الرقص من أجل أوكرانيا.. أكبر “جيش سلام” في العالم

كتبت/ ليا مروان

دعا‭ ‬فنانون‭ ‬وراقصو‭ ‬باليه‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬غربية‭ ‬عدة،‭ ‬خلال‭ ‬حفل‭ ‬جمع‭ ‬فنانين‭ ‬روسا‭ ‬وأوكرانيين،‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬جهود‭ ‬الإغاثة‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬وإحلال‭ ‬السلام‭ ‬بين‭ ‬موسكو‭ ‬وكييف‭ ‬ووقف‭ ‬الحرب‭.‬

فبعيدا‭ ‬عن‭ ‬ساحات‭ ‬القتال‭ ‬الدائر‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬التقى‭ ‬راقصو‭ ‬الباليه‭ ‬الروس‭ ‬والأوكرانيون‭ ‬في‭ ‬مسرح‭ ‬كوليسيوم‭ ‬بلندن‭ ‬خلال‭ ‬حفل‭ ‬خيري‭ ‬جمع‭ ‬بعض‭ ‬أبرز‭ ‬الراقصين‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬جهود‭ ‬الإغاثة‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭.‬

كان‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬المشاركين‭ ‬راقصة‭ ‬الباليه‭ ‬كاتيا‭ ‬خانيوكوفا‭ ‬من‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وناتاليا‭ ‬أوسيبوفا‭ ‬من‭ ‬روسيا،‭ ‬وغيرهما‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وفرنسا‭ ‬واليابان‭ ‬والأرجنتين،‭ ‬حيث‭ ‬بلغ‭ ‬مجموعهم‭ ‬نحو‭ ‬20‭ ‬راقصا‭.‬

وهذا‭ ‬الحفل‭ ‬الخيري،‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬تنظيمه‭ ‬تحت‭ ‬اسم‭ “‬الرقص‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أوكرانيا‭”‬،‭ ‬قال‭ ‬منظموه‭ ‬إنه‭ ‬جمع‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬140‭ ‬ألف‭ ‬جنيه‭ ‬إسترليني‭ (‬184520‭ ‬دولارا‭ ‬أميركيا‭) ‬استجابة‭ ‬لنداء‭ ‬لجنة‭ ‬الطوارئ‭ ‬الخاصة‭ ‬بالكوارث‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬بحسب‭ ‬وكالة‭ ‬رويترز‭.‬

وقال‭ ‬إيفان‭ ‬بوتروف،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬أوكرانيا‭ ‬ونظم‭ ‬الحدث‭ ‬مع‭ ‬الرومانية‭ ‬ألينا‭ ‬كوجوكارو‭: “‬لدينا‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأحباء‭ ‬في‭ ‬الوطن،‭ ‬لا‭ ‬يمكننا‭ ‬الجلوس‭ ‬مكتوفي‭ ‬الأيدي‭ ‬في‭ ‬المنزل‭ ‬ومشاهدة‭ ‬الأخبار‭ ‬فقط،‭ ‬أردنا‭ ‬القيام‭ ‬بشيء‭ ‬ما‭”.‬

ورفعت‭ ‬بعض‭ ‬الجماهير‭ ‬العلم‭ ‬الأوكراني‭ ‬خلال‭ ‬الحفل،‭ ‬حيث‭ ‬قدم‭ ‬راقصون‭ ‬عرضا‭ ‬مبهرا‭ ‬على‭ ‬المسرح‭ ‬الذي‭ ‬أضاء‭ ‬بظلال‭ ‬من‭ ‬اللونين‭ ‬الأصفر‭ ‬والأزرق‭.‬

وذكر‭ ‬بوتروف‭: “‬اتصل‭ ‬بنا‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الفنانين‭ ‬وعبروا‭ ‬عن‭ ‬رغبتهم‭ ‬في‭ ‬المشاركة‭.. ‬كم‭ ‬هو‭ ‬مُلهم‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬الذي‭ ‬قدمه‭ ‬الناس‭ ‬لكننا‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الدعم‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬والمزيد‭ ‬من‭ ‬الدعم‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬الحكومات‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭”.‬

جيش‭ ‬السلام

وفي‭ ‬ألمانيا،‭ ‬قالت‭ ‬الشرطة،‭ ‬يوم‭ ‬الأحد،‭ ‬إن‭ ‬نحو‭ ‬20‭ ‬ألفا‭ ‬حضروا‭ ‬حفلا‭ ‬موسيقيا‭ ‬مناهضا‭ ‬لحرب‭ ‬أوكرانيا‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬برلين،‭ ‬وإن‭ ‬حاضرين‭ ‬لوحوا‭ ‬بعلم‭ ‬أوكرانيا‭ ‬بينما‭ ‬رفع‭ ‬آخرون‭ ‬لافتات‭ ‬عليها‭ ‬شعارات‭ ‬تعارض‭ ‬العملية‭ ‬العسكرية‭ ‬الروسية‭.‬

وارتدى‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المؤدين‭ ‬الذين‭ ‬تجمعوا‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬بوابة‭ ‬براندبورج،‭ ‬رمز‭ ‬تقسيم‭ ‬ألمانيا‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة،‭ ‬ملابس‭ ‬بدرجات‭ ‬اللونين‭ ‬الأزرق‭ ‬والأصفر‭ ‬المختلفة‭ ‬تضامنا‭ ‬مع‭ ‬أوكرانيا‭ ‬التي‭ ‬يتكون‭ ‬علمها‭ ‬من‭ ‬هذين‭ ‬اللونين‭.‬

وظهرت‭ ‬المغنية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬جامالا،‭ ‬التي‭ ‬فازت‭ ‬في‭ ‬مسابقة‭ ‬الأغاني‭ ‬الأوروبية‭ ‬يوروفيجن‭ ‬بأغنيتها‭ “‬1944‭” ‬عام‭ ‬2016‭ ‬على‭ ‬شاشة‭ ‬كبيرة‭ ‬قائلة‭ ‬للحضور‭ “‬الموسيقى‭ ‬قوة‭ ‬سلمية‭”.‬

وأضافت،‭ ‬في‭ ‬كلمة‭ ‬للجمهور‭: “‬أعتقد‭ ‬بأنه‭ ‬لو‭ ‬اتحد‭ ‬جميع‭ ‬الموسيقيين‭ ‬فإنهم‭ ‬سيصبحون‭ ‬أكبر‭ ‬جيش‭ ‬سلام‭ ‬في‭ ‬العالم‭”‬،‭ ‬وفقا‭ ‬وكالة‭ ‬رويترز‭.‬

ومعلقا‭ ‬يقول‭ ‬الباحث‭ ‬محمد‭ ‬حامد،‭ ‬إن‭ “‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأشياء‭ ‬محاولة‭ ‬لجعل‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬يتحول‭ ‬إلى‭ ‬أيقونة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الرسومات‭ ‬والأعمال‭ ‬الفنيه‭ ‬والدعم‭ ‬المعنوي‭ ‬والإنساني‭ ‬للاجئين‭ ‬الأوكرانيين‭ ‬الذين‭ ‬اجتاحوا‭ ‬أوروبا‭”.‬

ويضيف‭ ‬لموقع‭ “‬الجالية‭”‬،‭ ‬أن‭ “‬التضامن‭ ‬مع‭ ‬أوكرانيا‭ ‬ودعم‭ ‬السلام‭ ‬لم‭ ‬يتوقف‭ ‬عند‭ ‬الفن‭ ‬ورقص‭ ‬الباليه‭ ‬بل‭ ‬امتد‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬للحملات‭ ‬الإلكترونية‭ ‬الكثيرة‭ ‬المتضامنة‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الأوكراني،‭ ‬سواء‭ ‬المطالبة‭ ‬بالتطوع‭ ‬العسكري‭ ‬أو‭ ‬التطوع‭ ‬الإنساني‭ ‬وإرسال‭ ‬التبرعات‭ ‬والمساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬للاجئين‭”.‬

ويردف‭ ‬أن‭ “‬لجوء‭ ‬بعض‭ ‬النخب‭ ‬الأوروبية‭ ‬من‭ ‬الفنانين‭ ‬إلى‭ ‬عامل‭ ‬المقاومة‭ ‬بالفن‭ ‬واستخدام‭ ‬ورقة‭ ‬الفن‭ ‬لدعم‭ ‬المواطنين‭ ‬الأوكران‭ ‬إحدى‭ ‬الوسائل‭ ‬المتبعة‭ ‬لتقديم‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬الدعم‭ ‬الغربي‭ ‬لكييف‭”‬،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ “‬الهدف‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬إظهار‭ ‬مدى‭ ‬إنسانية‭ ‬التعامل‭ ‬الأوروبي‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬وتحويلها‭ ‬إلى‭ ‬أيقونة،‭ ‬عبر‭ ‬تجسيدها‭ ‬بالفن‭ ‬بجيمع‭ ‬أشكاله‭ ‬أو‭ ‬الرسوم‭”.‬

ويتابع‭ ‬حامد‭: “‬هذه‭ ‬المقاومة‭ ‬هدفها‭ ‬أيضا‭ ‬خلق‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‮ ‬فلاديمير‭ ‬بوتن وتشويش‭ ‬الصورة‭ ‬الذهنية‭ ‬لدى‭ ‬المواطن‭ ‬الأوروبي‭ ‬حوله‭ (‬بوتن‭) ‬لقطع‭ ‬أي‭ ‬طريق‭ ‬تعاطف‭ ‬معه‭ ‬سواء‭ ‬كرئيس‭ ‬أو‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الروسي‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭”.‬

وفرّ‭ ‬عشرة‭ ‬ملايين‭ ‬شخص‭ ‬من‭ ‬منازلهم‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬بسبب‭ ‬حرب‭ ‬روسيا‭ “‬المدّمرة‭”‬،‭ ‬حسبما‭ ‬قال‭ ‬مفوض‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬السامي‭ ‬لشؤون‭ ‬اللاجئين‭ ‬فيليبو‭ ‬غراندي‭ ‬الأحد‭.‬

وكتب‭ ‬غراندي‭ ‬على‭ “‬تويتر‭” ‬أن‭ “‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬مدمّرة‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬10‭ ‬ملايين‭ ‬فرّوا‭ ‬سواء‭ ‬نزحوا‭ ‬داخليا‭ ‬أو‭ ‬لجأوا‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭”.‬

ونقلت‭ ‬وكالة‭ “‬فرانس‭ ‬برس‭” ‬عن‭ ‬غراندي‭ “‬بين‭ ‬مسؤوليات‭ ‬هؤلاء‭ ‬الذين‭ ‬يخوضون‭ ‬الحرب،‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬هناك‭ ‬المعاناة‭ ‬التي‭ ‬تلحق‭ ‬بالمدنيين‭ ‬الذين‭ ‬أرغموا‭ ‬على‭ ‬الفرار‭ ‬من‭ ‬منازلهم‭”.‬

ويوم‭ ‬الأحد،‭ ‬أوضحت‭ ‬مفوضية‭ ‬اللاجئين‭ ‬أن‭ ‬3‭,‬389‭,‬044‭ ‬أوكرانيا‭ ‬غادروا‭ ‬البلاد‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬العملية‭ ‬العسكرية‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬24‭ ‬فبراير‭ ‬وأن‭ ‬60‭,‬352‭ ‬آخرين‭ ‬هاجروا،‭ ‬ونحو‭ ‬90‭% ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬فروا‭ ‬هم‭ ‬نساء‭ ‬وأطفال،‭ ‬لأن‭ ‬الرجال‭ ‬الذين‭ ‬تتراوح‭ ‬أعمارهم‭ ‬بين‭ ‬18‭ ‬و60‭ ‬عاما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يستدعوا‭ ‬للخدمة‭ ‬العسكرية‭ ‬ولا‭ ‬يمكنهم‭ ‬الرحيل‭.‬

وكانت‭ ‬مفوضية‭ ‬اللاجئين‭ ‬تقدر‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬أربعة‭ ‬ملايين‭ ‬شخص‭ ‬غادروا‭ ‬أوكرانيا‭.‬

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى