قضية القس دوماديوس.. ذريعة لدق اسفين في العلاقات المصرية الإيرانية
كتب / محمد حمود
منذ سنوات طويلة، كلما تراودت انباء تتحدث عن تحسين العلاقات بين مصر وإيران، استخدمت بعض التيارات والمستفيدين من عدم تحسن العلاقات بين البلدين ذرائع كاذبة لخلق سيناريوهات واهية ونشر الأخبار المفبركة في محاولة لدق اسفين في العلاقات بينهما.
تجلى ذلك في قضية القس دوماديوس إبراهيم حبيب المثيرة للجدل، أحد مشاهير أساقفة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، حيث سارعت صحيفة الشرق الأوسط لخلق فبركات تؤكد علاقة هذا القس مع ايران، وهذا الادعاء السخيف هو اتهام لإيران مرة أخرى بترويج التشيع السياسي في مصر من خلال الكنيسة القبطية.
ويبدو أن القوى المناهضة للتطبيع وتعزيز العلاقات بين القاهرة وطهران تستخدم أي سيناريو حتى لو كان غير ذي صلة لتحقيق أهدافها، لا بل تصر عليه. لذلك ينبغي معرفة من هم المستفيدون من الوضع الحالي وما أهدافهم من تأجيج هذه القضايا، وبالأساس من هم الذين يروون القصص وينشرونها تنفيذا لاملاءات تصدر من خلف الستار؟
وبالطبع يجب الأخذ في الاعتبار أن هذه الأمور أثيرت بعد زيارة وزير الخارجية المصري للمشاركة في مراسم تأبين الرئيس الإيراني الراحل واتخاذ الخطوات النهائية لتعزيز العلاقات بين البلدين، وهي الزيارة التي جاءت بعد 45عاماَ من البرود في العلاقات، وحملت رسالة إيجابية للطرفين.
ومن المثير للاهتمام أن تصرفات هذا القس والتغطية الإعلامية له تبدو مشبوهة بشكل واضح، وفي الحالة الأكثر تفاؤلاً يكون ذلك بسبب بساطته، أما في الحالة الأخرى فيجب النظر إليه بعين الاعتبار واعتبار أن مثل هذا السلوك الصريح وغير المنطقي هو تحصيل حاصل للجهة الرافضة لتحسين العلاقات بين البلدين، والقس هو مجرد أداة لتلك الجهة لخلق انقسام جديد وتخويف مصر من إيران.
إذا فكرنا قليلاً في هذا الموضوع، سنرى أن هذه الجماعات ظلت تطلق مثل هذه الاتهامات ضد إيران منذ سنوات، ولكن كم عدد الأشخاص الذين قامت إيران بتشييعهم خلال هذه السنوات؟ وإذا كانت إيران تسعى إلى جعل السنة في البلدان الأخرى شيعة، فلماذا لم تشيع سنتها حتى الآن؟ أهل السنة الذين انتشروا في جميع أنحاء إيران ويعيشون في العديد من المحافظات على امتداد اراضي البلاد.
وبحسب التقارير والتحليلات والاتهامات، فإن هذا القس المثير للجدل متهم بزيارة إيران العام الماضي من خلال المشاركة في مؤتمر الإمام الرضا في مشهد، وحضور مراسم عزاء الأربعين، وزيارة مرقد الإمام الرضا واجرائه محادثات مع المواطنين، وحضوراجتماعات عديدة في قم مع علماء الشيعة وحضور جامعة الأديان وزيارة مرقد المعصومة أخت الإمام الرضا وبعض الاجتماعات في طهران، وكانت مهمته العودة إلى مصر من أجل استقطاب الشعب المصري، سواء السني أو المسيحي إلى المذهب الشيعي والميل إلى مدرسة الامام الحسين.
ومن اكثر ما زاد الطين بلة هو قيام هذا القس صاحب العلاقة المزعومة مع ايران بذبح بقرة يوم عيد الأضحى وتوزيع الحلويات والهدايا على المسلمين وتحميل مقاطع عديدة على الحسابات الخاصة به وتصريحاته على قناة شيعية فيما يتعلق بمسائل ذات صلة بالشيعة وأهل البيت، ومقارنة دعوة المسيح بانتفاضة الامام الحسين.
وكتب شخص يدعى عبد الحميد قطب من كوادر الإخوان في تركيا أن جهاز الأمن المصري كشف عمالة هذا القس وهو على علم بأنه تلقى أموالاً من المخابرات الإيرانية.
وهذه التصريحات تبين أولاً، أن الإخوان أو مجموعة منهم ضد تعزيز العلاقات. وثانياَ، هذا الشخص يكذب لأن عناصر أي جهاز أمني لا يخبرون الآخرين بمثل هذه المعلومات إلا إذا كان أحد مصادر الجهاز و مجموعة من جهاز الأمن المصري متورط في هذا السيناريو، وهذا الامر يبدو غير مرجح.
ولإثبات أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية غير مهتمة بهذه الأمور فقد قامت بإرسال السيد داود زارينبور كالمستشار الثقافي الإيراني في مصر وهو من اهل السنة في إيران، ويشارك في صلاة التراويح وغيرها من احتفالات ومناسبات أهل السنة في مصر، والجمهورية الإسلامية الإيرانية ليس لديها حساسية او اي اهتمام بهذه القضايا.