رئيس الحملة القومية للإبل: أكاديمية البحث العلمي تساهم في حل مشكلة عجز اللحوم الحمراء في مصر

كتب/ محمد نبيل

كشف الدكتور أحمد عسكر أستاذ تغدية الحيوان – مركز بحوث الصحراء ، ورئيس الحملة القومية للنهوض بأنتاجية الإبل ، أن أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا برئاسة الدكتور محمود صقر وافقت علي تبني وتمويل المرحلة الثانية من الحملة ، لمدة عامين ، من خلال فريق العمل بمركز بحوث الصحراء ، مشيرا إلي أن الحملة أضافة في نسختها الثانية محافظة شمال سيناء ، بجانب المحافظات التي شملتها المرحلة الأولي للحملة كالساحل الشمالي الغربي ، والشلاتين ، وجنوب سيناء .

الدكتور أحمد عسكر

يأتي ذلك في إطار استيراتيجية الدولة المصرية ؛ لإيجاد بدائل عملية وحلول أقتصادية لمشكلة نقص اللحوم الحمراء في مصر ، من أجل تحقيق الأكتفاء الذاتي منها ، وتقليل فاتورة الأستيراد من الخارج وتوفير العملة الصعبه للبلاد .

إنتاج البتلو من الإبل في إطار أقتصادي يحد من الأضرار البيئية

وتابع عسكر أن موافقة الأكاديمية جاء بعد نجاح المرحلة الأولى من الحملة القومية للنهوض بإنتاجية الإبل ، حيث أثمرت البحوث العلمية لباحثي الصحراء عن نتائج متميزه ليس فقط علي المستوي المحلي بل أيضا عالميا ، وذلك في إطار تطوير الأستراتيجيات الأقتصادية الفعالة للحد من العجز وتشجيع الإنتاج المحلي مع الأخذ في الأعتبار الظروف البيئية القاسية الناجمة عن تغير المناخ مثل الجفاف وندرة المياه العذبة وكذلك البحث عن بدائل أقل ضررا على البيئة .

كما جاءت النتائج الأولية للحملة القومية للإبل واعدة وتشير إلى أن الإبل لها ميزة نسبية كبيرة في النمو على أعمار صغيرة فقد تم إنتاج صغار (عجول) الأبل على وزن حي 300 كجم وعمر عام واحد فقط مع كفاءة اقتصادية عالية في استخدام الأعلاف (معامل تحويل 5.0 كجم عليقة الى 1 كجم وزن حي) وأتباع نظام غذائي منخفض التكلفة بالمقارنة بإنتاج العجول البقري والذي يرجع الى انخفاض المأكول اليومي (تقليل التكاليف المتغيرة اليومية) ، وكذلك استخدام عليقة أرخص وتتميز بقلة الاعلاف المركزة بها ؛ مما يساهم أيضا في الحد من استيراد الذرة وكسب فول الصويا باهظ الثمن (المكون الأساسي للأعلاف المركزة) والاعتماد بشكل كبير في التسمين وأنتاج اللحوم على المحاصيل العلفية المنزرعة محليا مثل البرسيم الحجازي .

كما أظهرت نتائج تجارب الحملة القومية للإبل ؛ بأنه حيوان لديه القدرة على الأستفادة من الأعلاف الخشنة والخضراء أفضل بشكل كبير من الأبقار خاصة في مشاريع التسمين وأنتاج اللحوم.
كما كشفت النتائج أيضا الى أن زيادة نسبة الاعلاف المركزة بعليقه الإبل ليس لها أي تأثير معنوي على معدلات النمو اليومية او هضم المواد الغذائية ، كما تم الحصول على معامل تحويل غذائي بكفاءة أفضل مع المستوى المنخفض بالمقارنة بالمستوى العالي من الأعلاف المركزة بالعليقة ، ومن ناحية أخرى، نجد أن صغار الإبل لا تتعرض لمشاكل عسر الهضم أو الحموضة بشكل كبير كما هو السائد في الأبقار لأن الإبل تتميزبإنتاجها العالي من اللعاب وبها العديد من الاليات لمواجهة مشاكل الحموضة.

وأوضح عسكر أن مصر تعاني من عجز كبير في إنتاج اللحوم الحمراء فقد بلغت نسبة الاكتفاء الذاتي حوالي 55٪ من اللحوم الحمراء المستهلكة أي ما يعادل 543 ألف طن، بينما بلغت كمية اللحوم الحمراء المتاحة للاستهلاك حوالي 988 ألف طن ومن هنا قدر حجم العجز من اللحوم الحمراء بحوالي 445 ألف طن سنويا ،كما يتم سد هذا العجز عن طريق الاستيراد من الخارج والذي يعتمد بشكل أساسي على لحوم الابقار (444 ألف طن) والتي تصل إلى 99٪ من اللحوم الحمراء المستوردة بإجمالي 21,5 مليار جنيه سنوياوالذي يشكل عبئاً كبيراً على ميزان المدفوعات بالدولة.

وقال رئيس الحملة القومية للإبل إن الإبل يستطيع تحقيق الأمن الغذائي في مصر ؛ نظرا لقدرتها على أستخدام نباتات المراعي الطبيعية والتي لا تتنافس بشكل مباشرة مع الانسان ، فالإبل تمتلك خصائص مميزة للتكيف مع البيئات القاحلة والتصحر وتعتبر مصدرا رئيسيا للدخل لقاطني المناطق الجافة وشبة الجافة وتعتبر أكثر الأنواع الحيوانية إنتاجا للحليب واللحوم في ظل هذه الظروف المناخية القاسية الحالية ، مشيرا بأن الإبل تعيش معظمها في دول شرق أفريقيا حيث أن الجفاف يحد من تربية الأنواع الحيوانية الأخرى ويعد السبب الرئيسي لانتقال العديد من المربيين من تربية الأبقار إلى تربية الإبل في أطار سيناريو تغير المناخ، وبالمثل ففي جنوب شرق مصر لا نجد الأبقار أو الجاموس في منطقة المثلث (حلايب-شلاتين-أبو رماد) ويعتبر المصدر الرئيسي للألبان بتلك المنطقة هو الإبل لأنها حيوانات واعدة تتميز بكونها أكثر الأنواع الحيوانية تحملا للجفاف.

كما يمكن للإبل أن تساهم بشكل كبير في التنمية المستدامة للمناطق الصحراوية والمناطق المتأثرة بالملوحة وتستطيع أن تعيش وتنتج تحت ظروف الصحراء القاسية والمتمثلة في نقص الموارد العلفية وقلة الغذاء والأجهاد الحراري الناتج عن ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة وكذلك ندرة المياه العذبة فيمكن للإبل أن تعيش وتنتج على شرب الماء المالح ويمكن أن تتحمل العطش لفترات طويلة قد تصل الى أسبوع أوأكثر.

ونوه عسكر بأن الإبل تم تصنيفها حديثا بأنها صديقة للبيئة ، نظرا لمساهمتها في تقليل الأحتباس الحراري العالمي فكمية انبعاث الغازات الدفينة منها أقل بكثير من الكمية المنبعثة من الحيوانات المزرعية الأخرى ، فعند مقارنته بالأبقار نجد أن كمية أنبعاث الميثان في حدود الثلث وهذا يدل على أن الإبل تقلل بشكل كبير من الفاقد من الطاقة في صورة ميثان مما يرفع من كفاءة استخدام الغذاء ويسهم في إيجاد بيئة نظيفة بدون تلوث.

 

كما يمكن للإبل أن تساهم بشكل كبير في تغطية عجز اللحوم الحمراء في مصر فيمكن أنتاج عجول البتلو من الأبل بتكلفة اقتصادية أقل مقارنته بإنتاج العجول البقري وذلك للعديد من الأسباب من أهمها أن رأس المال العامل (التكاليف الاستثمارية)المطلوب لمشاريع أنتاج اللحوم من الإبل أقل بكثير (حوالي النصف) مقارنة بمثيلتها من الأبقار على نفس عدد الرؤوس بالمشروع ؛ فبالإضافة إلى انخفاض سعر شراء صغار الإبل إلا أن مشاريع الإبل غير منافسة للأبقار ويمكن تنفذها في المناطق القاحلة أو الصحراوية الجافةلان الأبل متأقلمة على الصحراء وظروفها القاسية ولا تحتاج الى تجهيزات خاصة إضافية عالية التكلفة ضد الأجهاد الحراري أو الجفاف أو ندرةالمياهمقارنة بالأبقار،فالإبل يمكن أن تتحمل العطش لأسابيع وتعيش وتنتج على شرب الماء المالح بخلاف الأبقار أو الأغنام والماعز.

ولفت عسكر بأن الربحية في مشاريع تربية الإبل تتوقف على إنتاج ، وتسويق ألبانها بجانب إنتاج اللحوم, فأختيار النوق الحلابة هو أساس تحقيق الربح العادل للمشروع ، كما أن أسعارألبان الأبل تختلف من منطقة الى أخرى، حيث أن كيلو لبن الأبل فى جنوب سيناء يصل إلي 40 جنية ومازال يواجه مشاكل تسويقية يعمل المشروع على حلها, بينما فى الشلاتين يزداد الطلب على ألبان الأبل لعدم توافر مصادر بدايله مثل ألبان الأبقار والجاموس ويصل الكيلوالى20 – 30 جنية.
كما أن موسم التناسل فى الأبل يكون فى فصل الشتاء خاصة فى ديسمبر ويناير وفبراير وأن فترة الحمل للنوق حوالي ثلاثة عشر شهرا ، وأن الناقة تعطى مولودا واحدا كل عامين ؛ لذلك فأن الأبل يعد مصدرا جيدا للدخل والذى بدوره سيشجع المربيين على إدراج عدد أكبر من الابل في مشاريع الإنتاج الحيواني والتى تعتبر خطوة هامة على طريق التنمية المستدامة لإنتاجية الإبل مع تحسين العائد الاقتصادى وتحقيق الأمن الغذائي فى مصر مع الحد من التلوث البيئى الناتج من انبعاثات الغازات الدفيئة من الماشية.

وأختتم عسكر حديثه بأهم التوصيات الأرشادية التي يتم توجيهها للمربين والمتمثله في ضرورة أستخدام برامج غذائية مناسبة الجيدة للإبل على أعمار صغيرة ، لأن ذلك سيؤدي بالضرورة إلى تحسين معدل النمو وضمان إنتاج ذبائح صغيرة السن عالية الوزن والجودة وذات نكهة جيدة تنافس السوق بأسعار مناسبة تضمن ربحية المربى ؛ إذا تمت إدارة هذا النهج بشكل صحيح، فإنه من الممكن أن يتم ذبح صغار الإبل بشكل منتظم على مدار العام كاستراتيجية اقتصادية فعالة، مما يؤدي إلى مساهمة فعالة في الاكتفاء الذاتي من اللحوم الحمراء في مصر دون الإخلال بالبيئة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى