هل يسمَح بتطعيم الشخص المصاب حاليا بكورونا؟ وما سر المعمرين الذين هزموه؟
كتبت/ صفا البحيري
هل يسمح بتطعيم الشخص المصاب حاليا بفيروس كورونا المستجد “كوفيد-19″؟ وهل يؤدي لقاح كوفيد-19 إلى جعل نتيجة فحص كورونا إيجابية؟ وما سر المعمرين الذين هزموا فيروس كورونا؟ هذه بعض الأسئلة الجديدة التي نحمل لها إجابات بناء على أحدث المعطيات الطبية.
هل يسمح بتطعيم الشخص المصاب حاليا بكوفيد-19؟
الجواب لا، إذ يجب على الشخص المصاب حاليا بفيروس كورونا ألا يتلقى اللقاح. وينصح بتأجيل اللقاح حتى بعد التعافي. هناك عدة أسباب، أولا عندما يصاب شخص ما بفيروس كورونا فإن استجابته المناعية تؤدي إلى إنتاج الأجسام المضادة التي يمكنها التعرف على الفيروس ومهاجمته. الخلايا التي تصنع هذه الأجسام المضادة قادرة على تذكر الفيروس ومهاجمته بعد تعافي الشخص من المرض. تشير الأدلة الحالية إلى أن المناعة يمكن أن تستمر لمدة 90 يوما بعد الشفاء، لذلك فإن إعطاء التطعيم قد لا يقدم فائدة.
أمر آخر أن اللقاح ليس علاجا، أي أنه لا يعالج المصابين بكوفيد-19. وبالتالي فإن إعطاء اللقاح لمصاب حاليا لن يساعد على تخفيف الأعراض.
من جهته كتب دلفين روكوت، في مقال نشرته صحيفة لوموند الفرنسية، أنه إذا كان الشخص مصابا في الوقت الحالي بفيروس كورونا، فلا ينصح بإعطائه اللقاح.
ونقل التقرير عن فرانسوا لوفيفر، من مستشفى ميتز الإقليمي، قوله “عندما تكون المناعة مشغولة في مكان ما، لا ينبغي تحويل اهتمامها إلى مكان آخر” وهو لذلك يؤجل تطعيم المسنين “بمجرد احمرار الحلق” إما إذا لم تظهر على المريض أعراض، فيرى أن ذلك دليل على أن المناعة ليست مشغولة، وبالتالي “قد لا يكون تناول اللقاح خطيرا جدا في هذه الحالة”.
وقال هانسمان الذي كان في مجموعة الأشخاص الذين جربوا لقاح فايزر-بيونتكPfizer- BioNTech) ، إن هذا النوع من الحالات تمت ملاحظته دون أي مضاعفات معينة، خاصة مع كثرة الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أعراض ولا يعرفون أنهم حاملون للفيروس، إلا أن السلطة العليا للصحة توصي بإجراء اختبار وتأجيل التطعيم في حالة وجود نتيجة إيجابية.
أما في حالة وجود إصابة مثبتة، فيصبح التطعيم ببساطة غير ضروري، حيث يقول هانسمان “إذا كانت لديك أعراض مثل الحمى، فليس من المنطقي أخذ اللقاح، لأن الأوان قد فات”، إذ لن يكون اللقاح قادرا على حماية الأشخاص المصابين حالا بالفيروس.
هل يؤدي لقاح كوفيد-19 إلى جعل نتيجة فحص كورونا إيجابية؟
وفقا لجامعة وسط فلوريدا، لا، لن يتسبب اللقاح في أن تكون نتيجة اختبار كورونا إيجابية، مثل اختبار “تفاعل البوليميراز المتسلسل” “بي سي آر” (Polymerase chain reaction) (PCR)، أو اختبار المستضد antigen.
ومع ذلك قد تكون نتيجة اختبار الأجسام المضادة إيجابية، لأن اللقاح يعمل عبر جعل الجسم يطور استجابة مناعية.
هل من المفيد أن يتم تطعيم الشخص عندما يكون قد أصيب بالفعل بكوفيد-19؟
قال تقرير لوموند إن دراسات الاستجابة المناعية لفيروس كورونا المستجد -واسمه العلمي سارس كوف 2- أظهرت أن الجسم ينتج أجساما مضادة معادلة، قادرة على منع دخول الفيروس إلى الخلايا.
غير أن هذه الأجسام المضادة -كما تقول الصحيفة- تنخفض كميتها في الأشهر التالية للإصابة، مع أن هناك نوعا آخر من الدفاع يلعب دوره، وهو الخلايا الليمفاوية بي ذات الذاكرة التي تستمر 6 أشهر أو 8 على الأقل، وهي قادرة على تحفيز إنتاج الأجسام المضادة بسرعة في حالة عودة المرض، ومعنى ذلك أن الجسم قادر على الدفاع عن نفسه إذا واجه الفيروس مرة أخرى.
وأوضحت الصحيفة أن التطعيم لا يمثل من وجهة نظر مناعية، أولوية بالنسبة للأشخاص الذين أصيبوا بالفعل بكوفيد-19، يقول الباحث بالمعهد الوطني الفرنسي للصحة والبحوث الطبية، بهازين كومباديير، “بعد الإصابة إذا كانت هناك مناعة ضد الفيروس، فلا ضرورة لتلقي التطعيم”.
غير أن المدة الحقيقية لهذه المناعة لا تزال مثارا للأسئلة –كما تقول الصحيفة- لضآلة التجربة مع الفيروس، كما أنه من غير المعروف ما إذا كان ما تثيره الإصابة من آليات مناعية تختلف حسب تحورات الفيروس، خاصة أن كل شخص يتفاعل بشكل مختلف مع العوامل المعدية، مما يعني أن الاستجابة المناعية ستختلف من فرد إلى آخر.
وهنالك -حسب الصحيفة- أمر آخر غير معروف، هو مدة المناعة التي يوفرها اللقاح، تقول كلير آن سيغريست، رئيسة مركز التطعيم في مستشفيات جامعة جنيف إن “مدة الحماية بعد التطعيم ليست معروفة بعد، ولكن ميزة الحماية بنسبة 95% (التي يوفرها لقاح فايزر-بيونتك) من المحتمل أن تستمر لفترة أطول من المناعة الطبيعية”.
أما من وجهة نظر الصحة العامة، فقد تأتي المناعة الناتجة عن اللقاح لتقوية المناعة الطبيعية، حيث يؤكد إيف هانسمان، رئيس قسم الأمراض المعدية في مستشفى جامعة ستراسبورغ “إنه شيء مكمل. الفكرة هي أن تكون هناك مناعة جيدة قدر الإمكان لدى جميع السكان لمنع الفيروس من الانتشار”.
وتساءلت الصحيفة: هل من المفيد إجراء فحص أمصال قبل اللقاح لقياس وجود الأجسام المضادة؟ لترد السلطة العليا للصحة بالنفي، مشيرة إلى أن هذا الاختبار “لا يحدد الأشخاص الذين يحتمل أن يكونوا محميين ضد الفيروس، ولكن فقط: هل الشخص قد واجه الفيروس من قبل”.
هل يمكن تطعيم الحوامل؟ وماذا عن الأطفال؟
بالنسبة للحوامل والقصر، فلا تشملهم البيانات المقدمة من المختبرات، إذ تقدمت شركة فايزر للحصول على ترخيص السوق للأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 16 عاما وأكثر، كما درست شركة مودرنا Moderna فقط الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 18 عاما فما فوق.
ونتيجة لذلك، ترى سيغريست أنه “من غير المعقول التوصية بتطعيم هؤلاء الأشخاص”، وبالتالي يتعين انتظار الدراسات السكانية، بعد تقديم التطعيم على نطاق واسع في العديد من البلدان، ولكنها تضيف أن “البعض يعتقد أن مخاطر اللقاح أقل بكثير من مخاطر كوفيد-19، حتى بالنسبة للنساء الحوامل”.
ومع أن “بعض اللقاحات الحية المضعفة ممنوعة عند الحوامل، فإن لقاحات فايزر ومودرنا ليست كذلك، ولا يمكن أن تسبب الإصابة”، كما يقول هانسمان، إلا أن المعلومات المتعلقة بالآثار الجانبية المحتملة لهذه اللقاحات ليست متوفرة حتى الآن.
وفي غياب البيانات بالنسبة للقصر، يرى هانسمان أنهم “ربما يكونون آخر من سنتخذ قرارا بشأنهم”، خاصة أن الدراسات الحالية تظهر أن خطر الإصابة لديهم بكوفيد-19 أقل من البالغين.
ما سر المعمرين الذين هزموا فيروس كورونا؟
في مقال نشرته صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، قالت إيلينا دوسي إن العديد من المعمرين الذين تغلبوا على فيروس كورونا يتذكرون تاريخ تعافيهم من الإنفلونزا الإسبانية قبل قرن من الزمان. وهو ما دفع الأستاذ بجامعة بولونيا وأحد أكبر المتخصصين في دراسة المعمرين في العالم، كلاوديو فرانشيسكي، إلى التساؤل عما إذا كان السر وراء تعافيهم هو نوع المناعة المكتسبة. ورغم اختلاف الفيروسات التي تسبب الإنفلونزا وكوفيد-19، يبدو أن سرّ نجاة هؤلاء المعمرين يكمن في جهازهم المناعي.
ونقلت الكاتبة عن الطبيبة المختصة في علم المناعة في جامعة مودينا وريجيو إميليا، أندريا كوساريزا قولها “قمنا بتحليل عينات دم اثنين من المعمرين المتعافين من فيروس كورونا دون التعرض لمضاعفات خطيرة. مقارنة بالشباب، كانت مستويات البروتينات المتعلقة بالالتهاب لديهم ذات تركيزات منخفضة جدا. نحن ندرك أن أخطر أعراض كوفيد تنجم عن عاصفة خلوية تتمثل في رد فعل مفرط واستجابة غير منسقة لجهاز المناعة. ولدى المعمرين مستويات كبيرة من المواد المضادة للالتهابات التي تساعد في التحكم في شدة الاستجابة المناعية”.
يقول فرانشيسكي إن “أجسام المعمرين الذين هزموا فيروس كوفيد لديهم نوع من منظم الحرارة يعرف كيفية تنظيم درجة حرارة الالتهاب، مما يمنع الجهاز المناعي من فقدان تركيزه في مواجهة فيروس كورونا. وذلك ما يفسر تمتعهم بصحة جيدة رغم تقدمهم في السن”.
ما آخر المعطيات حول التجارب على لقاحات كورونا؟
1- الأجسام المضادة لكوفيد-19 من تصنيع شركة ليلي تخفض حالات الاستشفاء والوفيات
أظهر مزيج من نوعين من الأجسام المضادة لكوفيد-19 من تصنيع شركة الأدوية الأميركية “إيلي ليلي” Eli Lilly قدرته على خفض حالات إدخال المستشفى والوفيات بنسبة 70% لدى المرضى المعرضين لمخاطر عالية والذين ثبتت إصابتهم مؤخرا بالفيروس، حسبما أعلنت الشركة الثلاثاء.
وأعلن كبير المسؤولين العلميين لدى الشركة دانيال سكوفرونسكي أن “بملانيفيماب bamlanivimab وإتيسيفيماب etesevimab مجتمعين لديهما القدرة ليكونا علاجا مهما يخفض بشكل كبير عدد حالات الاستشفاء والوفيات لدى مرضى كوفيد-19 المعرضين لمخاطر عالية”.
وتعني النتائج أن المرحلة الثالثة من التجارب التي شملت 1035 شخصا حققت هدفها الرئيسي، وأن الدراسة حققت أيضا أهدافها الثانوية المتمثلة بخفض الحِمل الفيروسي، أي كمية الفيروس الموجودة في جسم المريض، وفترة التعافي من المرض.
2- لقاح مودرنا فعّال ضد النسختين المتحوّرتين البريطانية والجنوب أفريقية من كوفيد-19
أعلنت شركة مودرنا الأميركية للتكنولوجيا الحيوية في بيان الاثنين أن اللقاح المضاد لكوفيد-19 الذي طوّرته -واسمه “إم آر إن إيه-1273” (mRNA-1273)- لا يزال فعالا ضد النسختين المتحوّرتين البريطانية والجنوب أفريقية من الفيروس.
وأوضحت مودرنا أنها تعمل على تطوير جرعة إضافية لزيادة الحماية من النسخ المتحوّرة.
وأعلن رئيس مجلس إدارة مودرنا ستيفان بانسيل “البيانات الجديدة مشجعة للغاية مما يعزز ثقتنا بأن يؤمن لقاح مودرنا ضد كوفيد-19 حماية من هذه النسخ الجديدة المتحورة”.
3- مختبر ميرك الأميركي يوقف تطوير لقاحين ضد كوفيد-19
أعلن مختبر ميرك Merck الأميركي لإنتاج الأدوية الاثنين أنه سيوقف تطوير مشروعي لقاحين ضد كوفيد-19 أحدهما اللقاح المطور بالتعاون مع معهد باستور في فرنسا، معتبرا أنهما ليسا أكثر فعالية من تلك التي طورتها شركات أخرى.
وقالت الشركة في بيان إن نتائج أولى التجارب السريرية حول اللقاحين “في 590″ V590 و”في 591” V591 أثبتت أن “الاستجابة المناعية (لدى الأشخاص الذين حصلوا عليهما) أقل من تلك الناجمة عن عدوى طبيعية أو تلك التي تسببها اللقاحات الاخرى” ضد كوفيد-19.
ويأتي قرار التخلي عن تطوير اللقاحين، في وقت تجد المختبرات الأخرى الحاصلة على تراخيص لتطوير لقاحاتها صعوبة في تلبية الطلب.
4- معهد باستور أعلن عن تخليه عن التجارب التي كان بصدد إجرائها على لقاح كورونا
أظهرت التجارب السريرية الأولى أن الحماية التي يوفرها لقاح معهد باستور لا ترقى إلى المستويات المطلوبة التي حددتها منظمة الصحة العالمية، وهو ما مثّل ضربة قاسية للبحوث المخبرية الفرنسية.
وفي التقرير الذي نشرته صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، يقول الكاتب فنسنت بوردناف إنّ معهد باستور قد أعلن عن تخليه عن التجارب التي كان بصدد إجرائها على اللقاح المنتظر للتصدي لكوفيد-19. تبين أن السبب الكامن وراء هذا القرار هو عدم فعالية اللقاح بدرجة كافية خاصة مقارنة بالنتائج التي أحرزتها اللقاحات المعروضة في السوق.
يصرح كريستوف دونفيرت، المدير العلمي في معهد باستور بأن “ذلك شكّل خيبة أمل كبيرة. اكتشفنا أنّ الاستجابات المناعية المستحثة أقل من تلك التي لوحظت لدى الأشخاص الذين تعافوا من عدوى طبيعية. نحن، بلا شك، لم نرق إلى المستوى الذي تتطلبه منظمة الصحة العالمية والبالغ 50%”.
يشير الكاتب إلى أنه من وجهة نظر صحية، تظل تبعات هذا التخلي نسبية. فمن جهة، تخلف هذا المشروع الفرنسي عن الآجال المحددة للتسليم النهائي. ولم يتقدم الاتحاد الأوروبي بطلبات للحصول على أيّة جرعة مسبقة، ناهيك أنّ أكثر التوقعات الباعثة على التفاؤل تكهنت بأن تسويق اللقاح لن يتم قبل نهاية عام 2021.
لكن ذلك لا يخفّف من وطأة هذه الضربة القاصمة على مجال الأبحاث الفرنسية خاصةً أن شركة سانوفي حذرت من أن هناك تأخيرا كبيرا طرأ على سير عملية تطوير لقاحها المرشح. ما زاد الطين بلة أنه تزامنا مع دخول لقاح مختبر سانوفي بالفعل مرحلته النهائية من التجارب السريرية، طلب الاتحاد الأوروبي 300 مليون جرعة مسبقة في حين كانت فرنسا تعول على 45 مليون جرعة في النصف الثاني من عام 2021.