قارة تطرز أناقتها بخيوط الهوية.. كيف غزت الموضة الإفريقية منصات العالم؟

لم تعد الموضة الإفريقية مجرد ملامح محلية تعكس تنوع الشارع في داكار أو لاغوس، بل تحولت إلى لغة عالمية تتردد أصداؤها في أرقى المنصات مثل “الميت جالا” وكبريات دور الأزياء، فقد باتت الأزياء المستوحاة من القارة السمراء تُعبر عن هوية متجذرة، تنسج الأناقة بخيوط التراث والطبول القديمة والنقوش الزاهية التي تحكي تاريخ الشعوب الإفريقية.
خلال العقدين الماضيين، استطاع جيل جديد من المصممين الأفارقة وأبناء الشتات تحويل الشغف المحلي إلى صناعة تقدَّر اليوم بأكثر من 15 مليار دولار سنويًا.
كما ساهمت موسيقى القارة، بحسب مركز فاروس للدراسات الافريقية، خاصة تيار Afrobeats، في تعزيز حضور الموضة الإفريقية عالميًا، حيث أطلق فنانون مثل Wizkid وBurna Boy خطوط أزياء خاصة. كما تبنّى نجوم عالميون هذه الموضة، من بينهم بيونسيه التي ارتدت من علامة “Tongoro” السنغالية، إضافة إلى ممثلات مثل لوبيتا نيونجو ووونمي موساكو اللواتي اعتمدن التصاميم الإفريقية على السجادات الحمراء، في إشارة إلى مكانة الأزياء كرمز للاعتزاز بالهوية.
ورغم هذا الحضور البارز، تبقى الموضة الإفريقية محاصرة بتحديات أبرزها ارتفاع أسعارها نتيجة إنتاجها اليدوي المحدود، إلى جانب غياب المتاجر الثابتة وصعوبة الشحن الدولي. كما أن معظم التصاميم موجهة للمناسبات الخاصة، ما يعوق دمجها في الحياة اليومية. ورغم ذلك، تؤكد المؤشرات أن هذه الموضة ليست مجرد صناعة أزياء، بل حركة ثقافية تعكس قدرة إفريقيا على تحويل تراثها إلى لغة عالمية في قلب صناعة الأناقة الدولية.
ويرى خبراء الموضة أن انتشار الأزياء الإفريقية يعكس موجة أوسع من النهضة الثقافية للقارة، حيث لم تعد إفريقيا مجرد مصدر للإلهام، بل باتت شريكًا فاعلًا في صياغة ملامح الموضة العالمية. ويؤكد مراقبون أن استمرار هذا الزخم، إلى جانب دعم الحكومات والمستثمرين لصناعة الأزياء محليًا، قد يجعل من الموضة الإفريقية أحد محركات القوة الناعمة للقارة، وأداة لتعزيز حضورها الاقتصادي والثقافي على الساحة الدولية.