دسم أعراس المغرب.. هل يصلح رمضان ما أفسده كورونا؟
كتبت/ سريم مصطفي
تتجه أسعار اللحوم البيضاء في المغرب إلى الارتفاع مع اقتراب حلول شهر رمضان، لا سيما بعد الانخفاض الشديد الذي شهدته خلال الفترة الماضية بسبب تداعيات انتشار وباء كورونا، فيما يترقب المستهلكون استقرار الأسعار عند الحدود التي لا تضر بالقدرة الشرائية التي تأثرت بتبعات الجائحة.
وتوقعت المندوبية السامية للتخطيط وهي جهاز الإحصاء الرسمي في البلاد، أن «يشهد الإنتاج الحيواني بعض التباطؤ، خلال الفصل الأول من 2021، بسبب الانخفاض المستمر في إنتاج الفراخ الصغيرة»، مما سيؤدي إلى انخفاض إنتاج لحوم الدواجن «بنسبة 4.9 في المئة».
وذكرت المؤسسة، أن إنتاج اللحوم الحمراء سيواصل بدوره «تطوره المتواضع، بالموازاة مع تحسن وضعية المراعي وخاصة في المناطق البور، مما سيشجع على إعادة بناء القطيع وإبطاء عمليات الذبح».
وكان سوق الدواجن واللحوم قد شهد خلال الأشهر الماضية بعض التراجعات في الأسعار، بسبب ضعف الإقبال، الأمر الذي تسببت فيه التداعيات الاقتصادية لانتشار وباء كورونا وتدابير الطوارئ الصحية التي تشهدها البلاد منذ العام الماضي.
ويتوقع أن يشهد الطلب الداخلي انتعاشا طفيفا، في الفترة المقبلة، بحيث ستعرف نفقات الأسر الموجهة نحو الاستهلاك ارتفاعا يقدر بـ 0.8 في المئة، وذلك بسبب ارتفاع نفقات استهلاك الأسر، في حين سيزداد الاستهلاك العمومي بـ 1.8 في المئة، خلال الفترة نفسها، عوض 0.7 في المائة في الفصل السابق.
اختفاء دسم الأعراس
وتقول حليمة، التي تعمل في تموين الأعراس، في تصريح لموقع «سكاي نيوز عربية» إن «المنع الذي طال تنظيم الأعراس والحفلات خلال الفترات الماضية، وكما تسبب في تراجع الطلب على اللحوم والدواجن، فإنه أيضا حرم فئات عريضة من توفير الدخل الذي كانت تجنيه قبل الجائحة».
وأضافت المتحدثة التي تعمل رفقة عدد من الأشخاص، أن «الظروف التي دفعت إليها كورونا البلاد، مع ما يقتضيه ذلك من منع حدوث الازدحام، هي التي جعلت قسما مهما من الطلب على الدواجن واللحوم يتراجع، لاسيما خلال فترات الصيف التي تكثر فيها في العادة الأعراس والأفراح».
وأكدت ذات المتحدثة، أن «السبب الإضافي أيضا يكمن في تراجع قدرات الناس على تمويل الحفلات والأعراس، لأن التداعيات الاقتصادية للجائحة قد طالت الجميع»، معتبرة أن «أمل تجار اللحوم والدواجن معقود على رمضان، لأن الطلب على تلك السلع ينتعش في الشهر، لكن محترفي تنظيم وتموين الحفلات والأعراس ما زالوا يعيشون الأزمة».
الحلقات الأضعف
من جانبه يقول محمد عبود، رئيس الجمعية الوطنية لمربي الدجاج، إن أسعار الدجاج في سوق الجملة بالدار البيضاء قد وصلت، خلال اليومين الماضيين، إلى نحو 13 درهما للكيلوغرام (1.3 دولار)، وذلك قبيل حلول شهر رمضان، فيما بلغت داخل أسواق التقسيط ما يقارب 15 درهما للكيلوغرام في الفترة نفسها (1.5 دولار)، ويبلغ حوالى 25 درهم للكيلوغرام (2.5 دولار) في أسواق السوبرماركت.
وأضاف عبود في تصريح لموقع «سكاي نيوز عربية» أنه «حينما ترتفع أسعار الدواجن فإن المستهلك يتضرر، وحينما تتراجع فإن من يربون الدجاج يدفعون تكاليف كبيرة»، منبها إلى أن «تلك هي المعادلة التي يستعصي حلها إن لم تتدخل مؤسسات الدولة من أجل مراقبة الأسعار واحتياطي مفاقس البيض»، موضحا أن الخطورة هي أن «تباع الدواجن بأسعار لا تخدم الحلقتين الأضعف في سوق الدواجن، أي المستهلك والمربي».
وعزا عبود مشاكل ارتفاع أسعار الدواجن إلى «ارتفاع أسعار الأعلاف وارتفاع الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة»، مؤكدا على أن «جمعية مربي الدواجن قد راسلت الجهات الحكومية من أجل مراجعة تلك الواجبات»، وذلك للوقوف في وجه عدم الاستقرار الذي يطبع أسعار الدواجن، بخلاف أسعار اللحوم الحمراء، والتي اعتبرها «تختلف عن الدواجن بسبب كون هذه الأخيرة ذات دورة حياة قصيرة، إضافة إلى كونها سريعة التلف».
وذكر الخبير في قطاع الدواجن أنه «ينبغي تفعيل قوانين تتبع الإنتاج الوطني من الدواجن»، مشددا على أهمية «دور المجازر الصناعية في تخزين البضائع وضبط توزيعها في السوق، إضافة إلى ضرورة توجيه دعم برنامج المغرب الأخضر نحو دعم قطاع تربية الدواجن». وبلغت أسعار الأعلاف المصنعة خلال الفترة الأخيرة ارتفاعا بمقدار 0.80 درهم للكيلوغرام، ما دفع مصنعي الأعلاف المركبة في المغرب، إلى مطالبة الحكومة، خلال اليومين الماضيين إلى توفير دعم حكومي للقطاع، والذي سيجنِّبه التأثر بتقلبات السوق العالمي.
وتشهد المواد الغذائية بالمغرب ارتفاعا ملحوظا مع اقتراب شهر رمضان، الذي يشهد زيادة في الإقبال على الاستهلاك، فيما تُرخي تداعيات الإغلاقات المتكررة بظلالها على جيوب المستهلكين، خصوصا فيما يتعلق بالمواطنين من ذوي الدخل المحدود والمشتغلين في القطاع غير المهيكل.