التأمين الشامل.. أداة لإغلاق فجوة الحماية وتعزيز التنمية

كتب / عاطف طلب
يُعدّ التأمين الشامل أحد أهم الأدوات القادرة على تحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي وتعزيز الشمول المالي والتنمية المستدامة، إذ يمنح الأفراد والأسر مظلة أمان تمكّنهم من مواجهة الأزمات بثقة واتخاذ قرارات مالية أكثر جرأة.
في عالمٍ تتزايد فيه الكوارث الطبيعية والاقتصادية، تتضح أهمية وجود آليات رسمية للحماية، خصوصًا للفئات محدودة الدخل والمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، التي غالبًا ما تكون أول من يتأثر وآخر من يتعافى عند وقوع الأزمات.
فهذه الفئات، التي تمثل قاعدة الهرم الاقتصادي، تفتقر في كثير من الأحيان إلى الموارد الكافية أو المعرفة الكافية للتعامل مع المخاطر، وتعتمد على أساليب غير رسمية مثل الاقتراض أو بيع الأصول أو الاعتماد على الأسرة، وهي حلول قصيرة الأجل كثيرًا ما تعمّق من الأزمات.
فجوة تأمينية تتسع
تشير التقديرات الدولية إلى أن نحو 4 مليارات شخص حول العالم يمكن أن يستفيدوا من منتجات التأمين الشامل، أي ما يعادل نصف سكان العالم تقريبًا، إلا أن معظمهم ما زال خارج نطاق الحماية التأمينية بسبب محدودية انتشار النماذج التقليدية وارتفاع التكلفة وضعف الوعي التأميني.
ويقول خبراء الاقتصاد إن التأمين لا يقتصر على التعويض عن الخسائر فقط، بل هو ركيزة للثقة في الاستثمار والإنتاج، كما عبّر هنري فورد ذات مرة:
> “العالم بأسره يعتمد على التأمين، فلولاه لاحتفظ كل شخص بأمواله خوفًا من خسارتها، وتراجعت الحضارة إلى ما بعد العصر الحجري بقليل.”
ما هو التأمين الشامل؟
بحسب الرابطة الدولية للاكتواريين، يُعرّف التأمين الشامل بأنه:
> “منتجات تأمينية وادخارية متاحة لجميع البالغين بطريقة ميسّرة ومسؤولة وبأسعار معقولة، مع ضمان استدامة مقدّم الخدمة.”
ويشمل هذا المفهوم التأمين متناهي الصغر (Microinsurance)، الموجّه إلى الشرائح ضعيفة الدخل، وهو ما يجعله أكثر ارتباطًا بالعدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية.
اختلاف عن النماذج التقليدية
يختلف التأمين الشامل عن التأمين التقليدي في بنيته التشغيلية وطريقة توزيعه، إذ يعتمد على شراكات متعددة الأطراف تضم شركات التأمين ومقدمي الخدمات الفنية، وأحيانًا شركات الاتصالات أو المنصات الرقمية للوصول إلى الشرائح غير المخدومة.
هذه النماذج مرنة وأكثر قدرة على التكيّف مع احتياجات المجتمعات، خاصة في الدول النامية.
سوق واعد في الدول النامية
وفقًا لتقرير شبكة التأمين متناهي الصغر لعام 2024، بلغ عدد المستفيدين من التأمين الشامل في 37 دولة نحو



