آراء متباينة.. كيف علّق خبراء قانون الكرة على “مهزلة القرن”؟
كتب/ سيف نصر
أثارت مباراة تونس ومالي، الأربعاء، في افتتاح المجموعة السادسة من كأس أمم إفريقيا، عاصفة من الجدل وردود الفعل العنيفة على منصات التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام، وذلك بعد “الفضيحة” التي كان بطلها الحكم الزامبي جاني سيكازوي.
وكان سيكازوي محور حادثة تحكيمية غير مسبوقة، عندما أعلن نهاية المباراة في مناسبة أولى بالدقيقة 85، ثم تدارك خطأه لكنه سرعان ما أطلق من جديد صافرة نهاية المباراة في الدقيقة 89، حين كانت النتيجة تشير إلى تقدم مالي بهدف من دون رد.
وشهدت نهاية المباراة أحداثا مثيرة، حينما اقتحم مسؤولو منتخب تونس وطاقمه التدريبي واللاعبون البدلاء أرض الملعب وتوجهوا نحو الحكم الذي أصر على قراره، قبل أن تعرف القضية فصولا أخرى.
وكشف المسؤول الإداري للمنتخب التونسي حسين جنيح في حديث لوسائل الإعلام، أن المدير الفني لمنتخب “نسور قرطاج” دون اعتراضا فنيا أشار فيه إلى الخطأ الفادح للحكم، وطالب بإعادة المباراة برمتها.
وفي فصل آخر من مهزلة المباراة، أعلم منسق اللقاء حكم المباراة بارتكابه خطأ فادحا بالإعلان عن النهاية قبل الوقت الرسمي، ليدعو المنتخبين إلى العودة إلى أرض الملعب واستكمال الدقائق المتبقية، لكن لاعبي ومسؤولي تونس رفضوا فيما عاد لاعبو مالي إلى الميدان ووافقوا على استكمال المقابلة.
ماذا قال خبراء القانون؟
تعددت المواقف القانونية حول “واقعة سيكازوي”، وقال الخبير المتخصص في قانون كرة القدم أنيس بن ميم إنه “استنادا إلى القوانين العامة لكرة القدم وحسب المادة السابعة، فإنه إذا أوقفت المقابلة قبل انتهاء التوقيت الرسمي فالقرار يكون بإعادتها”، مضيفا أن “إعادة المباراة من بدايتها أمر لا بديل عنه”.
وتابع بن ميم في تصريح لموقع “الجالية”: “المادة الخامسة من قوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) الخاصة، تشير إلى أنه إذا أعلن الحكم نهاية المباراة والتحق مع الفريقين بحجرات الملابس، لا يمكن له الرجوع في قراره، وبالتالي فإن عدم عودة الفريق التونسي إلى الملعب كان قرارا صحيحا لكي يثبت أن الخطأ على الحكم”.
في المقابل، كشف المحامي وخبير القانون الرياضي كمال بن خليل أنه “من الصعب جدا أن يتخذ الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (كاف) قرارا بإعادة المباراة، فالقانون واضح في هذه المسألة وهو أنه عند الخطأ في احتساب التوقيت يقع الاتفاق على دعوة الفريقين لاستكمال الدقائق المتبقية، وفي مباراة تونس ومالي رفض لاعبو منتخب تونس العودة وتمسكوا بقرارهم، في وقت كان لاعبو مالي على أرض الملعب ينتظرون استكمال اللقاء. المباراة دخلت طي التاريخ وسيتم إقرار فوز مالي بالنتيجة المسجلة (1ـصفر)”.
وقال بن خليل لموقع “الجالية”: “قرار المنظمين ومسؤولي الكاف كان واضحا وهو العودة للميدان لإكمال ما تبقى من الوقت القانوني والدقائق الإضافية التي ستحتسب، وهنا عاد المنتخب المالي إلى الميدان ورفض منتخبنا التونسي العودة وهذا معطى مهم جدا. أعتقد أن منتخب تونس وقع في ورطة قانونية، فالمنظمون قرروا استئناف المباراة بما يفيد معه أنهم استعملوا الصورة الثانية من الفصل السابع من قوانين كرة القدم، الذي يشير إلى أن المباراة التي لا تستكمل في وقتها القانوني تعاد إلا إذا كانت هناك لوائح تنص على خلاف ذلك، أو قرر المنظمون خلاف ذلك”.
وفي السياق ذاته، أكد الحكم الدولي المصري السابق جمال الغندور في تصريحات تلفزيونية، أنه “من الصعب جدا إعادة المباراة في مثل هذه الحالات. الحكم مطالب باستكمال اللقاء حتى وإن عاد اللاعبون إلى غرف تبديل الملابس”.
وكشف الغندور أن “سيكازوي كان غير متزن بالمرة في كل قراراته، لكن كان عليه على الأقل طلب المساعدة من الحكام المساعدين أو من غرفة حكام الفيديو لتعديل التوقيت الصحيح لساعته. كل الطاقم التحكيمي مدان لكن المباراة لن تعاد”.
عاصفة من الانتقادات
بالتوازي مع تعدد المواقف القانونية حول مصير المباراة، تصدرت أخبار الفضيحة التحكيمية التي ارتكبها سيكازوي الصحف التونسية الصادرة الخميس، فيما سخرت كل القنوات التلفزيونية والإذاعية ومواقع الإنترنت حيزا كبيرا من اهتمامها للحديث عما اعتبرته “مهزلة القرن” في كرة القدم الإفريقية.
وقالت صحيفة “الأخبار” التونسية في صفحتها الأولى: “تونس ـ مالي: التحكيم يعبث بسمعة الكرة الإفريقية”، مشيرة إلى أن الخطأ الذي ارتكبه حكم المباراة يعد “سابقة خطيرة في تاريخ مسابقة كأس أمم إفريقيا وفي تاريخ الكرة في القارة السمراء”.
وتحدثت الصحيفة عن “الأداء المهزوز للحكم الزامبي طيلة المباراة”، مشيرة إلى أن الكاف “سيكون في موقف لا يحسد عليه للخروج من مأزق هذه المباراة، وذلك في ظل تعدد القراءات القانونية حول مصير المواجهة”.
كما عنونت صحيفة “الشروق” اليومية أحد مقالاتها حول المباراة، بأن ما حصل كان “فضيحة تحكيمية غير مسبوقة”، مشيرة إلى أن “التحكيم سيظل نقطة سوداء في كرة القدم الإفريقية وحاجزا يحول دون تطورها”.
وعلقت الصحيفة بأن “المنتخب التونسي لا يزال متمسكا بإعادة المباراة كاملة بعد الخطأ الفادح وإنهاء المواجهة قبل الأوان”، وأضافت أن “نسور قرطاج قدموا أداء شاحبا على الميدان، لكن ذلك لا يمنع من القول إن الحكم سيكازوي ساهم بقسط كبير في هزيمتهم”.
صحيفة “الصباح” اعتبرت أن ما حدث في ملعب مدينة “ليمبي” يعد “مهزلة للحكم وللتحكيم الإفريقي بشكل عام”، وأن الهفوة التي ارتكبها حكم المباراة “ستتسبب بالتأكيد في نهاية مشواره على الأقل حتى نهاية المسابقة، في انتظار ما ستؤول إليه الأمور بعد طعن تونس في شرعية المباراة”.