جهود مصرية حثيثة لنزع فتيل الأزمة الإقليمية

كتب / سالم الشمري
في خطوة دبلوماسية تعكس الدور المحوري لمصر في استقرار المنطقة، أجرت وزارة الخارجية المصرية، يوم الثلاثاء 17 يونيو، اتصالين هاتفيين هامين. فقد تحدث الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة، مع كل من السيد ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأمريكي الخاص للشرق الأوسط، والسيد عباس عراقجي، وزير خارجية إيران. تأتي هذه الاتصالات في إطار توجيهات مباشرة من السيد رئيس الجمهورية بتكثيف الجهود والمساعي الرامية إلى وقف التصعيد العسكري المتزايد بين إسرائيل وإيران، وهو تصعيد يهدد بزعزعة استقرار المنطقة بأسرها وله تداعيات خطيرة على السلم والأمن الإقليميين والدوليين.
إن التوقيت الذي أجريت فيه هذه الاتصالات ليس وليد الصدفة، بل هو استجابة سريعة وضرورية لتطورات الأوضاع المتسارعة في الشرق الأوسط. فالتوتر المتصاعد بين إسرائيل وإيران وصل إلى مستويات غير مسبوقة، وباتت المنطقة على شفا صراع أوسع نطاقاً قد تكون عواقبه وخيمة على الجميع. في ظل هذا المشهد المعقد، تبرز مصر كلاعب رئيسي يتمتع بمصداقية وقدرة على التواصل مع كافة الأطراف، مما يؤهلها للعب دور الوسيط النزيه الذي يسعى لتهدئة الأوضاع وإيجاد حلول دبلوماسية للأزمات.
لقد ركزت المحادثات، بلا شك، على الحاجة الملحة إلى ضبط النفس وتجنب أي خطوات تصعيدية إضافية. فكل تصعيد، مهما كان صغيراً، يحمل في طياته خطر الانزلاق نحو مواجهة شاملة يصعب احتواؤها. من هذا المنطلق، أكدت الخارجية المصرية على ضرورة تكاتف الجهود الدولية والإقليمية لدفع الأطراف المعنية نحو الحوار وتغليب لغة العقل والمصالح المشتركة على لغة التهديد والتصعيد.
يعكس الاتصال بالمبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط إدراك مصر لأهمية التنسيق مع القوى الدولية الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، التي تمتلك نفوذاً كبيراً على الساحة الإقليمية. فمصر والولايات المتحدة تشتركان في هدف تحقيق الاستقرار الإقليمي، ويمكن للتنسيق المشترك أن يعزز من فرص نجاح أي مبادرات دبلوماسية. ومن المؤكد أن المناقشات مع ستيف ويتكوف تناولت سبل تفعيل الدور الأمريكي في احتواء التوتر وتقديم الضمانات اللازمة لكافة الأطراف.
أما الاتصال بوزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، فهو خطوة حاسمة ومباشرة نحو معالجة لب المشكلة. فإيران طرف أساسي في هذا التصعيد، والتواصل المباشر معها يتيح لمصر نقل رسائل واضحة حول خطورة الوضع وحث طهران على الالتزام بمسار التهدئة. كما يفتح هذا الاتصال الباب أمام فهم وجهات النظر الإيرانية ومحاولة إيجاد أرضية مشتركة يمكن البناء عليها لخفض حدة التوتر. إن مصر، بتاريخها الدبلوماسي العريق، تفهم جيداً تعقيدات العلاقات الإقليمية وتدرك أن الحوار المباشر، حتى مع الأطراف التي قد تكون في حالة توتر، هو السبيل الأمثل لتجنب المزيد من التصعيد.
كما تؤكد هذه التحركات الدبلوماسية المصرية المكثفة على التزام القاهرة الراسخ بتحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. فمصر تدرك أن مصالحها الوطنية العليا ترتبط ارتباطاً وثيقاً باستقرار محيطها الإقليمي. من خلال هذه الاتصالات، تبعث مصر برسالة واضحة مفادها أن الحلول الدبلوماسية هي السبيل الوحيد لتجاوز الأزمات، وأنها لن تدخر جهداً في سبيل نزع فتيل الأزمات وتجنيب المنطقة المزيد من الصراعات التي لا تصب في مصلحة أي طرف. يبقى الأمل معقوداً على أن تثمر هذه الجهود عن تهدئة حقيقية للأوضاع، وتدفع الأطراف نحو حوار بناء يفضي إلى حلول مستدامة للأزمة الراهنة.