خلال قمة الاستثمار العربي الإفريقي والتعاون الدولي: حرم رئيس أوغندا تؤكد: القمة منصة مثالية للمطالبة بإزالة العوائق التي تحدّ من الوصول إلى التجارة والاستثمار الإقليميين

كتبت/ هالة شيحة

أعربت السيدة جانيت موسيفيني، السيدة الأولى وحرم رئيس جمهورية أوغندا ووزيرة التربية والتعليم والرياضة، في كلمتها التي ألقتها نيابةً عنها السيدة سوزان موهويزي، نائبتها الرئاسية الأولى، عن عميق امتنانها لتكريمها بدعوتها لحضور الدورة الثامنة والعشرين من قمة الاستثمار العربي الإفريقي والتعاون الدولي التي ينظمها اتحاد المستثمرات العرب.

وقالت سوزان موهويزي: “نمر في أوغندا حالياً بفترة الحملات الانتخابية العامة، حيث يشارك المواطنون في انتخاب قادتهم على مختلف المستويات الحكومية. ولهذا السبب تعذّر على السيدة الأولى، جانيت موسيفيني، أن تكون بيننا اليوم شخصياً، لكنها تحمل هذا الحدث في قلبها وتتمنى لنا نقاشات مثمرة ونتائج بنّاءة”.

جاء ذلك خلال انطلاق الافتتاح الرسمي لقمة “الاستثمار العربي الإفريقي والتعاون الدولي” اليوم الأحد، تحت شعار: “تكامل اقتصادي.. استثمار وفرص.. شراكات دولية”، في دورتها الثامنة والعشرين. وينظم القمة اتحاد المستثمرات العرب برئاسة الدكتورة هدى يسى، خلال الفترة من 19 إلى 22 أكتوبر 2025، برعاية جامعة الدول العربية وكوكبة من الوزارات، والهيئات الاقتصادية، والاتحادات المصرية والعربية.

التحولات العالمية وتأثيرها على الاستثمار

أشارت السيدة موهويزي إلى أنه منذ اللقاء في الدورة السابعة والعشرين من هذه القمة قبل نحو عام، يمكن للجميع أن يشهدوا أن العالم قد تغيّر بشكل كبير. ويعود ذلك إلى عاملين رئيسيين:

  1. التطور السريع في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، المدفوعة بقدرات الذكاء الاصطناعي (AI).
  2. التحولات في المشهد السياسي العالمي، مع صعود النزعات القومية التي وضعت مبادئ التعاون الدولي على المحك كمنصة لمواجهة التحديات المشتركة وفرص الاستثمار العالمية.

وأكدت أن هاتين القوتين تمثلان واقعاً مزدوجاً من الفرص والتحديات التي يتعين على المستثمرين من القطاعين العام والخاص التعامل معها من أجل تحقيق التنمية، موضحةً أن الدروس المستفادة من التاريخ تُشير إلى أن أي مجتمع لم يشهد تحولاً اقتصادياً واجتماعياً دون شكلٍ من أشكال التعاون الدولي في الاستثمار.

أهمية المؤتمر

أكدت أن التواجد معاً في هذه القمة ليس “عبثاً” [تُفضل “مجرد صدفة” أو “بلا هدف”]. فمن ناحية، تؤكد القمة أننا بحاجة لبعضنا البعض لمواجهة المتغيرات العالمية، ومن ناحية أخرى، فهي مرآة تكشف مدى قدرتنا على التكيف والمرونة، ليس فقط للبقاء، بل للازدهار في ظل دورات اقتصادية واستثمارية عالمية غير مستقرة. ومع نهاية هذه القمة، سنسمع قصصاً عن شركات وجدت في هذه المرحلة فرصة ذهبية للاستثمار، بينما عانت شركات أخرى من صعوبات جعلت عوائدها أقل من المتوقع.

الاستثمار المستدام والتكيف الاقتصادي

قالت إن الاستثمار والتنمية المستدامة يتطلبان نماذج أعمال قابلة للتكيّف مع التغيرات العالمية في دورات الاقتصاد والاستثمار. ومن أبرز الدروس التي علمتنا إياها جائحة “كوفيد-19” أنه لا توجد دولة أو مؤسسة أو أسرة أو مجتمع معزول عن تأثير الأحداث العالمية، حتى تلك التي تبدأ في أماكن بعيدة.

لذلك، يجب أن تُبنى استراتيجيات الاستثمار والأعمال لدينا بحيث تكون قادرة على التكيّف مع المتغيرات الإيجابية والسلبية على حد سواء. وضربت مثالًا بأن تصاعد النزعة القومية أدى إلى تغييرات في السياسات العامة، انعكست على قرارات المستثمرين بشأن أماكن توطين أعمالهم. وأشارت إلى أن من لم يُطوّر نموذجاً تجارياً مرناً قد يجد صعوبة في الازدهار في بيئة يغلب عليها الطابع القومي. لكنها رأت أن هذا الاتجاه القومي يفتح أيضاً فرصة أمام الشركات للمشاركة في تطوير الطلب الإقليمي داخل الأسواق المحلية والإقليمية.

أهمية الأسواق الإقليمية

أوضحت أنه بينما يجب التركيز على التعاون الدولي في الاستثمار، يجب ألا يُغفَل أهمية تعزيز الاستثمارات الإقليمية، لأنها تشكل حاجزاً واقياً ضد التقلبات العالمية. ومن منظور الأعمال، “ندرك جميعاً أن السوق المحلي وحده لا يكفي لتلبية الطلب الكلي على الإنتاج الوطني. ومهما كان السوق المحلي متنوعاً، فهو لا يستطيع استيعاب جميع مخرجات الاستثمار”.

ومن ثم، يجب على رواد الأعمال النظر إلى الأسواق الإقليمية باعتبارها امتداداً مباشراً للسوق المحلي. فـ “أي تغيير في السوق الإقليمي سيؤثر بسرعة أكبر على السوق المحلي، مقارنة بالتغيرات في الاقتصاد العالمي”.

المرونة والاستجابة السريعة

قالت إن الشركات القادرة على التكيّف مع المتغيرات العالمية ستزدهر، لكنها تحتاج أيضاً إلى المرونة لمواكبة التغيرات السريعة في الأسواق الإقليمية. “فعندما يواجه ’الجار‘ مشكلة، نُدركها أسرع بكثير من شخص يعيش على بُعد آلاف الأميال”.

لذلك، يجب أن تكون نماذج أعمالنا الداخلية مرنة للاستجابة السريعة للتغيرات المفاجئة في قوى العرض والطلب في الأسواق المحلية والإقليمية. فما يجعل شركاتنا قادرة على التكيف عالمياً قد لا يكون كافياً للتعامل مع التحولات الإقليمية الدقيقة والمعقّدة.

الذكاء الاصطناعي ودوره

تحدثت عن الذكاء الاصطناعي (AI)، مشيرة إلى أنه يقدّم فرصة لا مثيل لها للوصول إلى المعرفة وفهم الدورات الاقتصادية المستقبلية؛ لأنه يعتمد على تحليل كميات ضخمة من البيانات والمعلومات. وبالتالي، يمكن أن يكون أداة قوية لتحقيق القدرة الاستراتيجية على التكيف مع الأسواق العالمية.

أما التحولات في الأسواق الإقليمية، فهي غالباً أكثر دقة وسرية وتعقيداً، ولا تولّد بيانات كافية يمكن للذكاء الاصطناعي تحليلها، لذلك يجب أن تمتلك الشركات أنظمة استخبارات سوق مرنة قادرة على استشعار تلك التغيرات.

الحاجة إلى بيانات إقليمية قوية

أكدت أن الأسواق الإقليمية تشكل فرصة ثمينة لهذا المنتدى للبحث وتوليد بيانات تُساعد على اتخاذ قرارات استثمارية أفضل. ومن منظور حكومي، فإن توفر بيانات قوية حول الأسواق الإقليمية ضروري للدعوة إلى سياسات داعمة للاستثمار التحويلي والنمو الاقتصادي المستدام.

وشددت على أن هذه القمة هي “منصة مثالية للمطالبة بإزالة العوائق التي تحدّ من الوصول إلى التجارة والاستثمار الإقليميين، لأن الأسواق الإقليمية هي الطريق الأكثر استقراراً لمواجهة التقلبات العالمية التي تؤثر على الاستثمارات المحلية”.

دور الحكومات والتنظيم

أضافت قائلة: “بما أن الحكومات مسؤولة عن وضع الأطر التنظيمية، فيجب أن تركّز هذه الأطر على تشجيع الاستثمار الإقليمي كنقطة انطلاق للوصول إلى الأسواق العالمية”.

وتابعت: “من المنطقي أن نسهّل أولاً الاستثمار والتجارة مع جيراننا الإقليميين قبل التوسع دولياً. فعندما تُصبح شركاتنا أكثر مرونة تجاه الفرص الإقليمية، فإنها تبني قدرة ذاتية على الصمود أمام التقلبات العالمية. وعندما تُعتبر الاستثمارات المحلية مرنة وقادرة على التكيف، فإنها تصبح وجهات مفضّلة للشراكات المستقبلية القوية لما تجلبه من فوائد”.

وفي ختام كلمتها، أكدت أن بناء القدرة على التكيف والمرونة داخل شركاتنا يمثل مرتكزاً أساسياً يساعدنا على الإبحار بثبات في بحار الاقتصاد العالمي المتقلبة، وذلك من خلال أسواق إقليمية قوية ومتماسكة.

الجدير بالذكر أن قمة اتحاد المستثمرات العرب والمعرض المصاحب لها تحظى برعاية ومشاركة جامعة الدول العربية وكوكبة من المجموعة الوزارية والهيئات الاقتصادية، من أبرزها: اللواء طبيب أسامة باسكالس [يُفضل “بسكالس” كما ورد سابقًا]، رئيس المجلس الطبي العام للقوات المسلحة، وإدارة الخدمات الطبية للقوات المسلحة المصرية، ووزارات التضامن الاجتماعي، والشباب والرياضة، والسياحة والآثار، وهيئة قناة السويس، والهيئة العربية للتصنيع، وهيئة الاستشعار من البُعد وعلوم الفضاء، والهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، وهيئة تنشيط السياحة، وهيئة تنمية الصادرات، ومنظمة الصحة العالمية، ومجلس الأعيان الأردني وهيئة الاستثمار الأردني، والاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة في ليبيا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى