الدكتورة مروة جنيدي استشاري الصحة النفسية وعلاج الادمان في تصريحات خاصة لـ « الجالية»: المخدرات والإدمان.. خطر يهدد المجتمع ويستنزف طاقاته

تُعد آفتي المخدرات والإدمان من أخطر التحديات التي تواجه المجتمعات المعاصرة، ولا تقل خطورة عن الإرهاب الذي يُهدد أمن الدول واستقرارها. فالإرهاب يستهدف الأرواح والمُنشآت، بينما تستنزف المخدرات والإدمان طاقات الشباب وتُدمر الأسر وتُعيق مسيرة التنمية والتقدم. هذا ما أكدت عليه الدكتورة مروة جنيدي، استشاري الصحة النفسية وعلاج الإدمان، في تصريحات خاصة لجريدة “الجالية”، مُشددة على أن أعداء الأمة يستغلون هذه الآفة لتخريب المجتمعات من جذورها، خاصةً تلك التي تتميز بتركيبة سكانية شابة، على عكس المجتمعات الغربية التي طالتها الشيخوخة.

استهداف الشباب: سلاح لتدمير المستقبل

تُشير الدكتورة مروة جنيدي إلى أن العصابات المُعادية للمجتمعات العربية والإسلامية تستهدف بؤرة الشباب، مُحاولةً إخراجهم من سوق العمل والإنتاج، وتحويلهم إلى طاقة مُعطلة وعالة على المجتمع. هذا الاستهداف لا يقتصر على المخدرات التقليدية فحسب، بل يمتد ليشمل ما يُعرف بـ”المخدرات الرقمية” وإدمان وسائل التواصل الاجتماعي. هذه الأنواع من الإدمان تُشكل خطرًا رهيبًا على بناء الأسرة والمجتمع، فمع اعتياد الفرد على شيء محدد وعدم قدرته على التنازل عنه، يدخل في دائرة الإدمان. يُعد إدمان الهواتف المحمولة من أبرز الأمثلة على ذلك، حيث يُؤدي إلى إهمال تربية الأبناء، ويُصبح الحوار بين أفراد الأسرة مُقتصرًا على شاشات الموبايل. تُشيد الدكتورة جنيدي ببعض الأسر التي نجحت في وضع قيود على استخدام الهواتف ووسائل التواصل الاجتماعي حتى سن مُعينة، مُحققة بذلك حماية لأبنائها من مخاطر هذا الإدمان.

دور الأسرة والمجتمع في الوقاية والتوعية

تُشدد الدكتورة جنيدي على الدور المحوري الذي يقع على عاتق الآباء والأمهات في اليقظة ومراقبة الأبناء، وتقوية الوازع الديني لديهم. كما تُؤكد على ضرورة احتضان الأبناء، خاصةً في سن المراهقة، وتوعيتهم بمخاطر تجربة المخدرات التي قد تنتشر بين المراهقين بدافع الفضول أو التأثر بالأصدقاء. ومن المهم أيضًا توعية تلاميذ المدارس بخطورة المخدرات وآثارها المُدمرة. وتُضيف الدكتورة جنيدي لمسة إنسانية في أساليب العلاج، مُؤكدةً حرصها على حضور أصدقاء المُدمن في حفلات تعافيه، وحتى في مراسم دفنه إذا حدثت وفاة، لكي تكون هذه الأحداث عِبرة وعِظة للآخرين.

استقطاب الفتيات والسيدات: ظاهرة مُقلقة تتطلب الاهتمام الإعلامي

تُحذر الدكتورة جنيدي من ظاهرة مُقلقة تتمثل في استقطاب السيدات والفتيات، خاصة في الأوساط الراقية والنوادي، لتجربة المخدرات بهدف التخلص من الإرهاق والصداع، أو لتغيير الحالة المزاجية. تُشير إلى وجود حالات كثيرة مُرعبة تُؤكد خطورة هذه الظاهرة، مُطالبةً الإعلام بتسليط الضوء عليها بشكل مكثف. وتدعو جميع المؤسسات، بما في ذلك المدارس والجامعات ودور العبادة، إلى زيادة جرعة التوعية بمخاطر الإدمان والمخدرات وآثارها المُدمرة على المجتمع والأفراد. فالخسائر الناجمة عن هذه الآفة تُقدر بعشرات المليارات من الدولارات، والتي لو وُجهت إلى برامج وخطط التنمية، لكانت كفيلة بتحويل المجتمع وتطويره بشكل أسرع نحو الأمام.

رؤية مستقبلية: نحو مجتمع خالٍ من الإدمان

تُؤكد تصريحات الدكتورة مروة جنيدي على الحاجة المُلحة لتضافر الجهود على المستويات كافة، بدءًا من الأسرة، مرورًا بالمؤسسات التعليمية والدينية والإعلامية، وصولًا إلى الأجهزة الأمنية والصحية، لمواجهة آفة المخدرات والإدمان. فالهدف الأسمى هو بناء مجتمع واعٍ ومُتحصن ضد هذه المخاطر، يُقدر قيمة الشباب كطاقة مُنتجة، ويُدرك أن الاستثمار في صحتهم النفسية والبدنية هو السبيل الوحيد لتحقيق التنمية المستدامة والازدهار. ففي نهاية كل ظلام، هناك نور، وهذا النور لا يُمكن أن يتحقق إلا بالوعي، الوقاية، والعلاج الفعال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى