اكتشاف أثري نادر في سلطنة عُمان يرجع إلى الألف الثالث قبل الميلاد
كتبت / هالة شيحة
أعلنت وزارة التراث والسياحة العُمانية عن اكتشاف لعبة عبارة عن لوح حجري نادر يُكتشف لأول مرة في سلطنة عُمان، وهو لوح مشابه للعبة الشطرنج أو كما يُعرف محليًا بالحواليس، وجاء ذلك بالتعاون مع بعثة أثرية من جامعة وارسو في بولندا.
وذكرت الوزارة، عبر حسابها الرسمي على “تويتر”، بأن تاريخ اللوح الحجري المكتشف يعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد، وعُثر عليه في إحدى غرف موقع قميراء الأثري، والذي يُعد واحدًا من المواقع المهمة خلال العصر البرونزي والمرتبطة بتجارة النحاس لحضارة مجان مع حضارات دلمون وبلاد ما بين النهرين، أي العراق حاليًا.
وتقع بلدة “قميراء” بولاية ضنك بمحافظة الظاهرة، وتزخر بالعديد من المواقع الأثرية التي ما زالت تحكي قصصًا عن هذه المنطقة التاريخية وأهميتها، وفقًا لموقع وزارة الإعلام العمانية.
وتتواصل المسوحات الأثرية التي تقوم بها وزارة التراث والثقافة بالتعاون مع خبراء في الآثار من جامعة “وارسو” البولندية في عين “بني ساعده” ببلدة “قميراء” في ثلاث مناطق استيطان تتحدث عن العصر الحجري، الحديث والبرونزي والحديدي وهي عبارة عن مقابر ومبانٍ سكنية وإدارية تعود للألفية الثانية قبل الميلاد.
ومن جانبها، أعلنت جامعة “وارسو” البولندية اكتشاف علماء الآثار من مركز آثار البحر الأبيض المتوسط، عن لعبة ألواح حجرية عمرها 4،000 عام بالقرب من قرية عين بني ساعده جنوب بلدة قميراء، خلال أعمال المسوحات الأثرية بمشروع يحمل عنوان “تطوير المستوطنات في العصر البرونزي والعصر الحديدي في جبال شمال سلطنة عُمان”.
وقاد فريق الآثار العماني البولندي بالاشتراك مع البروفيسور بيوتر بيلينسكي من المركز بجامعة وارسو والدكتور سلطان البكري، المدير العام للآثار بوزارة التراث والسياحة العمانية. وبعد العثور على برج في مستوطنة من العصر البرونزي أثناء العمل الميداني الأثري في وادي قميراء في شمال عُمان، اكتشف علماء الآثار أدلة على صهر النحاس في الموقع، ما يدل على أن المستوطنة شاركت في تجارة مربحة التي اشتهرت بها سلطنة عُمان في تلك الحقبة، والتي وردت في مصادر مكتوبة من بلاد ما بين النهرين.
لكن الاكتشاف المثير وغير المتوقع كان يتمثل في لعبة اللوح الحجري، والذي عُثر عليه بإحدى الغرف التي تعود لفترة أم النار. وأوضح عالم الآثار بيلينسكي أن “مثل هذه الاكتشافات تُعد نادرة، لكننا نعرف بعض الأمثلة لألواح مماثلة من وادي السند، وكذلك من بلاد ما بين النهرين، بما في ذلك المقابر الشهيرة في أور”.
وبدأت عملية التنقيب والدراسة منذ عام 2016 وما زالت مستمرة، والتي كشفت تصورًا واضحًا من خلال المباني الموجودة ومعرفة طبيعة الاستيطان الذي كان سائدًا بالمنطقة إضافة إلى معرفة التأريخ الزمني لهذه المواقع.
ويُعد هذا الاكتشاف بمثابة دليل على أن مجال البحث في منطقة قميراء كان له أهمية أكبر في العصور القديمة مما كان يُعتقد سابقًا، وأن الموقع يخفي العديد من المفاجآت. واتضح أن الوادي غني بالبقايا الأثرية من خمس فترات على الأقل، وكان هناك استيطان من أواخر العصر الحجري الحديث (حوالي 4300-4000 قبل الميلاد).
وفي طرفي الوادي، يمكن مشاهدة المقابر والمستوطنات من فترة أم النار (حوالي 2600-2000 قبل الميلاد)، كما تم اكتشاف بقايا مستوطنة من العصر الحديدي الثاني (حوالي 1100-600 قبل الميلاد)، تمتد على تلال صخرية بالقرب من عين بني ساعده.
كما تُوجد بقايا كثيرة من الفترة الإسلامية في الوادي. وتُوضح هذه الوفرة من آثار الاستيطان من فترات مختلفة أن الوادي كان مكانًا مهمًا في عصور ما قبل التاريخ، وربما أيضًا في تاريخ سلطنة عُمان، حسبما ذكره البروفيسور بيلينسكي.
وسيواصل علماء الآثار عملية التنقيب والدراسة في وادي قميراء، حول عين بني ساعده وحول قرية بيلت، في الطرف الآخر من الوادي، بما في ذلك بقايا أخرى تعود لفترة أم النار.