واعتبر محللون أن القمع المتزايد لمظاهرات إيران سيجعلها نواة لأحداث شبيهة للاحتجاجات الواسعة التي شهدتها البلاد في ديسمبر 2017 ويناير 2018 جراء تدهور الأوضاع الاقتصادية التي أوقعت عشرات القتلى ومئات المعتقلين خاصة أنها بدأت أيضا باحتجاجات ضد نقص المياه.
وفي محافظة “جهارمحال وبختياري”، تتواصل الاحتجاجات اعتراضا على أزمة المياه التي تتفاقم مع قيام السلطات بنقل المياه إلى المحافظات الأخرى.
كما شهدت أصفهان، ثالث أكبر مدينة في إيران، احتجاجات على نقص المياه في نهر ” زاينده رود”، أكبر نهر في المنطقة والذي يواجه جفافا يهدد السكان المحليين.
وتعاني إيران من مشكلة الجفاف منذ حوالي 30 عاما، لكنه تفاقم خلال العقد الماضي، وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة. وتقول منظمة الأرصاد الجوية الإيرانية إن ما يقدر بنحو 97% من البلاد تواجه الآن مستوى معينا من الجفاف.
مافيا المياه
وبحسب وكالة أنباء “إيسنا” الحكومية، تجمع المئات أمام مكتب حاكم المدنية؛ احتجاجا على عدم وفاء المسؤولين بوعودهم، بما في ذلك عدم اكتمال مشروع نقل المياه في بن بروجين المصمم، لتزويد نصف سكان المحافظة بالمياه، احتجاجات من أهالي المحافظة.
وهتف المتظاهرون ضد سياسات النظام ومشاريعه المائية، قائلين “الموت لمافيا المياه”، و “هنا جهارمحال، وأخذ المياه محال!”، في إشارة إلى مشاريع الحرس الثوري.
فيما وصف وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي المحتجين في جهار محال وبختياري بـ “فرق معادية”، وقال إن “أعداء إيران لا يمكنهم استغلال قضية المياه”.
اعتصامات واعتقالات
وفي أصفهان، خرج الآلاف من المزارعين في تجمع حاشد، وسط البلاد، محتجين على نقص المياه في المنطقة التي تضربها موجة جفاف.
وردد المتظاهرون هتافات بينها “دعوا أصفهان تتنفس مرة أخرى” و”أعيدوا الحياة لزاينده رود”، كما تجمعت حشود في قاع النهر الذي تيبس بفعل الجفاف حيث أقام المتظاهرون مدينة من الخيام، حاملين لافتات مكتوبا عليها “أطفالنا يريدون الماء”.
وحمل المزارعون في أصفهان الحكومة مسؤولية الجفاف حيث عملت على تحويل المياه من نهر ” زاينده رود” لتزويد مناطق أخرى، مما أدى إلى معاناة مزارعهم من الجفاف وتهديد سبل عيشهم.
والخميس، أضرمت قوات الوحدة الخاصة التابعة للشرطة الإيرانية، النار في خيام المزارعين المحتجين وسط دوي عدة انفجارات يبدو أنها قنابل صوتية وغاز مسيل للدموع، فيما أفادت وسائل إعلام باعتقال 50 شخصاً من المحتجين وصفتهم السلطات بـ”المشاغبين”.
والجمعة، اشتبك المتظاهرون مع الشرطة في مدينة أصفهان فيما أطلق الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريقهم.
وبحسب وكالة أنباء فارس، شبه الرسمية، فإن “المتظاهرين رشقوا الشرطة بالحجارة وأشعلوا النار في دراجة بخارية للشرطة وسيارة إسعاف”.
فساد وسوء تخطيط
الكاتب الأحوازي، أحمد رحمة العباسي، قال إن الأسباب تعود إلى عدم إدارة الموارد المائية بشكل جيد وتوزيعها على المحافظات بشكل عادل نتيجة الفساد.
وأضاف العباسي لـ”الجالية” أنه بالأمس كان مقررا أن تكون هناك مظاهرة في مدينة الأحواز حول شح المياه لكن تم منع إقامتها “النظام لا يعرف غير القمع، عندما يشعر بأي خطر ما يسرع نحو قمعه بأي طريقة للحفاظ على سلطته”.
وأوضح أن سياسة تأسيس وبناء المصانع الكبرى التي تتطلب استهلاكا كثيفا من المياه في مناطق جافة بالأساس مثل مصانع الصلب والبتروكيماويات ومحطات الطاقة البخارية (الدورة المركبة) وصناعات السيراميك والطوب هي سياسات خاطئة وليس لها ما يبررها اقتصاديا، لأن أسعار ما تستهلكه هذه المصانع من المياه لا يساوي ما تدره من أرباح وبالتالي فإن إنشاء مثل هذه المصانع هو عمل فوضوي وغير مدروس.
وأشار إلى أن غالبية المشاريع تابعة للحكومة ولكن إدارتها لضباط بالحرس الثوري الذين يستولون على إيراداتها ويبقى الشعب فقيرا.