أبو الغيط : القمة الصينية العربية الثانية في عام 2026 ستشكل علامة فارقة في الشراكة الاستراتيجية بين الجانبيين

كتبت/ هالة شيحة

أكد الامين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط التزام الجامعة العربية الثابت تجاه الحوار بين الحضارتين العربية والصينية سعيا لتجاوز التحديات وتحقيق آمال الشعوب، معربا عن تطلعه إلى القمة الصينية العربية الثانية في عام 2026، والتي ستمثل محطة هامة وعلامة فارقة في هذه الشراكة الاستراتيجية.
جاء ذلك في كلمة الأمين العام لجامعة الدول العربية خلال اعمال الدورة الحادية عشرة لمؤتمر الحوار بين الحضارتين العربية والصينية والذي يعقد في بكين.

وقال أبو الغيط: “لقد تحول هذا المؤتمر، بفضل الإرادة المشتركة، من مجرد منبرٍ دوري للنقاش الثقافي، إلى واحد من ركائز مسار الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الجانبين وبما يعكس ما تقوم عليه العلاقة بين الحضارتين العربية والصينية من أساس راسخ من التفاهم العميق والتعاون البنّاء.
وأضاف أن اجتماعنا اليوم هو تجسيد حي لعمق الروابط التي تجمع حضارتين عريقتين قدمتا عبر التاريخ نموذجاً فريداً للتفاعل الإيجابي والتعايش الخلاق، حيث كانت قوافل طريق الحرير التاريخي جسراً لم يقتصر دوره على تبادل السلع، بل كان ناقلاً كذلك للأفكار والفلسفات والعلوم والفنون، ما أسهم في إثراء الحضارتين، بل وأضاف بكل تأثير للتراث الإنساني العالمي المشترك.

ونوه الى أن شعار الدورة الحالية يدعو إلى التشارك في بناء مجتمع صيني عربي مستقبلي مشترك نحو العصر الجديد، وليس هدفاً مثالياً بعيد المنال، بل هو رؤية استراتيجية طموحة تعكس وعينا المتبادل بضرورة استبدال لغة الصراع بلغة الشراكة، وإدارة المستقبل بالحوار والتفاهم بدلاً من الرفض أو الكراهية.

وتابع الأمين العام قائلا: “نحن ندرك أن العالم اليوم يواجه تحولات متسارعة وتحديات مركبة لا تعترف بالحدود.. من التغيرات المناخية والتهديدات الأمنية وصولاً إلى الأزمات الإقليمية ومسائل التنمية المستدامة ومخاطر التطور التكنولوجي المتسارع.. وفي هذا الخضم، يصبح الحوار الحضاري ضرورة لا غنى عنها، وأداة مهمة لصياغة حلول تتسم بالاستدامة والابتكار.
وذكر أن العصر الحالي بما يشهده من تغيرات حادة بوتيرة متسارعة قد أصاب الكثيرين عبر العالم بحالة من القلق حيال تطورات متلاحقة لا يستطيعون استيعابها، وتسهم التكنولوجيا الحديثة، خاصة تكنولوجيا التواصل الاجتماعي، في زيادة الاحتقانات، بل وقد تدفع هذه الوسائط، بطبيعتها، إلى الترويج للآراء الأشد تطرفاً التي تستغل مشاعر القلق التي تنتاب عدداً كبيراً من الناس، ويكون من نتيجة هذا كله الترويج لخطاب الكراهية بين الحضارات، وإبراز التناقضات بينها، والتركيز على ما يفرقها لا ما تجتمع عليه من قيم إنسانية لا تخلو منها أية منظومة حضارية.

وشدد على أن التصدي لخطاب الكراهية واجبٌ على كافة المؤسسات التي تعمل لخير المجتمع البشري، وإن الايمان الراسخ في الجامعة العربية هو أن الحضارات الإنسانية تتكامل وتتلاقى، وأن قوتها الحقيقية تكمن في تنوعها، متابعا: ” ولهذا، فإننا نتمسك بمبدأ التكامل الحضاري ونبذ المقاربات الإقصائية، مؤكدين دوماً على احترام الخصوصية الوطنية وحق كل دولة في تحديد مساراتها التنموية والسياسية، بمعزل عن أي إملاءات خارجية.. ففي مضمار الثقافة لا تعلو حضارة على أخرى.. وبمعيار القيم، ليست هناك حضارة أعلى وأخرى أدنى.
وعبر عن التقدير العميق للمبادرة الرئاسية الصينية بشأن الحضارة العالمية التي تمثل إضافة نوعية للخطاب الدولي.. مشيرا الى انها رؤية حكيمة ومتوازنة تساهم في صياغة مستقبل مشترك للبشرية وتتوافق بدرجة عالية مع مبادئنا العربية الإسلامية من تسامح واعتدال وانفتاح على الآخر.

وقال أبو الغيط: “لقد أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال قمة تيانجين عن مبادرة الحوكمة العالمية، التي تسعى إلى معالجة أوجه القصور التي يعاني منها النظام العالمي.. ولا سيما نقص تمثيل دول الجنوب العالمي، وتآكل سلطة القانون الدولي والقرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة، والحاجة الملحة لزيادة الفعالية لمواجهة التحديات العالمية، وتهدف مبادرة الرئيس إلى إصلاح آليات الحوكمة العالمية وتفعيل النظام الدولي متعدد الأطراف، وذلك انطلاقا من عدد من المبادئ والمرجعيات الدولية الواردة في ميثاق الأمم المتحدة، والدول العربية من دون شك هي جزء من الجنوب العالمي، وبالتالي فإن “مبادرة الحوكمة العالمية” تحاكي شواغل الدول العربية إزاء النظام العالمي الحالي وآلياته القائمة.
وأعرب عن اعتقاده بضرورة أخذ هذه المبادرة الهامة بعين الاعتبار والتقدير، وإيلائها ما تستحق من الدراسة والاهتمام، بالنظر إلى إسهامها المنتظر في بناء السلام والتنمية العالميين.
ولفت الى ان الاستثمار المشترك في مجال الثقافة وحماية التراث يفتح آفاق المستقبل، ويسهم في تفكيك الصور النمطية، ويساعد في تمكين الجيل القادم الذي يجب أن نغذيه بالوعي بأن التنوع مصدر قوة وأن الحوار هو السبيل الوحيد لمعرفة الآخر والانفتاح على ثقافته.

ولا يمكن لأي مشروع استراتيجي أن ينجح دون إشراك الشباب الفعال وتمكينهم.. لذا، فإننا ندعم بقوة توسيع برامج التبادل الشبابي والمبادرات المشتركة، كـ “معسكر التبادل للقادة الشباب”، لضمان أن يحملوا هم مسؤولية بناء المجتمع المشترك نحو العصر الجديد، وليكونوا أملنا في عالم أكثر سلاماً وعدلاً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى