أطماع “إسرائيل الكبرى” من التاريخ إلى الجولان: قراءة في اعتراف ترامب ومخططات التوسع

كتب: محمد عبد المعز
منذ قيام الكيان الصهيوني عام 1948 على أرض فلسطين العربية، بدأت ملامح حركة استيطانية اعتمدت على موجات الهجرة اليهودية التي تصاعدت منذ عام 1914. وبينما فر الكثير من اليهود في أوروبا تحت حكم “أدولف هتلر”، استغلت الحركة الصهيونية تلك المعاناة لاستدرار عطف العالم وضمان تأييده لإقامة وطن قومي، وفي الوقت ذاته، إثارة الفزع لدى اليهود في شتى بقاع الأرض لضمان هجرتهم إلى “أرض الميعاد”.
جذور الصراع وتأسيس الدولة تأسست إسرائيل على عقيدة إقصائية أدت إلى طرد السكان الأصليين وسلب أملاكهم. فالفلسطينيون الذين استقبلوا المهاجرين الأوائل، وجدوا أنفسهم لاحقاً في مواجهة النيران والمجازر، مثل مجزرة “دير ياسين” على يد عصابات “الهاغاناه”، مما أدى لإقامة الدولة على أنقاض المدن والقرى الفلسطينية. ورغم خوض الجيوش العربية حرب عام 1948، إلا أن تفوق التسليح الغربي والدعم الدولي حال دون استعادة الحقوق الفلسطينية.
حروب المواجهة واستنزاف المقدرات تبنت إسرائيل استراتيجية تدمير “دول المواجهة” (مصر، الأردن، سوريا، والعراق) لضمان بقائها وتحقيق الحلم التوراتي المتطرف بالتوسع. فكان العدوان الثلاثي عام 1956 على مصر، ثم عدوان 1967 الذي أدى لاحتلال سيناء والجولان والضفة وغزة. وبينما نجحت مصر في استعادة أرضها بانتصار أكتوبر 1973 في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، بقيت الجولان السورية تحت الاحتلال.
وفي سياق إضعاف الجبهات العربية، جاء غزو العراق عام 2003 بقيادة جورج دبليو بوش بناءً على تقارير استخباراتية ثبت زيفها لاحقاً بشأن أسلحة الدمار الشامل، مما أدخل المنطقة في نفق “الفوضى الخلاقة” التي مهدت لتقسيم المقسم وإضعاف القوى الإقليمية.
عام 2025: الجولان والمخططات الجديدة مع حلول عام 2025، تصدر المشهد اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السورية المحتلة، في خطوة يراها مراقبون مكافأة لحكومة بنيامين نتنياهو. وتأتي هذه الخطوة وسط تقارير عن أطماع اقتصادية تتعلق بالثروات المعدنية في الهضبة، ومخططات لإنشاء ما يسمى “ممر داوود” الذي يستهدف ربط مناطق النفوذ الإسرائيلي وصولاً إلى مشارف الفرات، وهو ما يغذي المخاوف من مشروع “إسرائيل الكبرى” التي تظهر خرائطها أجزاءً من دول عربية عديدة.
التحدي السوري والدور العربي تضع هذه التطورات القيادة السورية الحالية، برئاسة أحمد الشرع (رئيس الحكومة الانتقالية/المسؤول عن تسيير الأعمال في سياق التحولات الأخيرة)، أمام تحديات جسيمة لاستعادة السيادة الوطنية. ويتطلب هذا الواقع تكاتفاً عربياً وإسلامياً يتجاوز الدعم المالي إلى الضغط الدبلوماسي المؤثر.
وفي هذا الصدد، تبرز أهمية الدور المحوري للمملكة العربية السعودية، بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، لممارسة النفوذ الدولي لإثناء الإدارة الأمريكية عن القرارات التي تنتهك القانون الدولي، والتأكيد على عروبة الجولان السورية كجزء لا يتجزأ من أي تسوية عادلة في المنطقة.



