ليبيا.. “اجتماع متوتر” فشل في حل أزمة رأس جدير
كتب / صالح العوامي
أكثر من شهر مضى على غلق معبر رأس جدير الحدودي بين تونس وليبيا، نتيجة خلافات بين ميليشيات ووزارة الداخلية الليبية في الحكومة المنتهية ولايتها حول إدارته، مع فشل الوساطات ومحاولات إيجاد حل للأزمة التي انعكست آثارها على الدولتين.
وآخر حلقات الأزمة كان اجتماعا عقد الأحد، بحضور ممثلين عن العديد من المجموعات المسلحة الناشطة غربي ليبيا، لإيجاد صيغة تنسيق يمكن من خلالها إعادة العمل بالمنفذ الحدودي، حسبما أكدت مصادر لموقع “الجالية”.
وشهد الاجتماع مشادات تطورت إلى اشتباكات بالأيدي بين ممثلين عن الميليشيات في مدينة زوارة وآخرين لوزير الداخلية عماد الطرابلسي، حيث طلب الأخير تغيير أفراد في الطاقم الإداري للمنفذ الموالين للميليشيات، حسب المصادر ذاتها.
وتوقفت الحركة تماما في المنفذ منذ 19 مارس الماضي، بعد مناوشات محدودة بين ميليشيات زوارة وقوة تابعة لما يسمى بـ”إدارة إنفاذ القانون”، التي دخلت إلى المعبر بتكليف من الطرابلسي للسيطرة عليه.
وبدأ وزارة الداخلية مساعيها في السيطرة على المنفذ بهدف “مكافحة التهريب وضبط التجاوزات وتسيير حركة التنقل بين ليبيا وتونس”، بينما يتهم الطرف الآخر الطرابلسي بـ”السعي لتنفيذ أجندة جهوية ومناطقية للسيطرة على المعبر”.
“هيبة الدولة”
ويرد المحلل السياسي الليبي عز الدين عقيل على وصف البعض تحركات الطرابلسي بأنها “محاولة لاستعادة سيادة الدولة”، قائلا إن “هناك عشرات القضايا الأكثر أهمية من وضع منفذ رأس جدير، وتمس بشكل مباشر هيبة وسيادة الدولة”.
ويضيف عقيل لموقع “الجالية”: “هناك بالفعل عناصر مشاغبة من المجموعات المسلحة يؤثرون في عملية التهريب بالمنفذ، لكن ليس على نطاق خطير كما يجري في البلاد حاليا عبر منافذ أخرى، أو حتى من خلال البحر بالساحل الغربي”.
وحسب المحلل الليبي، فإن “كلها جماعات مسلحة في المنطقة الغربية حتى لو انضوت تحت قيادة وزارتي الداخلية أو الدفاع في طرابلس، فلو كانت هناك قوات حكومية حقيقية في الغرب الليبي لاستعادت البلاد عافيتها”.
ويتفق معه الباحث السياسي محمد قشوط، الذي أشار إلى سيطرة ميليشيات أخرى على مطار معيتيقة الدولي في طرابلس ومصفاة الزاوية والمعابر والمؤسسات الحيوية في غدامس ووازن، و”هناك يروج التهريب بالمليارات”.
ويقول قشوط لموقع “الجالية”: “ليس دفاعا عن الفساد والتهريب وسوء المعاملة الذي ترتكبه الميليشيات في منفذ رأس جدير، لكن الإصلاح يجب أن يبدأ من الأعلى إلى الأسفل ليشمل الجميع، ويتم تفكيك جميع الإمبراطوريات التي صنعتها المجموعات المسلحة من مال الليبيين”.
وتتسابق الميليشيات على السيطرة على المرافق والمؤسسات الحيوية غربي ليبيا التي من المفترض أن تخضع لإدارة حكومية، كالموانئ والمعابر والمراكز الاقتصادية الأخرى.
وتسبب استمرار غلق منفذ رأس جدير في أزمات عدة، حيث لا تكفي القدرة التشغيلية في منفذ وازن البري، المعبر الآخر بين ليبيا وتونس، استيعاب كم الحركة لمواطني الدولتين، إذ كان الليبيون الذين ينتقلون إلى تونس من أجل العلاج وغيره من الأنشطة، هم الأكثر تضررا.
أما على الجانب الآخر، فقد أدت الأزمة إلى شلل اقتصادي في مناطق الجنوب التونسي التي كانت تعتمد على الزائرين الليبيين، حيث توقفت أنشطة بها، وفق ما رصده مجلس الأعمال التونسي الليبي الذي دعا السلطات التونسية إلى التدخل دبلوماسيا ولعب دور الوساطة لإعادة فتح المعبر.