أخطار الحرب الروسية الأوكرانية علي التأمين البحري

كتب/ عاطف طلب

مما لا شك فيه أن إندلاع الحرب الروسية الأوكرانية له آثار مباشرة على أسواق التأمين، ويمكن اعتبار أكثر أنواع التأمين تأثراً هي التأمين البحري وتأمين الطيران، وتعالج هذه النشرة تأمين الحروب في وثائق التأمين البحري (بضائع) من خلال استعراض:

  • قابلية أخطار الحرب للتأمين الطبيعة الخاصة للتأمين البحري
  • نطاق التغطية بموجب شروط المجمع لتأمين البضائع.
  • شروط المجمع لإلغاء تغطية الحرب.
  • اكتتاب أخطار الحرب.

 

قابلية أخطار الحروب للتأمين

يُعد التأمين البحري تأميناً بالغ الحساسية للتغيرات السياسية والاجتماعية مثل الحروب والإضرابات وغير ذلك من العوامل التي يصعب التنبؤ بها أو بنتائجها على وجه الدقـــة والتي كان لا يمكن تغطيتها   في أنواع التأمين الأخرى إلى وقت قريب، على عكس التأمين البحري والذي يغطي تلك الأخطار منذ نشأته من مئات السنين.

وبصفة عامة كان ينظر للتأمين البحري باعتباره استثناءً في تغطيته لأخطار الحروب، لاعتبارها أخطار عامة Fundamental risks  حيث أنه من شروط القابلية للتأمين الانفصالية بين الأخطار Independency بحيث لا تكون الأخطار مرتبطة بشكل يخلق تراكماً على شركة التأمين إلى الحد الذي يقوّض مقدرة الشركة على سداد التزاماتها المالية، ومن هنا تأتي فكرة قبول تأمين الخطر الخاص Particular Risk    ورفض تأمين الخطر العام Fundamental risks.

وكان أهم أسباب عدم اعتبار أخطار الحروب من الأخطار العامة المستثناة في التأمين البحري هو أن تلك الأخطار لا تتسم بالتركيز الذي تتسم به في تأمينات الممتلكات وذلك بسبب الطبيعة المتحركة للسفن والتي تنفي فكرة التراكم في غالبية مراحل الرحلة البحرية عدا مرحلة الرسو بالموانئ.

 

تعريف أخطار الحروب في التأمين

تعرف أخطار الحروب بأنها الأخطار الناشئة من استخدام أسلحة أو معدات حربية سواء أعلنت الحرب أم لم تعلن، وبالتالي وكما سيأتي تفصيلاًتغطي وثيقة أخطار الحروب الألغام المتروكة من حروب سابقة، وكذلك الخسائر التي تنشأ للبضائع المنقولة بحراً من استخدام سلاح حربي حتي خلال مناورة بدون إعلان حالة الحرب.

فمن أمثلة الخسائر التي عوضتها صناعة التأمين لأخطار حربية في وقت السلم بسبب الألغام التي زرعت إبان فترة الحرب:

  • في 24/7/1987 انفجر لغم بحري في الناقلة الكويتيةبريدجتون أثناء إبحارها إلى الكويت وعلى مسافة خمسة وثلاثين ميلاً من سواحلها في أول رحلاتها وكانت محروسة بوحدات الأسطول الأمريكي بالخليج العربي.
  • في 10/8/1987 انفجر لغم بحري في ناقلة نفط أمريكية أمام سواحل الفجيرة وغرقت على بعد سبعة أميال من الشاطئ.

أثر الحرب على الخطر البحري

يجب التنبيه إلى أن حالة الحرب تعمل على زيادة الخطر البحري أيضا إذ أنها تجعل ظروف الملاحة أكثر صعوبة بسبب إطفاء المنارات أو سير السفن في قوافل أو الاضطرار إلى الدخول لموانئ لجوء   Port of refuge أو إلحاق أضرار بأنظمة مرور السفن  Vessel Traffic System (VTS)  أو استخدام آلات السفن بأكثر من طاقتها للهروب من مناطق اشتباك مما قد يؤدي لإعلان العوارية العامة.

تغطيات أخطار الحروب

تغطى أخطار الحروب بموجب شروط المجمع لتأمين الحروب (بضائع) Institute War Clauses (Cargo) 1/1/09

والتي تستخدم كتغطية تكميلية لشروط المجمع لتأمين البضائع (أ) أو (ب) أو (ج) وبالتالي فلا تمنح تغطية أخطار الحروب كتغطية مستقلة  Stand – alone cover  في التأمين البحري.

 

وتشمل التغطية المكفولة بهذه الشروط ما يلي: –

  • الحرب والحرب الأهلية والثورة والعصيان والتمرد والمنازعات الأهلية التي تنشأ عن ذلك، أو أي فعل معادى بواسطة أو ضد قوة معادية.
  • الاستيلاء والحجز والقبض والإيقاف والمنع وما ينشأ عنها أو عن محاولة القيام بها من نتائج.
  • الألغام أو الطوربيدات أو القنابل المتروكة أو أي أسلحة حربية أخرى متروكة.
  • العوارية العامة ومصروفات الإنقاذ البحري، التي يتم تسويتها أو تقريرها وفقا لعقد النقل، أو القانون أو العرف السائد والتي تصرف لمنع أو تتعلق بمنع خسارة ناشئة عن خطر مغطى وفقا لهذه الشروط” (أي أن يكون سبب العوارية العامة خطر بحري).

وجدير بالذكر أنه بالنسبة لشروط النقل (الذي يحدد بدء و انتهاء التغطية التأمينية) نجد أن المدة المتاحة خفّضت من 60 يوم  بوثيقة البحري العادية إلى 15 يوم بوثيقة أخطار الحروب تحتسب من منتصف ليلة وصول السفينة إلى ميناء التفريغ في حالة عدم تفريغ البضائع.

أما في حالة تفريغ البضائع خلال الـ 15 يوم الأولي فإن التغطية تنتهي بتفريغ البضائع في الميناء فوراً بل إن الشرط ينص على انتهاء التغطيات للأجزاء المفرغة من الرسالة أما بالنسبة للجزء غير المفرغ فتظل التغطية سارية حتى تفريغها أو انقضاء الـ 15 يوم.

و لا تمتد التغطية بأى حال من الأحوال لتغطية أخطار الحروب خلال الرحلة البرية أو حتى بعد التفريغ وهناك اتفاق عام على عدم تغطية البضائع من أخطار الحروب على البر بواسطة شركات التأمين وقد استحدث بعض مكتتبي اللويدز والصندوق العربي للتأمين أخطار الحروب AWRIS تغطية لضمان تأمين الحـروب أثناء النقل البري.

 

كما أن هناك بعض شروط تأمينات الحروب والإضرابات الصادرة بالاتفاق بين مجمع مكتتبي واتحادات التجارة لاستخدامها مع الشروط التجارية الخاصة ببعض البضائع وهي  :-

  • شروط المجمع لتأمين الحرب (السلع التجارية)
  • شروط المجمع لتأمين الحرب (FOSFA)

وهي نفس شروط المجمع لتأمين الحرب مع إجراء بعض التعديلات على الشروط والاستثناءات العامة لا علاقة لها بالأخطار المغطاة، مع الاحتفاظ بمبدأ عدم تغطية الحروب على البر ومدة الـ 15 يوم كحد أقصى في حالة عدم التفريغ، ومن المفهوم أن البضائع التى لم يصدر لها شروط حرب خاصة سوف تغطى بشروط المجمع لتأمين الحرب.

شروط المجمع لإلغاء تغطية الحرب

يعد شرط المجمع لإلغاء تغطية أخطار الحروب شرطاً إضافياً لا يستخدم مع وثائق الرحلة حيث أنه من غير المقبول رفع التغطية التأمينية عن البضائع وهي في البحر أثناء النقل، وإنما يستخدم مع الوثائق العائمة والعقود المفتوحة على أساس أن التزام المؤمن تحت هذه العقود هو التزام ممتد لأكثر من رحلة وبموجبه يستطيع المؤمن إلغاء تغطية أخطار الحروب من خلال إعطاء المؤمن له إخطار إلغاء كتابي يبدأ في سريان مفعوله بعد 7 أيام و48 ساعة للبضائع المشحونة من أو إلى الولايات المتحدة.

 ولا يسرى هذا الإلغاء بالنسبة لأي شحنات بدأت الإبحار قبل انتهاء مهلة السبع أيام ويتم احتساب السبعة أيام من منتصف ليلة توجيه الإخطار.

الحرب النووية

تستثني شروط المجمع لأخطار الحرب الأسلحة النووية سواء تمت اختبارات هذه الأسلحة في حالات السلم أم استخدمت في حالات الحرب فإذا حدث ضرر أو تلوث إشعاعي للسفينة أو للبضائع بسبب تجريب أو استخدام أي من هذه الأسلحة يعتبر مستثنى من نطاق التغطية التأمينية لأخطار الحروب. وينص الاستثناء على مايلي :

الخسائر أو الأضرار أو المصروفات الناجمة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عن أي استعمال عدائي لأى من الأسلحة أو الأجهزة التي يتم التفاعل فيه عن طريق الانشطار و/أو الاندماج الذرى أو النووي أو أي تفاعل مماثل أو باستخدام قوى أو مواد ذات نشاط إشعاعي“.

وماذا عن الحرب البيولوجية و الكيماوية و الالكترونية؟

لم تعد المخاطر تقتصر فقط علي الحرب النووية ولكن تمتد لتشمل الحرب البيولوجية والجرثومية، وقد أصدر مجمع مكتتبي التأمين شرطاً لاستثناء هذه الأخطار بالإضافة إلى الهجوم الالكتروني في 1/11/2002 نصه ما يلي :

لا يغطى هذا التأمين بأي حال الخسائر أو الأضرار أو المسئوليات أو المصروفات التي تكون بشكل مباشر أو غير مباشر بسبب أو راجعة إلى أو ناشئة عن: –

  • استخدام أي أسلحة كيماوية، بيولوجية ، بيوكيمائية أو كهرو مغناطيسية
  • الاستخدام أو التشغيل بغرض الأضرار المتعمد لأي جهاز كمبيوتر أو نظام تشغيل أو برمجيات أو فيروسات أو تشغيل أو لأي معدات الكترونية أخري

يعتبر هذا الشرط رئيسياً وتكون له أفضلية على أي شروط في هذا التأمين تتعارض مع ما جاء به

وبالتالي يمكن القول أن نطاق تغطية أخطار الحروب يشمل الحرب التقليدية ولا يمتد للحرب النووية او البيولوجية أو الكيماوية أو الإلكترونية.

اكتتاب أخطار الحرب

يقوم اكتتاب أخطار الحروب على تقييم دقيق وسريع للمناطق الأكثر خطورة فى العالم ، وتقوم لجنة البضائع المشتركة Joint Cargo Committee (JCC)   التابعة للمنظمة الدولية للاكتتاب International Underwriting Association بإصدار نشرات دورية لتحديد مناطق الخطورة بالنسبة للأخطار البحرية.

ويُمنح سعر نمطي لجميع المناطق غير المصنفة كمناطق خطرة والتي يجب زيادة أسعار الحرب بالنسبة لها ، أما المناطق المعلنة شديدة الخطورة فعادةً ما تصبح التغطية على أساس Held Covered  أي تظل التغطية سارية بشروط وأسعار يتم تحديدها من قبل مكتتبي التأمين.

وغالباً ما تُستخدم الأداة العالمية لمراقبة أخطار الحروب للبضائع الصادرة من اللجنة المشتركة للبضائع JCC Cargo Watchlist

 وقد أعلنت اللجنة في تعميم برقم  JWLA-028 أن الموقف في أوكرانيا شديد الخطورة و متطور بشكل سريع وأنه يتم مراقبة الوضع عن كثب.

كما أخطر الصندوق العربي لتأمين أخطار الحرب AWRIS أعضاءه من الشركات العاملة بأسواق التأمين العربية باستثناء منطقة البحر الأسود من تغطية مخاطر الحرب إثر تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا.

 

رأي الاتحاد

إن صناعة التأمين هى صناعة عالمية بالأساس وتمثل ضلعا أساسيا ضمن أضلاع الاقتصاد العالمى و ستتأثر بكل تأكيد مالم تتوقف الحرب ، ويكفي أن نذكر أن سوق التأمين الإنجليزى وهو أحد أكبر وأهم أسواق التأمين فى العالم أعلن فور اندلاع الحرب أن المناطق البحرية فى أوكرانيا وروسيا هى مناطق خطرة ، وهو مايعنى بلغة التأمين إرتفاع أسعار التأمين البحرى بشكل كبير وخاصة فى هذه المناطق البحرية ، كما شكلت هيئة اللويدز فى لندن  لجنة لمتابعة الأحداث الجارية بين البلدين الجارين روسيا وأوكرانيا وتقييم الموقف أولا بأول .   ويحرص الاتحاد المصري للتأمين علي متابعة التطورات ورصد أهم التداعيات المحتملة للحرب  .

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى