محكمة.. قصة قصيرة

بقلم: حليم سمير

وقفت خائفة تتلفت حولها وهي تحتضن وليدها في هذا المكان المزدحم بالبشر الذي تدخله لأول مرة في حياتها تمسك هاتفها تتحدث مع أحد على الهاتف تخبره بمكانها في هذا المكان العجيب بالنسبة لها تحتضن وليدها في رعب عندما يمر هؤلاء ذوي الزي الرسمي والمحيطين بمجموعة من أناس تتعانق أيديهم بذلك القيد الحديدي المسمي “كلبش” تمسك هاتفها مرة أخرى تتعجل ذلك الشخص الذي تهاتفه منذ أن جاءت..

يقترب منها أشخاص يعرفوا أنفسهم بأنهم محامون يعرضون عليها خدماتهم تخبرهم أنها في انتظار أحد زملائهم وتمر دقائق سريعة طويلة بالنسبة لها ويقترب منها شخص مهندم يضع حوله ذلك “الروب الأسود” الشهير لتلك المهنة العريقة ويلتقي بها بإحدى القاعات المزدحمة يجلسها ويطمئنها إلى أنها ستحصل على حريتها اليوم تستمع له في صمت إلى أن يدخل ذلك الشاب ومعه آخر تتأمله وهو يبتسم ساخرًا لها فهو “زوجها” أو من كان زوجها تشرد بذكرياتها إلى الماضي القريب عندما أتى إلى منزل عائلتها يطلب يدها ويوافق والدها وتمر الأيام سريعًا وقد وجدت فيه ما تحلم به أي فتاة، فهو ميسور الحال لم يبخل عليها طيلة خطبتهم القصيرة وتزوجها في البداية ظنت أنها تزوجت شخصًا آخر..

ولكن الأيام أظهرت أنه كان يخدعها فهو إنسان أناني لا يرغب سوى في إشباع شهوته ونزواته وأن كل ما يريده منها هو جسدها وجسدها فقط، حتى عندما تحرك وليدها في أحشاءها وظنت أنه سيتغير من أجل طفلهم وجدته ينفر منها حتى جاء اليوم الذي دخل مسكنهم ومعه امرأة أخرى أخبرها أنها زوجته، فانهارت وتركته لتحتمي ببيت والدها..

لم يهتم ولم يأتِ حتى ليلقي نظرة على ابنه منها فرت دمعة من عينها وهي تفيق من شرودها على صوت مرتفع يصيح: “محكمة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى