هل يسبب لقاح كورونا من فايزر عقم النساء؟
كتب/ هدي فتحي
يتداول مستخدمو واتساب منشورات تزعم أن رئيس الأبحاث في شركة فايزر Pfizer قال إن لقاح كوفيد-19 يسبب العقم لدى الإناث، فما الحقيقة؟ وهل ستتلقى الحوامل لقاح فيروس كورونا المستجد؟
نبدأ مع الزعم نفسه، إذ وفقا لتقرير في موقع “سنوبس” Snopes لتقصي الحقائق، فإن هذه الشائعة قد تم تداولها أوائل ديسمبر/كانون الأول 2020 بين مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي.
وتم الحصول على القصة من مدونة على الإنترنت، وأشارت إلى تصريحات أدلى بها شخص اسمه مايكل ييدون.
المشكلة أن ييدون ليس رئيس أبحاث فايزر، ولكنه عمل لدى الشركة وتركها عام 2011، ولم يكن وقتها حتى رئيس الأبحاث.
أرسل ييدون، والطبيب الألماني فولفجانج وودارج، خطابا إلى وكالة الأدوية الأوروبية، داعيا لوقف التجارب السريرية للقاح كوفيد-19 من شركة فايزر بالاتحاد الأوروبي. وزعم أن لقاح فايزر منع بروتينا أساسيا في تكوين المشيمة بالثدييات، وأن النساء اللواتي يتلقين اللقاح يمكن أن يصبن بالعقم. ومع ذلك لم يذكرا أن اللقاح يسبب العقم.
معلومات مضللة
أكد موقع سنوبس أن كل من ييدون ووودارج قاما بنشر معلومات مضللة عن كوفيد-19 بالماضي. ادعى الأول في منشور على مدونة في أكتوبر/تشرين الأول 2020 أن “الوباء قد انتهى فعليا”. وادعى الثاني في مقطع فيديو على يوتيوب في مارس/اذار أن الفيروس لم يكن أكثر ضررا من الإنفلونزا الموسمية. ونحن نعرف أن الزعمين كاذبان. فكوفيد-19 أشد فتكا من الانفلونزا، والوباء لم ينته بعد، وحتى اللحظة قتل أكثر من 1.5 مليون شخص على مستوى العالم.
القصة كاذبة
أعلنت شركة فايزر في 2 ديسمبر/كانون الأول 2020 أنها حصلت على إذن من مسؤولي الصحة العامة بالمملكة المتحدة لبدء إعطاء اللقاح. وذكرت وكالة أسوشيتد برس “أوصت وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية في بريطانيا باللقاح بعد أن أظهرت التجارب السريرية التي شارك فيها عشرات الآلاف من المتطوعين أنه فعال بنسبة 95% ولم يظهر أي آثار جانبية خطيرة. لا يزال اللقاح يعتبر تجريبيا حتى يتم إجراء الاختبار النهائي.
ولا ذكر لخطر العقم في دراسة فايزر -الذي طورته مع شريكتها “بيونتك” (BioNTech) الألمانية- المتاحة للجمهور. وفي 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 قالت فايزر في بيان صحفي إنه لم تتم ملاحظة مخاوف تتعلق بالسلامة أثناء دراسات اللقاح.
ماذا يقول الأطباء عن تطعيم الحوامل بكورونا؟
كشفت إرشادات جديدة أن الحوامل لن يتلقين لقاح فيروس كورونا خلال طرحه الأولي بالمملكة المتحدة لأن المخاطر المحتملة غير معروفة، وذلك وفق تقرير إيمي جونز في صحيفة ديلي تلغراف.
وبعد أن وافقت المملكة المتحدة على لقاح فايزر للاستخدام الأربعاء، قامت اللجنة المشتركة للتلقيح والتحصين “the joint committee on vaccination and immunisation) “JCVI) بتحديث نصائحها لحث الحوامل على عدم التقدم للتلقيح.
وقالت اللجنة إن هناك نقصا في الأدلة حول تأثير اللقاح على الحوامل، لكنها أكدت أن المزيد من الأبحاث لتقييم المخاطر لا تزال جارية.
وتقول النصيحة “البيانات المتعلقة بتأثير اللقاح على الانتقال (الفيروس) جنبا إلى جنب مع البيانات المتعلقة بسلامة اللقاح وفعاليته، ومن المحتمل أن تسمح بالنظر في التطعيم عبر بقية السكان. ومع اكتمال التجارب على الأطفال والحوامل، سنكتسب أيضا فهما أفضل لسلامة وفعالية اللقاحات لدى هؤلاء الأشخاص”.
كما تنصح اللجنة بعدم تلقيح أولئك الذين تقل أعمارهم عن 16 عاما نظرا لوجود “بيانات محدودة جدا حول التطعيم لدى المراهقين، مع عدم وجود بيانات حول التطعيم لدى الصغار في هذا الوقت”.
وتقول الدراسة إن الصغار الذين يعانون من “مخاطر عالية جدا للتعرض والنتائج الخطيرة” -مثل الأطفال الأكبر سنا الذين يعانون من إعاقات عصبية شديدة- يجب أن يتلقوا التطعيم.
وقال تقرير ديلي تلغراف إن هيئة الصحة العامة بإنجلترا (Public Health England) نشرت الأسبوع الماضي إرشادات تفيد بعدم وجود “أدلة كافية” للتوصية بالاستخدام الروتيني للقاحات كوفيد-19 أثناء الحمل.
وذكرت التوجيهات أنه بينما “لا يوجد خطر معروف” مرتبط بالحمل “كما هو الحال مع معظم المنتجات الصيدلانية، لم يتم إجراء تجارب سريرية محددة للقاح كوفيد-19 على الحوامل”.
ويضيف التقرير “رغم أن البيانات المتاحة لا تشير إلى أي مخاوف تتعلق بالسلامة أو ضرر للحمل، لا توجد أدلة كافية للتوصية بالاستخدام الروتيني للقاحات كوفيد-19 أثناء الحمل”.
لم يتم اختباره
ويقول موقع خدمة المعلومات الصحية الوطنية في أسكتلندا “NHS inform” إنه لا يُنصح بلقاح الحوامل أو اللواتي يخططن للحمل، حيث لم يتم اختباره على الحوامل.
ويضيف أنه يجب تقديم اللقاح للحوامل المعرضات لخطر الإصابة بفيروس كورونا (مثل العاملات بالرعاية الصحية في الخطوط الأمامية والعاملين بمجال الرعاية الاجتماعية) في أقرب وقت ممكن بعد الولادة.
تبرير معقول
بالمقابل يقول تقرير بريان دبليو سيمبسون بمجلة هوبكنز بلومبيرغ ببليك هيلث Hopkins Bloomberg Public Health إن الخبراء يقولون إن الآمال التي أثارها التطور السريع للقاحات لا تمتد حتى الآن لتشمل الحوامل، ولكن يجب مراعاة سلامتهن واحتياجاتهن أثناء توزيع اللقاحات.
وأضاف أنه بالولايات المتحدة لم يسمح للحوامل بالمشاركة في تجارب اللقاح، لذا فإن البيانات الخاصة بالسلامة أثناء الحمل ستكون متأخرة ومحدودة في أحسن الأحوال.
وسيساعد المزيد من المعلومات حول اللقاح، والتهديد الذي يشكله كوفيد-19 على الحوامل وأطفالهن، الخبراء في تقييم مخاطر التطعيم مقارنة بخطر عدم التطعيم ضد مرض يمكن أن يسبب ضررا جسيما.
وتقول روث كارون مديرة مركز أبحاث التحصين ومبادرة لقاح جونز هوبكنز بمدرسة بلومبيرغ “بحلول العام المقبل، نأمل أن تكون لدينا صورة أوضح على جانبي المعادلة.. إذا كان الفيروس يمثل خطرا كبيرا على الحوامل، فمن المحتمل أن يتم تقديم لقاح للحوامل في وقت أقرب”.
ونقل التقرير عن كارلي كروبينر زميل السياسة بمركز التنمية العالمية أنه يجب أن يكون هناك تبرير معقول يستند إلى ملف تعريف المخاطر والفوائد، فـ “عدم القيام بذلك واستبعاد الحوامل بشكل قاطع دون هذا التبرير لن يكون أخلاقيا”.
ويضيف “المهم أنه لا ينبغي ترك الحوامل متخلفات أثناء تطوير هذه التقنيات الجديدة واللقاحات الجديدة. يجب مراعاة احتياجاتهن”.
ختاما يجب التأكيد أن التوصيات الطبية تخضع دائما للمراجعة بناء على أحدث النتائج من الأبحاث والاختبارات الطبية. لذلك فقد يتم لاحقا التوصية بإعطاء اللقاح للحوامل. دائما استشري طبيبك والهيئات الصحية الرسمية في بلدك.