دور المواقع الالكترونية في تسهيل عملية بيع منتجات التأمين كجزء من نموذج التوزيع الشامل Omnichannel

كتب / عاطف طلب

لم تعد هناك أي صناعة بمنأى عن التقدم التكنولوجي بما في ذلك صناعة التأمين. ففي السنوات الأخيرة اختفى نموذج استخدام الإلحاح في بيع التأمين، و وجدت شركات التأمين صعوبة متزايدة في بيع التأمين وتسويقه للعملاء. و بدأت نماذج التوزيع الشامل Omnichannel تكتسب زخماً في صناعة التأمين نظراً لقدرتها على الوصول إلى قطاعات متعددة و متسعة من العملاء.
و يتميز هذا النهج للمبيعات والتسويق بأنه يوفر للعملاء نموذجاً متعدد القنوات يمكنهم شراء التأمين من خلاله، و تشمل تلك القنوات الموقع الالكتروني لشركة التأمين وعمليات الشراء عبر الهاتف ومن خلال المتاجر وعبر تطبيقات الهاتف المحمول ومواقع التواصل الاجتماعي. و الهدف من نموذج التوزيع الشامل هو تزويد العملاء بتجربة شراء سلسة من خلال الجمع بين مختلف قنوات التوزيع.
وفي ضوء ظهور فكرة التوزيع الشامل فقد كان من الضروري البحث في أهمية دور الموقع الالكتروني لشركة التأمين ليس بصفته أداة للتسويق الالكتروني المنفصل بل كأحد مكونات منظومة التوزيع الشامل وهو ما سوف تركز عليه هذه النشرة بوجه خاص.
وجدير بالذكر أن الفارق بين تعدد القنوات Multichannel و التسويق الشامل متعدد القنوات Omnichannel هو أن تعدد القنوات Multichannel يعني أن تعمل قنوات التسويق المتعددة بشكل مستقل لتحسين تجربة العميل. أما عندما تعمل هذه القنوات مع بعضها البعض ، فعندئذ تتطور القنوات المتعددة إلى قناة شاملة متعددة القنوات Omnichannel. ينتج عنها تفاعل واحد وسلس مع المستهلكين عبر جميع القنوات ، سواء عبر الإنترنت أو دون الاتصال بالإنترنت. ويمكن أن يشمل ذلك جميع نقاط الاتصال في دورة رحلة العميل – مواقع الويب ووسائل التواصل الاجتماعي والمحادثات المباشرة ورسائل المتابعة عبر البريد الإلكتروني والمكالمات الهاتفية والمساعدة الشخصية من فريق المبيعات. و هو ما يحاكي تجربة البنوك . فهي دائما متاحة لمساعدة العميل في أي وقت من النهار أو الليل عبر قنوات متعددة.

و من المزايا التي تعود على صناعة التأمين و عملائها من خلال استخدام البيع الشامل متعدد القنوات:
استهداف شرائح محددة من العملاء
تختلف التغطية التأمينية المطلوبة من شخص لآخر، لذا يجب ألا تكون مبيعات التأمين وحملات التسويق واحدة لكل شرائح العملاء ، بينما يجب أن تكون جودة التجربة واحدة بالنسبة لجميع العملاء الحاليين و المحتملين. فمع اختلاف أنماط الحياة واحتياجات الأفراد من جيل لآخر ،أصبحت الأجيال المختلفة تشكل أنواعًا مختلفة تمامًا من العملاء.
و تسمح قنوات البيع المتعددة لشركات التأمين بالوصول إلى العملاء من خلال قنوات توزيع مختلفة ذات أنواع مختلفة من المحتوى، مع ضمان تجربة عملاء استثنائية. و قد أشارت شركة Infosys، وهي شركة متخصصة في الاستشارات والتكنولوجيا ، إلى أن تفضيلات العملاء لأنواع قنوات التسويق قد تغيرت على مدار العامين الماضيين ، مما يوجب على وسطاء التأمين إعادة النظر في كيفية التواؤم مع القنوات الرقمية الجديدة ، و التي يمكن أن تعمل كوسيلة يمكن من خلالها لشركات التأمين إعادة تعريف العملاء بخدماتها وإقامة علاقات جديدة معهم من خلال الحملات التي تستهدف شرائح معينة منهم.
البيع لجيل الألفية
من الصعب بيع التأمين لجيل الألفية بشكل خاص. فهو جيل يستاء بشدة من الأساليب التقليدية للتسويق والإعلان. و على العكس من ذلك يتأثر أبناء هذا الجيل برسائل المبيعات وطرق التسويق الشخصية. وللوصول إليهم يتعين على شركات التأمين أن تقدم لهم خدمات يفهمونها ويهتمون بها. حيث يمكن لشركات التأمين نشر الوعي وبناء مصداقيتها من خلال المحتوى المتاح على مواقعها الالكترونية وحسابات التواصل الاجتماعي وحملات الهاتف المحمول الخاصة بها. ويجب أن تكون هذه القنوات الرقمية منطقية وسهلة الاستخدام.
استخدام البيانات بذكاء
تعمل نماذج التوزيع الشامل على إنهاء الصراع بين شركات التأمين على الوصول للعملاء المحتملين. فباستخدام بيانات العملاء ، يمكن لشركات التأمين أن تحدد بوضوح العملاء المستهدفين و توفر لهم المعلومات التي قد تجذب انتباههم.
ويساعد التحول الرقمي الآن على بناء علاقات جديدة من خلال بيانات لم تكن معروفة من قبل و يمكن أن تساعد تلك البيانات في تحديد قناة التسويق الأكثر ملاءمة لكل عميل، كوسائل التواصل الاجتماعي أو الإعلانات أو حملات البريد الإلكتروني أو المكالمات الهاتفية.
تحسين استراتيجيات التسويق
تعتبر نماذج التوزيع الشامل جذابة لشركات التأمين حيث أنها توفر القدرة على فهم فعالية عملية التسويق وسلوك العملاء بشكل أفضل. كما تسمح بتقييم فعالية كل قناة و بالتالي العمل على تحسين استراتيجيات التسويق.
ويوفر قياس سلوك العملاء والتحليلات عبر مجموعة متنوعة من القنوات رؤية واضحة حول القنوات الأفضل للوصول إلى العملاء، والوقت المناسب لمشاركة المعلومات وأنواع الرسائل التي يمكن التفاعل معها. حيث ستكون شركات التأمين أكثر قدرة على زيادة أو تقليص أنواع القنوات والرسائل بناءً على نجاح (أو فشل) التوزيع متعدد القنوات.
أهمية الموقع الالكتروني الفعال لشركات التأمين
في ظل التحول الرقمي الذي نعيشه الآن يعتبر الموقع الالكتروني لشركة التأمين هو أول صورة لها بالنسبة كبيرة من العملاء الحاليين والمحتملين حيث تقدّر نسبة المستخدمين الذين يحكمون على مصداقية الشركة بناءً على كيفية تصميم موقعها الالكتروني بحوالي 75% .
و هناك اعتقاد خاطئ شائع بين بعض الشركات وهو أن الموقع الالكتروني للشركة عمل يتم انجازة لمره واحدة فقط one-and-done deal. فيشعرون أنه بمجرد إنشاء الموقع الالكتروني الخاص تنتهي المهمة ولا يهتمون بتحديثه أو صيانته.
وأشارت بعض الإحصائيات التي أجرتها شركة نيلسون لخدمات التسويق إلى مايلي:
• الأمر يستغرق 50 مللي ثانية فقط من المستخدمين لتكوين رأي حول الموقع الالكتروني الخاص بالشركة، وهذا الرأي يحدد ما إذا كانوا سيستمرون بالتصفح على الموقع أو يغادروه.
• 88 % من مستخدمي الانترنت أقل عرضة للعودة إلى موقع الكتروني بعد تجربة سيئة. وذلك بسبب عدم جاذبية الموقع الالكتروني من الناحية الجمالية أو بسبب وجود أخطاء في تصميم بعض الصفحات وصعوبة الوصول إليها. حيث تؤدي المواقع الالكترونية البطيئة التحميل إلى خسارة مايقرب من 2.6 مليار دولار من المبيعات كل عام.

ويؤدي إنشاء موقع الكتروني جديد إلى تحقيق الأهداف الرئيسية التالية لشركات التأمين:
المصداقية: حيث يتوقع الأفراد أن يكون لدى شركات التأمين التي يتعاملون معها موقع الكتروني يمكنهم استخدامه والتواصل مع الشركة في أي مكان وفي أي وقت.
تعزيز القدرة على استهداف العملاء طبقاً للبيانات الديموغرافية: حيث يتم تخزين الموقع الاكتروني الخاص بالشركة في قاعدة بيانات جوجل كمرجع لأي كلمات رئيسية تختارها الشركة فيظهر الموقع الالكتروني في حالة البحث بتلك الكلمات عبر جوجل.
تسهيل البحث المحلي: يساعد إنشاء موقع الكتروني مناسب وبخطة تسويقية مدروسة جيداً إلى أفضل الممارسات خلال عمليات البحث المحلية على الانترنت مما يسهل على العملاء المحتملين العثور على الموقع الالكتروني للشركة قبل الشركات المنافسة.
العناصر الأساسية لنموذج التوزيع الشامل القائم على العميل أولاً عبر الموقع الالكتروني
توافر القدرة على شراء وثائق التأمين:
(لا توفر شركات التأمين التقليدية للعملاء خيار شراء جميع الوثائق عبر الإنترنت)
في السنوات الأخيرة، زادت عمليات التحول الرقمي في صناعة التأمين بشكل كبير بل وتجاوز في ذلك القطاع المصرفي. فعلى مستوى المنتج، توفر أكثر من 90% من شركات التأمين متعددة القنوات الوصول إلى منتجات التأمين على السيارات والمنزل عبر الإنترنت، كما توفر حوالي 40% فقط من الشركات منتجات التأمين الصحي الشامل و توفر 11% فقط منتجات التأمين على الحياة.
فعلى الرغم من أن كلاً من منتجات التأمين البسيطة و المعقدة تخلق مستويات عالية مماثلة من حركة البحث عبر الانترنت، فإن هذين النوعين من المنتجات يختلفان بشكل كبير من حيث الاستفادة من التحول الرقمي. وذلك بسبب أن منتجات التأمين المعقدة عادة ما تتطلب جهداً كبيرا من شركات التأمين لسد فجوة المعلومات بالنسبة العملاء. كما تحتاج تلك المنتجات إلى التبسيط وتوافر عنصر الشفافية فيما يخص المعلومات المتاحة المنتج، لذلك يجب على الخبراء تقديم المشورة لمساعدة العملاء على الاختيار بين مجموعة كبيرة من الخيارات والمفاضلات. و تفضل شركات التأمين إلى حد كبير أن يتم تقديم المشورة للعملاء عن طريق فريق المبيعات الخاص بها حتى تكون فعالة وتحد من عمليات البيع الخاطئ الناتج عن إعطاء معلومات خاطئة للعميل عن منتج التأمين.

سهولة تصفح العملاء للموقع الالكتروني خلال عملية شراء منتج التأمين
لفهم سهولة التصفح خلال عملية شراء منتج التأمين بشكل أفضل، قامت شركة McKinsey بتقسيم عملية التصفح عبر الإنترنت إلى ثلاثة أبعاد:
سرعة الموقع الإلكتروني لشركة التأمين
أداء الصفحة المقصودة
جودة تجربة العميل
سرعة الموقع: هناك علاقة قوية بين سرعة الموقع ومعدلات التردد عليه فعادةً إذا استغرق وقت التحميل أكثر من اللازم، فإن مايقرب من نصف عدد المستخدمين سيغادرون الموقع.
أداء الصفحات المقصودة: لا تزال العديد من صفحات المواقع الالكترونية التي يقصدها العملاء لشراء منتجات التأمين مليئة بنصوص صغيرة الخط مما يؤدي إلى فشل الصفحة في توجيه العملاء تجاه مايبحثون عنه.

جودة تجربة العميل :وضعت الشركات الأفضل في فئتها مثل Netflix معياراً لعمليات الشراء السهلة. حيث اشتهرت شركة أمازون بتقليص عملية الشراء إلى نقرة واحدة فقط للمستخدمين المسجلين مسبقًا.
و قد بدأت شركات التأمين في السنوات الأخيرة في إعادة بناء وتبسيط عمليات شراء منتجات التأمين بشكل جذري. و نجحت العديد من شركات التأمين في توفير تجربة شراء منتجات تأمين عبر مواقعها الالكترونية بجودة عالية و إن كان هذا ينطبق فقط على المنتجات الأقل تعقيداً، مثل التأمين على السيارات وتأمين المنزل والتأمين من المسؤولية المدنية.

السلاسة في تقديم الاستشارة للعملاء
يسعى واحد من كل اثنين من العملاء للحصول على استشارة قبل شراء منتج تأمين، وذلك عن طريق قنوات التوزيع الغير رقمية. ومع ذلك فإن هذا الاتجاه عادة ما يكون طريقاً باتجاه واحد، فبعد التواصل مع وسيط التأمين لا يعود العميل إلى استخدام القنوات الرقمية مرة أخرى كالموقع الالكتروني للشركة. وبالتالي فإن طلب المشورة الشخصية يؤدي عادةً إلى استبدال لا رجعة فيه لقناة التوزيع الرقمية بقناة توزيع غير الرقمية.
وبسبب عدم التكامل والتناسق بين قنوات التوزيع لا تزال معظم شركات التأمين غير قادرة على تقديم خيار “الاستشارة عن بُعد” عبر مواقعهم الالكترونية.

عوائق تقديم الاستشارة عن بعد المُستخدمة حالياً:
الافتقار إلى إمكانات تقديم الاستشارة الشخصية عن بعد على الرغم من أن توجيه العملاء المحتملين عن طريق قنوات التوزيع الرقمية عالي الفعالية مقارنةً بقنوات التوزيع الغير رقمية. ولمعالجة ذلك الموقف، بدأت العديد من شركات التأمين في دمج روبوتات المحادثة (أحيانًا المعززة بشريًا) أو الخطوط الساخنة في مواقعهم الالكترونية. ولكن ذلك يعوق الاستفادة الكاملة من المستشارين المهرة الذين يعملون لصالح شركات التأمين.
نقص الإمكانات الرقمية المطلوبة لتقديم الاستشارة الشخصية عن بُعد. فبالرغم من أن بعض شركات التأمين قد أدرجت خيار التحدث مع أحد مستشاريها عبر الفيديو (Video Conference)، فإن تمكين التحول الرقمي الكامل لخدمات الاستشارة لا يزال بعيد المنال.
المتطلبات الأساسية لتطبيق استراتيجية مدروسة ومنسقة
1. تمكين وتحسين تجربة العملاء عبر الموقع الالكتروني: مع ارتفاع تكلفة جذب العملاء المحتملين، يجب على شركات التأمين تحسين معدلات استخدام قنوات التوزيع الرقمية. حيث تعد تلك القنوات جزءاً أساسياً من رحلة اتخاذ القرار لمعظم العملاء. وبالتالي يجب على شركات التأمين تحفيز العملاء على مواصلة تصفحهم للمواقع الالكترونية الخاصة بشركاتهم لأطول فترة ممكنة وتسهيل عملية الشراء عبر تلك المواقع.
ولتسهيل تجربة العملاء، تحتاج شركات التأمين إلى التأكد من توفر المتطلبات التقنية للشراء عبر الإنترنت. بالإضافة إلى التحقق بانتظام من أن المنتجات مناسبة لحاجة العملاء، وتقديم معلومات عن تكاليف وأقساط تلك المنتجات، فضلاً عن السماح بمرونة كافية للعملاء. تحتاج أيضاَ شركات التأمين إلى التحسين المستمر لصفحاتها المقصودة عبر مواقعها الالكترونية لتكون قادرة على خلق أفضل تجربة مستخدم ممكنة. فيجب أن تكون واجهات المستخدم جذابة وسهلة الاستخدام للتنقل وفعالة في توجيه انتباه العملاء إلى الشراء. وتشمل تلك الإجراءات توفير معلومات عن الأسعار وتقديم وسائل تشرح كيفية تقديم البيانات المطلوبة، وإضافة مقاطع فيديو قصيرة لشرح المتطلبات الأكثر تعقيداً.
3. تنسيق خدمات الاستشارة عن بعد: لن يؤدي التحول الرقمي في المدى القريب إلى إلغاء الحاجة إلى المشورة الشخصية، فقد يحتاج العملاء إلى مشورة لتوضيح سؤال معين يساعدهم على اتخاذ القرار ، لذا يجب على شركات التأمين تنسيق وتوفير خدمات المشورة بطريقة سهلة خلال تجربة العملاء عبر موقعها الالكتروني.
وتحقيقاً لهذه الغاية، يمكن لشركات التأمين اتباع نهج من خطوتين:
أولاً: إظهار خيارات الاتصال الشخصي بشكل بارز للعميل عبر موقعها الالكتروني.
ثانياً: تحديد العملاء المحتملين في أسرع وقت و نشر الاستشارات المتوقعة بشكل استباقي ومتابعة ردود أفعال العملاء.
رأي الاتحاد
يزداد اهتمام شركات التأمين اليوم بتحسين تجربة العملاء. فبينما كان الهدف في الماضي هو تحسين كفاءة المعاملات وتقليل تكاليف قناة التوزيع ، فإن الاهتمام اليوم ينصبّ على فهم كيفية تأثير القناة على تحقيق توقعات العملاء.
وتنمو شريحة العملاء الرقميين في صناعة التأمين بصورة متسارعة، بل إنها ترسم مستقبل هذه الصناعة. و بينما سيبقى الوسيط التقليدي كقناة توزيع رئيسية ، من المتوقع أن تنمو قنوات التوزيع الرقمية بسرعة شديدة. وهذه إشارة لقطاع التأمين للتحرك نحو رؤية تتمحور حول العميل و وضع استراتيجية قوية لإشراك العملاء في تجربة تسويق شاملة و متعددة القنوات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى