ليبيا..باتيلي يشعل فوضي الصراعات السياسية بين الخمسة الكبار

كتبت/ صفية الدمرداش

تعددت سيناريوهات الأطراف السياسية في ليبيا واتفقتا علي عدم الاتفاق بشأن دعوات المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي، بالانضمام إلي طاولة الحوارالوطني بين القوى الرئيسية لحلّ الخلافات التي تعوق إجراء الانتخابات بالبلاد، حيث رفض البرلمان المشاركة فيها لكونها استبعدت دعوة حكومة الاستقرار برئاسة أسامة حماد،فيما تجنبت باقي الأطراف التعليق عليها ليعد ذلك اعلاناً جديداً بفشل محاولات باتيلي في إقناع الأطراف المعنية هم رؤساء المجالس الثلاثة البرلمان والأعلى للدولة والرئاسي إلى جانب رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، وقائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتروالذين وصفهم بـ«الخمسة الكبار» بالانضمام للاجتماع الأممي الذي فشل قبل أن يبدأ حتى الآن.

ففي الوقت الذي أعلن فيه البرلمان رفضه المشاركة في هذا الاجتماع اتهم بيان البعثة الأممية بعدم احترام مخرجاته المتعلقة بالتعديل الدستوري، منتقداً عدم دعوة حكومة الحالية برئاسة أسامة حماد لهذا الحوار رغم حصولها على الثقة مقابل دعوة حكومة الوحدة الوطنية رغم انتهاء مدتها القانونية، محذرا من تكرار التجارب السابقة التي ثبت عدم نجاحها في حل الأزمة الليبية وفرض المزيد من التعقيدات علي المشهد السياسي.

أعلنت الأطراف السياسية التزام الصمت وعدم الاعلان عن موقفها النهائي من عوة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي بالانضمام إلى طاولة الحوار الجديد،الأمر الذي استبعد من خلاله المحللون الليبيون نجاح باتيلي في لمّ شمل جميع الأطراف المعنية حول طاولة مفاوضات واحدة،وذلك لوجود معارضين للاجتماع ولعدم جديّة القادة في الوصول لانتخابات ديمقراطية في البلاد من خلال حسم الخلافات المتعلقة بقوانين الانتخابات وتشكيل حكومة موّحدة.
فمن جانبه أكد محمد الرعيش المحلل السياسي الليبي،في تصريحات صحفية، أن متصدري السلطة في ليبيا لا يريدون حسم المشهد من خلال خلق الخلافات وتغيير مواقفهم من أجل عدم الوصول إلى الانتخابات المرتقبة، لضمان بقاء الوضع على حاله والاستمرار في مناصبهم متوّقعا أن يزداد تفاقم الأزمة السياسية في الفترة المقبلة في ظلّ سيطرة القوى المناهضة للانتخابات على المشهد الراهن.

وأضاف المحلل السياسي،أن المبعوث الأممي باتيلي لن ينجح في الدفع بالعملية السياسية نحو الانتخابات بعد أن فقد ثقة الأطراف الليبية وأصبح محلّ انتقادات واتهامات بالتحيزّ لصالح جهات على حساب الأخرى إلى جانب ظهور دعوات تطالب برحيله لذا لا يزال طريق الحلّ السياسي في ليبيا غير واضح، بعد فشل الأطراف الرئيسية في التوافق السياسي على تنظيم الانتخابات وتلويح باتيلي في أكثر من مناسبة بخطّة بديلة حال تعثّر التوافق على إجراء عملية انتخابية دون الكشف عن ملامح هذه الخطّة ومصدر خروجها.

وأوضح عضو مجلس النواب الليبي إسماعيل الشريف، أن موقف مجلس النواب من دعوة باتيلي للاجتماع الخماسي ثابت وهو الرفض وهذا قرار غير قابل للتغيير نهائياً، إلا إذا وجهت البعثة الأممية الدعوة إلى حكومة حماد المكلفة من قبل البرلمان للمشاركة في هذا الحوار، مؤكدا أن تجاهل هذه الدعوة يعد تعبير صريح من البعثة بعدم احترام قرار البرلمان بسحب الثقة من حكومة الوحدة منتهية الولاية، وتكليفه الحكومة الجديدة الحالية وهي حكومة الاستقرار.

وأيد عضو البرلمان الليبي، اتهام حكومة الاستقرار لـ”عبدالله باتيلي” بترسيخ الانقسام بين القوى الليبية حقيقيا، وأن استمراره سيضر بالأوضاع لاسيما اتاحة الفرصة لحكومة الدبيبة لفرض المزيد من السيطرة على مقاليد السلطة وإدارة المال العام،مشدداً أن فكرة الحديث عن تحميل مجلس النواب المسؤولية عن عرقلة مسار الحل السياسي جراء رفضه دعوة باتيلي أمر غير مقبول،خاصة وأن جميع دعوات المبعوث الأممي تتسم باختلال التوازن من حيث التمثيل السياسي والشرعيةـ علي حد تعبيره.

فيما أعتبر محمد محفوظ المحلل السياسي الليبي،في تصريحات صحفية،أنه من المتوقع أن تكون هناك موافقة ضمنية من قبل تكالة والدبيبة والمنفي علي المشاركة في الدعوة للحوارفي ظل موقف حفتر المتأرجح بين تأييد البرلمان في رفض الدعوة، ومقاطعة الاجتماع، أو إحداث مفاجأة من العيار الثقيل وقبولها وهذا هو السيناريو الأقرب للواقع.

واردف محفوظ أن الأطراف المدعوة والمشاركة في الحوار تعد القوى الرئيسية بالبلاد وبالتالي الأمر متروك لتفاهماتها وتقدير كل طرف لمصالحه وعدم تعارض الموقف معها تى لا ينسحب من الاجتماع وهذا ما ينفي فكرة “المغالبة”التي تترد لدى البعض.منتقدا في الوقت ذاته الاسباب التي أعلنها البرلمان للمقاطعة،متسائلا:”لماذا يصر البرلمان على مشاركة حكومة مكلفة من قبله، طالما أنه سيكون موجوداً بالفعل”؟، مشيرا إلي أن الجميع يعرف أن هذا الحوار جاء للفرقاء المتصارعين على السلطة فقط، كما أن دعوة عبدالحميد الدبيبة لتلك الطاولة لم تأت فقط لكونه رئيس سلطة تنفيذية معترف بها دوليا مقارنة برئيس حكومة الاستقراروإنما لما يحظى به من دعم مكونات سياسية ومسلحة واقتصادية واجتماعية بالبلاد.

وكان باتيلي قد وجه الدعوة قبل ثلاثة أيام لرئيس البرلمان عقيلة صالح، ورئيس الأعلى للدولة محمد تكالة، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، والدبيبة، وحفتر لتسمية ممثلين للمشاركة في اجتماع تحضيري، يتم خلاله تحديد جدول أعمال لقاء القيادات، ومكان انعقاده والمسائل العالقة التي يتوجب حلها لتمكين المفوضية الوطنية العليا للانتخابات من الشروع في تنفيذ قانونَي الانتخابات الصادرين عن مجلس النواب.إلا أن يتوقع بعض المراقبين سيناريو آخر يتمثل في أن تقارب المواقف بين المنفي والدبيبة وتكالة سيشكل عائقا أمام حدوث توافق بين الأطراف المدعوة لاجتماع.

وكان عبدالله باتيلي سبق أن أطلق مبادرة تتضمن إنشاء لجنة توجيهية رفيعة المستوى لإعداد الإطار الدستوري والقانوني للانتخابات، تجمع كل أصحاب المصلحة الليبيين بمن فيهم ممثلو المؤسسات السياسية، وأهم الشخصيات السياسية، والقادة القبليون، ومنظمات المجتمع المدني، والأطراف الأمنية، والنساء والشباب، إلا أن انتهت بتشكيل لجنة مشتركة بين البرلمان ومجلس الدولة وإقرار قوانين انتخابية لكنّها غير توافقية.

ومن هنا يتمسك البرلمان الليبي بتنفيذ القوانين الانتخابية التي أقرّتها لجنة 6+6 المشتركة وصادق عليها وبضرورة تشكيل حكومة جديدة تتولى إدارة الانتخابات، لكنه يواجه معارضة من المجلس الأعلى للدولة الذي يرفض بعض القوانين التي تبنّاها البرلمان خاصة المتعلّقة بشروط الترّشح للرئاسة، وتحفظات من باتيلي الذي يرى أن هذه القوانين لن تحلّ الأزمة ولن تصل بالبلاد إلى الانتخابات، لأنّها تحتاج إلى مزيد من التوافق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى