م.نسيمة عبدالله العيدروس تكتب: جرح ودرس

في زحمة الحياة وضجيجها، يظلّ السلام الداخلي كالنسيم العليل الذي ينعش أرواحنا ويعيد ترتيب أفكارنا. قد يظنه البعض بعيدًا أو صعب المنال، لكنه في الحقيقة يسكن أعماقنا، ينتظر فقط أن نفتح له الأبواب.
السلام الداخلي لا يعني غياب التحديات أو خلوّ الطريق من العقبات، بل يعني أن نواجه ما يأتينا بقلب مطمئن وعقل متوازن. ففي كل أزمة فرصة، وفي كل جرح درس، وفي كل خيبة بداية جديدة أكثر إشراقًا.
عندما نتصالح مع أنفسنا ونتقبل ضعفنا قبل قوتنا، نجد أن الحياة تصبح أخفّ وأجمل. الأخطاء ليست نهاية، بل هي دليل على أننا نحاول ونتعلم. وما دُمنا نتعلم، فالأمل يرافقنا في كل خطوة.
الامتنان هو المفتاح السحري لهذا السلام. حين نلتفت للنِعَم الصغيرة التي تحيط بنا—ابتسامة، كلمة طيبة، لحظة دفء—ندرك أن السعادة ليست بعيدة، بل هي أقرب مما نتصور.
أما التسامح، فهو هدية نهديها لأنفسنا قبل الآخرين. فحين نعفو، لا نحرر القلوب من الضغينة فحسب، بل نفتح أمام أرواحنا طريقًا واسعًا نحو النور والراحة. كما قال مستر منديلا ” إذا اردنا التحرر علينا ان نسامح اولاً!
السلام الداخلي ليس غاية نهائية نصل إليها ثم نتوقف، بل هو رفيق درب نسير معه ما حيينا. وكلما تعلمنا أن نصغي لنداء أرواحنا وسط ضجيج العالم، سنكتشف أن في داخل كل عاصفة بذرة هدوء، وفي داخل كل قلب نافذة أمل تضيء الطريق مهما كان مظلمًا.