صناعة التأمين تتجاوز التسعير التقليدي: استراتيجية جديدة لتحقيق العدالة الاجتماعية

كتب/ عاطف طلب
تشهد صناعة التأمين العالمية تحولاً نوعياً في مقاربتها لتقييم المخاطر، حيث لم يعد الاكتتاب التأميني مجرد عملية فنية تعتمد على البيانات الديموغرافية والطبية. وبات المفهوم الجديد، وهو “الاكتتاب المراعي للنوع الاجتماعي” (Gender-Sensitive Underwriting)، يفرض نفسه بقوة على أجندة القطاع، بوصفه أداة استراتيجية لتحقيق الشمول المالي والعدالة الاجتماعية.
ويرى خبراء أن هذا التوجه يمثل مدخلاً رئيسياً لإعادة تصميم المنتجات التأمينية لتكون أكثر ملاءمة للواقع الاقتصادي والاجتماعي لمختلف فئات المجتمع، ولا سيما فئة النساء.
النوع الاجتماعي: عامل اقتصادي وسلوكي يتجاوز البُعد البيولوجي
يُشير هذا النهج الحديث إلى أن النظر إلى النوع الاجتماعي في الاكتتاب يجب أن يتجاوز كونه عاملاً بيولوجياً (الجنس)، ليُفهم بوصفه عنصراً اجتماعياً واقتصادياً وسلوكياً يؤثر بشكل مباشر في طبيعة المخاطر وإمكانية الوصول إلى الحماية التأمينية.
ويهدف الاكتتاب المراعي للنوع الاجتماعي إلى ضمان المعاملة العادلة والمنصفة للرجال والنساء، وذلك عبر تطوير نماذج تقييم مخاطر أكثر دقة تراعي الفوارق في:
-
أنماط الدخل والعمل: خاصةً لأولئك الذين يعملون في الاقتصاد غير الرسمي.
-
السلوكيات والاحتياجات: المرتبطة بالجنسين.
-
القيود الثقافية والاجتماعية: التي قد تحد من الوصول إلى الخدمات المالية.
ويؤكد المختصون أن الهدف ليس فرض أقساط مختلفة بناءً على الجنس نفسه، بل إزالة التحيزات الضمنية في أدوات الاكتتاب التقليدية، وتصميم عمليات ومنتجات تعزز الوصول إلى الحماية المالية، خصوصاً للنساء اللاتي يواجهن تحديات تتعلق بضعف الوعي المالي أو العمل بدخل غير منتظم.
تجاوز الحياد: التكيف الفعال مع الاحتياجات الحقيقية
يمثل الاكتتاب المراعي للنوع الاجتماعي مرحلة متقدمة تتجاوز كلا من “الاكتتاب القائم على النوع” الذي يستخدم الجنس كعامل مباشر في التسعير، و”الاكتتاب المحايد” الذي يتجاهل الجنس تماماً.
ويسعى النهج الجديد إلى تجاوز الحياد عبر تصميم منتجات وعمليات تأمينية تتكيف بشكل فعّال مع الاحتياجات الفعلية والمخاطر المتباينة بين الجنسين. هذا التكيف لا يضمن فقط الشمول المالي، بل يحد من الإقصاء، ويضمن أن الحماية التأمينية المتاحة تكون ذات صلة ومناسبة للواقع الاقتصادي والاجتماعي للمؤمَّن عليهم.



