترتدع ولم تفهم أن الزمن تغيّر.
إما أن تكون الانتخابات طريقًا لاحترام الناس
أو تتحول إلى دليل إدانة جديد لمن يصرّون على دفن السياسة تحت ركام المال والبلطجة المقنّعة.



