مدينة آسا تحتضن موسم “ملكَى الصالحين” من 4 إلى 9 أكتوبر
مكتب الرباط-زينب لكرش
تحتضن مدينة آسا التابعة إداريا لجهة كلميم واد نون (جنوب المغرب) موسم زاوية آسا “ملكَى الصالحين”، في الفترة من 4 إلى 9 أكتوبر.
وينظم الموسم الديني لآسا كل عام، تزامنا مع عيد المولد النبوي الشريف، أسفل هضبة “أوريل الأنبياء” أو ملتقى الأنبياء وحول أضرحة متناثرة تجمع رفات 366 وليا صالحا.
وتنطلق نسخة الموسم الديني لزاوية آسا “ملكَى الصالحين”، هذا العام، يوم الثلاثاء 4 أكتوبر المقبل وتستمر لستة أيام؛ تقام خلالها التظاهرات الفنية والثقافية ومسابقات الهجن وركوب الخيل وليالي الذكر، موازاة مع معارض الخيام الموضوعاتية والسوق التجاري، ويختتم بشعيرة نحر الناقة بساحة زاوية آسا، احتفاء بعيد المولد النبوي الشريف.
وشكل هذا الموسم الديني، على مدى يزيد عن 700 عام، فضاء للمتصوفة وللذاكرين، و”سوقا” للأدباء والشعراء والمفكرين، وملتقى للتجار والسلع والعارضين، ومناسبة للتواصل والتلاقي وصلة الأرحام بين القبائل الصحراوية.
وأسهم تضافر عوامل متعددة وسياقات تاريخية متمايزة في جعل قصر آسا، الذي شكل نواة آسا الحديثة على ضفتي الواحة، فضاء ديناميا جاذبا، ومجالا خصبا للاستقرار والتعايش والتلاقح واحتضان النشاطات البشرية المختلفة.
وساهم ظهور الزاوية واقترانها بذكرى الاحتفاء بالمولد النبوي الشريف في تعزيز تلك الأهمية الاقتصادية/ التجارية للحاضرة، فضلا عن ما يوفره من دفء روحي وديني يقوم على روح التعايش والتساكن ونشر المعارف الإسلامية المعتدلة.
ولعب موسمها التجاري القديم – أموكار دورا بالغا في انفتاحها على محيطها الجهوي والإقليمي والعالمي، وربط إثنياتها بشعوب أحوازها الإفريقية المجاورة (السودان ومالي والجزائر) وأقطارها البعيدة (شعوب البحر الأبيض المتوسط).
وتطور تنظيم الموسم ليأخذ لبوسا حديثا، لا سيما بعد إدراجه ضمن الجرد الوطني للتراث الثقافي المغربي في 2 مارس 2017، ثم وضعه من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم “يونيسكو” على لائحة الانتظار للتنصيف ضمن قائمة التراث للامادي العالمي للإنسانية في 21 مارس 2018.
وفي شهر يوليوز 2022، أعلنت منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة “إيسيسكو” عن اعتماد 26 عنصرا تراثيا رشحها المغرب كتراث مادي ولامادي مغربي خالص؛ من بينها موسم زاوية آسا.
ومنحت هذه الاعترافات المقدرة موسم زاوية آسا – “ملكَى الصالحين” موقعا خاصا، يتكامل مع عناصر التراث متعدد الروافد بالمملكة المغربية، جعلت القائمين عليه يتطلعون إلى جعله مركزا لتعزيز جاذبية الإقليم، الذي يتربع على مساحة تزيد عن 27 ألف كيلومتر مربع، على واجهتين حدوديتين، تربطانه بإقليم السمارة جنوبا وبالجزائر شرقا.
ولا يشكل موسم زاوية آسا، الضاربة جذوره في أعماق التاريخ، عنصر جذب واهتمام بالتراث الصحراوي المحلي والعادات والتقاليد الأصيلة التي تميز المنطقة فحسب؛ بل يشكل عنصر استقطاب للمعرفة العالمة في التصوف بتقاطعاته الجامعة، وللفنون العربية والأمازيغية والإفريقية، مما سيؤهله، لا محالة، إلى أن يصبح رافعة حقيقية للتنمية.
وفي هذا الصدد، فإن الارتقاء بموسم زاوية آسا إلى مصاف التظاهرات المماثلة في المنطقة الجنوبية للمملكة المغربية، وفي شمالها، يتطلب المزيد من المثابرة والإبداع في زيادة وتنويع مصادر التمويل، ليمنح للبرمجة الفنية والثقافية قوة دافعة تجعلها تستقطب جمهور المهتمين بكافة فئاتهم، بعد استقرار القناعة الجماعية لدى الفاعل السياسي في المغرب على أن الثقافة لم تعد عنصر ترف بل أصبحت رافعة للتنمية.