مصر وليبيا والسودان وتونس تعزز التعاون عبر الحدود من أجل صحة المهاجرين
الممثلون الحكوميون يدعون إلى إجراءات موحدة للصحة العامة في ختام عملية محاكاة استمرت 3 أيام.

كتب/ عاطف طلب
اجتمع في القاهرة ممثلون حكوميون من مصر وليبيا والسودان وتونس –وهي البلدان الرئيسية الواقعة على طرق الهجرة في شمال أفريقيا– لإجراء عملية محاكاة نظرية (SimEx) نظمتها على مدار 3 أيام منظمةُ الصحة العالمية والمنظمة الدولية للهجرة، وذلك في الفترة من 18 إلى 20 آب/ أغسطس.
وتشترك هذه البلدان الأربعة في حدود يسهل اختراقها. وغالبًا ما يواجه النازحون مشكلة الازدحام الشديد، والمأوى غير الملائم، وضعف خدمات الصرف الصحي، ومحدودية فرص الحصول على خدمات الرعاية الصحية الجيدة في الوقت المناسب. وتُسفر هذه الظروف عن مخاطر مُحدقة بالصحة العامة للمهاجرين واللاجئين والمجتمعات المستضيفة. فحينما يتعذر على الجميع الحصولُ على خدمات الرعاية الصحية، فإن ذلك يؤدي إلى زيادة عدم الإنصاف ويُقوِّض الأمن الصحي.
وقد شارك في عملية المحاكاة مندوبون من وزارات الصحة والداخلية والنقل لاختبار مدى التأهب لتحركات السكان عبر الحدود بما يتماشى مع اللوائح الصحية الدولية (2005). وركَّزت عملية المحاكاة على ضمان حصول اللاجئين والمهاجرين وغيرهم من الأشخاص المتنقلين على الخدمات الصحية، مع تعزيز الأمن الصحي الوطني، وتضمنت تمارين تفاعلية وعملية بشأن التنسيق بين الجهات المعنية من أجل الوقاية من أحداث الصحة العامة واكتشافها والاستجابة لها، وذلك بهدف تحسين الامتثال للوائح الصحية الدولية (2005)، وتعزيز التواصل بين القطاعات، والوقوف على الثغرات لتعزيز إدارة الصحة العامة عبر الحدود، بما في ذلك إتاحة خدمات الرعاية الصحية.
وفي ختام عملية المحاكاة، أوصى الممثلون الحكوميون الذين ينتمون إلى قطاعات متعددة بتوحيد إجراءات الصحة العامة عبر الحدود للنهوض بالاتساق والتنسيق. ودعوا إلى إجراء حوار مستدام والقيام بعمليات متابعة من أجل تحسين آليات التعاون الثنائي والإقليمي عبر الحدود وتوسيع نطاقه، ولوضع أُطر تعاون رسمية وإبرام اتفاقات قانونية بين البلدان المتجاورة، استنادًا إلى الآليات القائمة بالفعل.
وشدَّد المشاركون على أهمية تعزيز القدرات التقنية على الصعيد الوطني وعبر الحدود، بما في ذلك التعاون والتواصل الفوريان العابران للحدود في أثناء الفاشيات النشطة، وإدارة التنقلات السكانية والمخاطر المشتركة المُحدقة بالصحة العامة، بما يتماشى مع اللوائح الصحية الدولية 2005.
وفي اليوم الأول، وعلى هامش عملية المحاكاة، اشتركت منظمة الصحة العالمية والسفارة الإيطالية في مصر والمنظمة الدولية للهجرة في استضافة حفل استقبال لتقديم إحاطة بشأن ما تنفذه منظمة الصحة العالمية والمنظمة الدولية للهجرة من مشروعات تدعم صحة المهاجرين. وخلال هذه الفعالية، أكد الدكتور محمد جامع، كبير مستشاري المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط: “أننا نجمع حكومات مصر وليبيا والسودان وتونس إلى جانب شركائنا، لأننا جميعًا نواجه تحديات مشتركة، ويجب أن تكون استجابتنا مشتركة أيضًا. ونستطيع معًا أن نساعد على تخفيف معاناة الأشخاص المتنقلين، عن طريق تقديم الرعاية الصحية الأساسية والكريمة لملايين العابرين الهاربين من الصراعات، وعدم الاستقرار في جميع أنحاء إقليمنا.”
وأضاف جاستن ماكديرموت، نائب المدير الإقليمي لشؤون العمليات في المنظمة الدولية للهجرة: “كثيرًا ما يتعرض المهاجرون لظروف مهينة تُضعِف صحتهم وقدرتهم على الصمود وتحط من كرامتهم الإنسانية. وعلينا أن نتحرك الآن لتوسيع نطاق الخدمات المُنقذة للأرواح، وتعزيز النظم الصحية، وحماية المهاجرين المستضعفين والمجتمعات المحلية المستضيفة لهم”.
ويتألف إقليم شرق المتوسط من 22 بلدًا وأرضًا، وقد نشأ منه ما يقرب من 50% من اللاجئين وطالبي اللجوء في عام 2024 الذين يُقدَّر عددهم بنحو 45 مليونًا. ولا يزال نحو 33% منهم في الإقليم.
وألقت السفارة الإيطالية في القاهرة كلمة على المشاركين والشركاء شددت فيها على دعم إيطاليا القوي للرعاية الصحية الشاملة، فقالت: “إن الصحة ليست فضلًا أو مِنَّةً، بل هي حقٌّ أساسيٌّ من حقوق الإنسان. ويجمع نهجُنا بين الإرادة السياسية والجهود الإنسانية القوية لدعم الاستقرار والإنصاف والقدرة على الصمود، لا سيما في مواجهة التحديات العالمية والتحدي المستمر الذي يواجه النظام المتعدد الأطراف القائم على القواعد”.
وتأتي عملية المحاكاة النظرية في إطار مبادرة إقليمية أوسع مشتركة بين منظمة الصحة العالمية والمنظمة الدولية للهجرة، وتهدف إلى تعزيز الأمن الصحي عبر الحدود في شمال أفريقيا، بدعم من وزارة الخارجية الإيطالية، وبالتعاون مع المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها. وقد سبق أن عُقدت في تونس حلقتا عمل شاركت فيهما الجزائر وليبيا وتونس، بهدف وضع خطة عمل إقليمية لتحسين التأهب والتنسيق عبر الحدود في مجال الصحة. وأسفرت عملية المحاكاة عن زيادة النطاق وتوسيع التغطية الجغرافية.
وتُعدُّ عملية المحاكاة علامة فارقة في النهوض بالأمن الصحي الإقليمي في شمال أفريقيا، حيث تعكف الهجرة والتنقل على رسم ملامح ديناميكيات الصحة العامة. ومن خلال تعزيز التأهب والتنسيق، أكدت حكومات الإقليم من جديد التزامها بحماية صحة المهاجرين واللاجئين والمجتمعات المستضيفة، وجميع فئات السكان المعرضين للخطر.