د. مجدي الشيمي يكتب: “الاقتصاد المعرفي ودوره في تعزيز النموذج المصري للتنمية المستدامة”
المتخصص في الشؤون الاقتصادية
الاقتصاد المعرفي والنموذج المصري للتنمية المستدامة
استطاعت مصر أن تخطو خطوات مهمة نحو اقتصاد المعرفة، وأن تقطع شوطاً في هذا المجال، وأن توفر منافذ وطرقاً عديدة لنشر وعرض المعلومات بأنواعها المختلفة.
لقد قامت مصر بإنشاء أجهزة رسمية متخصصة لجمع المعلومات المختلفة ونشرها، وتأسيس مواقع لهذه الأجهزة الرسمية عبر الإنترنت، لتكون متاحة للجميع في عصر أصبح الإنترنت نافذة واسعة يطلّ منها الجميع على العالم بأكمله.
ومن هذه الأجهزة مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، الذي يقدم قواعد معلوماتية للباحثين والمتخصصين وصناع القرار، والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الذي يعمل على جمع المعلومات الدقيقة والمختلفة عن السكان والأنشطة الاقتصادية والمهن المختلفة والأعمار وحركة المواليد والوفيات، ونشر ذلك في التعدادات المختلفة مثل تعداد 1976م، وتعداد 1986م، وتعداد 1996م، وتعداد 2006م.
كما قامت مصر بتخصيص مواقع إلكترونية للوزارات الحكومية المختلفة مثل: وزارة الإسكان والمجتمعات العمرانية الجديدة، ووزارة الاستثمار، وغيرهما من الوزارات التي أسست مواقع لها عبر الإنترنت تقدم معلومات وبيانات واشتراطات للمستثمرين، في خطوة نحو تحقيق الحكومة الإلكترونية.
يُقدَّر عدد مستخدمي الإنترنت عالميًا بحوالي 6.04 مليار شخص في عام 2025، مما يمثل ما يقرب من ثلثي سكان العالم. ويُعزى هذا العدد الكبير إلى النمو المستمر بنسبة 5.1% سنويًا، كما يُعتبر انتشار الهواتف الذكية السبب الرئيسي وراء زيادة معدلات الوصول إلى الإنترنت في مختلف أنحاء العالم.
بلغ عدد مستخدمي الإنترنت في مصر في بداية عام 2025 حوالي 96.3 مليون شخص، مما يمثل معدل انتشار يبلغ 81.9% من إجمالي السكان. ويُعزى هذا النمو إلى التوسع في البنية التحتية للإنترنت الثابت والمحمول، وفقًا لتقارير مختلفة صدرت خلال عام 2025.
وتُقدَّر الاستثمارات في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بحوالي 83.3 مليار جنيه للعام المالي 2024/2025، وتتجه لزيادة ملموسة مدعومة من القطاعين الحكومي والخاص. وتتمثل محاور الاستثمار في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مصر فيما يلي:
محاور الاستثمار في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات
البنية التحتية الرقمية: تشمل مشاريع بناء مدن المعرفة، وتطوير شبكات الإنترنت والأبراج، وتحسين البنية التحتية لمكاتب البريد لتصبح مراكز خدمات متكاملة.
توطين الصناعة والتصدير: توسيع استثمارات توطين صناعة تكنولوجيا المعلومات وزيادة صادرات القطاع من الخدمات الاستشارية وخدمات التعهيد بهدف تحقيق عائدات تصل إلى 8.5 مليار دولار.
تنمية المهارات الرقمية: تنفيذ مبادرات مثل “بُناة مصر الرقمية” و”أشبال مصر الرقمية”، بالإضافة إلى برامج تدريبية لزيادة عدد المتدربين في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إلى ما يزيد عن 600 ألف متدرب.
الأمن السيبراني: استكمال مشروعات تطوير حلول الأمن السيبراني لحماية المرافق والقطاعات الحيوية.
الخدمات الحكومية الرقمية: استكمال منظومة تطوير الخدمات الحكومية الإلكترونية، ورفع نسبة مستخدمي الإنترنت في التعاملات الحكومية إلى 31%.
التوثيق الرقمي: إطلاق “الاستراتيجية الوطنية للتوثيق الرقمي وخدمات الثقة 2024–2026” بهدف تعزيز الثقة بالخدمات الإلكترونية.
وقد حقق قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات نموًا بنسبة 13.8% خلال العام المالي 2024/2025، حيث بلغت نسبة مساهمة القطاع 6% من الاقتصاد المصري.
كما بلغ حجم الصادرات الرقمية في مصر 7.4 مليار دولار في عام 2025، وتتمثل أبرز الصادرات الرقمية في خدمات التعهيد، والتي تشمل الموارد البشرية ومراكز الاتصال، بالإضافة إلى خدمات تطوير البرمجيات والدعم الفني وتصميم الدوائر الإلكترونية.
وقد حققت مصر 8.5 مليار دولار كصادرات رقمية في خطة 2025/2026، منها 6 مليارات دولار من صادرات التعهيد.
خاتمة
يمكن القول إن مستقبل الاقتصاد المعرفي في مصر واعد، ويتطلب التركيز على الاستثمار في الشباب، وتطوير البنية التحتية الرقمية، وتبني استراتيجيات مثل استراتيجية صناعة التعهيد لزيادة صادرات خدمات تكنولوجيا المعلومات، مع التركيز على التعليم والبحث والتطوير.
وهناك مؤشرات أولية إيجابية، مثل تحسن ترتيب مصر في مؤشر الابتكار العالمي، حيث تحتل المرتبة 86 عالميًا في عام 2024 وفقًا لبيانات المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO).
كما تقدمت مصر في عدد التجمعات العلمية والتكنولوجية، واحتلت المرتبة الأولى إفريقياً في هذا المؤشر، لكن تظل هناك حاجة مستمرة لتعزيز بيئة عمل جاذبة للابتكار والاستثمارات في المعرفة لضمان تحقيق التنمية المستدامة.


