السفير العُماني بالقاهرة يدشّن صالون “أحمد بن ماجد” الثقافي
كتبت/ هالة شيحة
دشّن السفير عبدالله بن ناصر الرحبي سفير سلطنة عُمان لدى مصر ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، صالون “أحمد بن ماجد” الثقافي، وذلك في أمسية ثقافية أُقيمت بمقر السفارة العُمانية بالقاهرة بحضور نخبة من كبار المفكرين والسياسيين والمثقفين والإعلاميين؛ وذلك تزامناً مع احتفالات سلطنة عُمان بالعيد الوطني الحادي والخمسين المجيد، الذي تحتفل به السلطنة في ١٨ نوفمبر من كل عام.
وأكد السفير عبدالله بن ناصر الرحبي في كلمة له، أن ريادة سلطنة عُمان للبحار شكلت تاريخاً حضارياً ممتداً، وأن العُمانيين في طليعة الأمم التي أرسلت أولادها عبر البحر للتواصل عبر حقب التاريخ مع الحضارات القديمة كالفرعونية والإغريقية، ولقبوا بأسياد البحار، وأحبتهم الشعوب لسماحتهم وإسلامهم وإعلائهم قيم الحوار والتفاهم مع أبناء الحضارات الأخرى.
واعتبر السفير عبد الله بن ناصر الرحبي أن “صالون أحمد بن ماجد الثقافي” تخليد لكل الأمجاد في تاريخ سلطنة عُمان، مشيراً إلى إقامة صالونين سابقين للفراهيدي والعوتبي في سفارتي السلطنة في القاهرة وعمّان بالأردن.
كما أكد السفير “الرحبي” أن “صالون أحمد بن ماجد الثقافي” يسعى إلى تحقيق العديد من الأهداف أهمها عمق العلاقات المصرية العُمانية على مر العصور، موضحاً أن أحمد بن ماجد يعد الشخصية السادسة من سلطنة عُمان التي تضمها منظمة “اليونسكو” للائحتها للشخصيات الأكثر تأثيراً.
وحلّقت في الصالون مسميات عدة لابن ماجد تجلي أدواره الثقافية والعلمية المتعددة، كأسد البحار، والعطاء العُماني في مجال العلم والحضارة ونشر الإسلام.
ومن جانبه، قدم الدكتور سالم البوسعيدي ورقه أمام الصالون وهو يتحدث عن ابن ماجد، وأثبت أنه وحتى الجد التاسع من الذين ينقلون البضائع في البحر، أما جده المباشر فقد شجعه علي الإبحار والتأليف، فيما اختُلف حول سنة ميلاده ولكن “البوسعيدي” رجح أن تكون في عام ٨٢١ من الهجرة، أما حياته فقد تجاوزت الستين وربما امتدت إلى السبعين.
كما قدم السفير “الرحبي” خلال فعاليات الصالون الثقافي، وجهاً جديداً من المهتمين بالشئون العُمانية، وهو الدكتور صالح محروس، الذي قدم عرضاً شيقاً لرحلة السفينة الشهيرة “سلطانة” إلى نيويورك على الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأمريكية عام ١٨٤٠م كأول سفينة عربية تصل إلى هناك.
وقدم السفير “الرحبي”، ضيف شرف الصالون وهو مدير مكتبة الإسكندرية المفكر البارز الدكتور مصطفي الفقي، الذي أكد في كلمته أن سلطنة عُمان صدّرت إشعاعها إلى شرق أفريقيا والجزيرة العربية وامتد عطاؤها إلى الهند لسنوات طويلة، وأن ذلك لا يخطئه أحد، خصوصاً وأنه عمل في الهند لسنوات طويلة.
ووصف “الفقي” عُمان بأنها سبيكة خاصة جداً من التراث العربي الأفريقي وفيها مسحات من الامتداد الفارسي والهندي، وقال: “هي ملتقى حضاري لا يشبهها أحد، ونعتز بها جميعاً في مصر”، مؤكداً أن السلطنة بلد فريد في ثقافته، وهو الذي لم يعش الطفرة النفطية كدول الخليج الأخرى، لكنه عاش تجدد المعرفة وعرف سبل الحياة مع الآخر.
ومن جهته، لاحظ وزير الثقافة الأسبق الدكتور محمد صابر عرب وجوهاً محبة لعُمان كقيادة وحكومة وشعب يزخر بها الصالون، وحكى بعاطفة مفرطة أنه أول من سافر إلى جامعة السلطان قابوس عند نشأتها، ورؤيته التي رسخت لديه أن أكثر ما يميز الشخصية العُمانية ليس البحر والسفر، إنما العمق التاريخي.
وأشار “عرب” إلى اكتشافات تؤكد وجود معسكرات لمجموعات من البشر في عُمان قبل عشرة آلاف سنة، وقال: “إنه ليس من قبيل المصادفة أن تكون بلداً لها تاريخ، هم أولاد الأصول، وليسوا محدثي نعمة”.
كما أكد “عرب” أنه لا يعرف سلطنة عُمان إلا من سافر إليها، وقال إنه رأى عُمان وحدثت الطفرة في السلطنة مقترنة بإنشاء الجامعة، وسوف يسجل التاريخ للسلطان قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه – أنه تجاوز الدور العُماني إلى المنطقة، مشيراً إلى تجارب شخصية، حيث تشرف بلقاء السلطان الراحل مرتين الأولى مع شيخ الأزهر والثانية عندما كان يتولي دار الكتب ويرسل بأوامر السلطان إلى سفير عُمان في القاهرة “عبدالعزيز الهنائي” قوائم النشر ونسخة من كل إصدار، حيث أسس السلطان بنفسه مكتبة أحد القصور.
أما الدكتور أحمد درويش أستاذ الأدب في جامعة القاهرة ورئيس سابق لقسم الآداب في جامعة السلطان قابوس، فقد تحدث عن شاعرية ابن ماجد، ولفت الأنظار إلى رواية اللبناني محمد طرزي “ماليندي” المستمدة من مخطوطة ابن ماجد “خزينة الأسرار في قواعد علم البحار”.
وقد وجه الحضور الشكر للسلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان، لتوجيهاته ودعمه المستمر لتراث سلطنة عُمان باعتباره جزءاً مهماً من تراث الأمة العربية، ممثلاً في الاحتفاء بشخصية عُمانية عربية خالدة هي الملاح الشهير أحمد بن ماجد، الذي اختارته منظمة “اليونسكو” الدولية كأحد أكثر الشخصيات تأثيراً في العالم، وذلك بمناسبة مرور ٦٠٠ عاماً على ميلاده.
وبالتزامن مع تدشين الصالون الثقافي في مقر السفارة العُمانية بالقاهرة على ضفاف نهر النيل، طافت أشرعة مراكب في النيل حول مقر السفارة تحمل صور السلطان هيثم بن طارق ورسماً لأحمد بن ماجد.