الدكتور أحمد المنظري: قلوبنا مع شعب باكستان
كتب / عاطف طلب
نتابع عن كثب وبقلق بالغ الأزمة الإنسانية التي يواجهها شعب باكستان حاليًّا نتيجة الفيضانات الموسمية الهائلة.
إن قلوبنا مع شعب باكستان ودعواتنا لهم، وخاصة في المجتمعات التي تأثرت مباشرة، وفيهم زملاؤنا في منظمة الصحة العالمية وفي المؤسسات الوطنية الشريكة، ممن يواصلون العمل بلا كللٍ لتلبية الاحتياجات الصحية الهائلة، على الرغم من تأثرهم شخصيًّا بهذه الكارثة.
إن مستوى الأضرار والدمار الذي تسببت فيه الفيضانات غير مسبوق في باكستان، وذلك نتيجةً لتغير في المناخ العالمي حدث على مدار وقت طويل، وأدى إلى زيادة قسوة الظروف المناخية.
وهناك عشرات الملايين لم يعد أمامهم إلا استخدام مياه غير آمنة، سواء للشرب أو لغير ذلك من احتياجاتهم اليومية، مع تعرُّضهم أيضًا للعوامل الجوية بسبب تلف منازلهم ودمارها، فضلًا عن تشرد الكثيرين غيرهم. وقد ترتب على هذا زيادة التعرض للأمراض السارية مِن قَبلِ الفيضانات في البلد، التي تشمل الإسهال المائي الحاد والملاريا وحمى الضنك والتيفود والحصبة وعدوى الليشمانيا. وتشير تقارير ترصد الأمراض الأولية إلى أن حالات الإسهال والملاريا والتيفود قد زادت. وكذلك سوف تزداد مخاطر انتشار الأمراض الأخرى الموجودة في البلد، مثل شلل الأطفال وكوفيد-19، ما لم يُتدارَك الأمر سريعًا.
وهناك الآلاف من الحوامل اللاتي لم يعد باستطاعتهن الاستفادة من المرافق الصحية وخدمات الوضع الآمن لأطفالهن، بما يزيد من مخاطر تعرضهن لمضاعفات طبية بعد أن أصبحن مجبرات على الوضع في المنزل. أما من يحتاجون للرعاية الطبية لحالات يعانون منها من قبل، فستقل فرصتهم في الحصول على تلك الرعاية. وعلى صعيد الدعم النفسي والاجتماعي وخدمات الصحة النفسية، فإن هناك عشرات الآلاف، ومنهم أطفال، يحتاجون إليها للتغلب على الضغوط النفسية الناتجة عن الخسائر الهائلة التي تعرضوا لها والدمار الذي يشهدونه.
ومع تضرر أو دمار 10% تقريبًا من المرافق الصحية في البلد، بادرت منظمة الصحة العالمية بالتدخل سريعًا لدعم الجهود الجارية لحكومة باكستان ووزارة الخدمات الصحية الوطنية واللوائح والتنسيق، لضمان توفر الخدمات الصحية الأساسية للمتضررين من الأزمة. وهدفنا هو الحيلولة دون تحوُّل هذه الأزمة الطبيعية إلى كارثة معقدة على الصحة العامة، تؤدي إلى خسائر أكثر في الأرواح يمكن تجنُّبها.
وعلى مدار الأسابيع القليلة الماضية، كثفنا جهود رصد الأمراض في المناطق المتضررة من الفيضان، ووصَّلنا الأدوية الأساسية والإمدادات الطبية ومجموعات الاختبار إلى المرافق الصحية والمختبرات التي ما زالت تعمل.
وقد وجَّهنا الفرق الصحية المتنقلة إلى المناطق المتضررة من الفيضانات لتقديم الخدمات الصحية وخدمات التغذية إلى الحوامل، والنساء اللاتي وضعن من قريب وأطفالهن الرضع، والأطفال. وأقامت الحكومة الباكستانية أيضًا ومنظمة الصحة العالمية والشركاء في مجال الصحة أكثر من 4500 معسكر صحي، لضمان توفر الخدمات الصحية الأساسية للناس.
ومع مواجهة باكستان لواحدة من أشد الكوارث الطبيعية في التاريخ الحديث، فإني أحث المجتمع الدولي، وخاصة الدول الأعضاء في إقليم شرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية، على التضامن والعمل من أجل تحقيق رؤية إقليمنا “الصحة للجميع وبالجميع”. ومع فقدان ملايين الرجال والنساء لمنازلهم وسبل عيشهم، فينبغي أن نعمل حتى لا يفقدوا حقًّا آخر من حقوقهم الأساسية، ألا وهو الحق في الرعاية الصحية.
وباكستان، على الرغم من مواردها المحدودة، كانت من البلدان التي تسارع في تقديم الدعم عندما تواجه البلدان الأخرى الشقيقة في الإقليم أزمات إنسانية، ويشمل ذلك ضيافة باكستان الكريمة للَّاجئين يصل عددهم إلى 1.3 مليون لاجئ. ولا شك أن علينا مسؤولية الآن لنتكاتف، ونساعد شعب باكستان في هذا الوقت الذي تشتد فيه حاجته إلى دعمنا.