إيران تفتح “صندوق باندورا” النووي الإسرائيلي… ونتنياهو في مهبّ الريح

كتب / سمير باكير
في عالم الاستخبارات، تُنفَّذ بعض العمليات بصمت، بينما تُفاجئ أخرى العالم وتتركه مذهولًا. وما كشفت عنه إيران في الأيام الأخيرة يُشبه الصفعة السياسية والأمنية التي ستتردد أصداؤها طويلًا في أروقة تل أبيب، وواشنطن، وفيينا.
فقد أعلنت الجمهورية الإسلامية أنها وضعت يدها على آلاف الوثائق الحساسة والسرية المرتبطة بالبرنامج النووي الإسرائيلي، مدَّعية أنها حصلت عليها “من داخل إسرائيل نفسها”. وبينما لم يُنشر بعد سوى القليل، ينتظر الشارع الإسرائيلي والدبلوماسيون وأجهزة الاستخبارات الغربية جميعًا بفارغ الصبر، وربما بخوف شديد، ما سيخرج من هذا الصندوق الأسود.
الحديث هنا لا يدور عن عملية تجسس عابرة، بل عن فضيحة مدوّية قد تغيّر شكل المنطقة، وتكشف حجم الخداع الذي مارسته تل أبيب لسنوات أمام المجتمع الدولي، وسط صمت متواطئ من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي لم تحرك ساكنًا رغم الشبهات المتراكمة حول الترسانة النووية الإسرائيلية.
وإن صحّت الرواية الإيرانية، فإن هذا التسريب سيكون بمثابة قنبلة سياسية داخل إسرائيل، خصوصًا في وجه بنيامين نتنياهو، الذي يواجه منذ أكثر من عام ونصف حربًا مفتوحة في غزة، وأزمات داخلية متفاقمة، واحتجاجات متصاعدة ضد سياساته. الآن، يبدو أن الزلزال القادم قد لا يكون من صواريخ المقاومة، بل من وثيقة مسرّبة تقلب الطاولة على رأسه.
المُدهش في القضية أن الإيرانيين لم يكشفوا كل أوراقهم بعد، بل تعمّدوا ترك الرأي العام العالمي في حالة ترقّب، وكأنهم يقولون: “ما خفي أعظم”. هذا الأسلوب يُشعل الفضول، ويزيد من التوتر داخل إسرائيل. فكل معلومة جديدة تُنشر قد تُقصّر من عمر حكومة نتنياهو، وتُحوّل الملفات النووية من ورقة ردع إلى أداة فضح.
إنه مشهد نادر، نرى فيه إسرائيل لا تُدير اللعبة الاستخباراتية، بل تُدار من داخلها. مواطنون إسرائيليون متهمون بالتجسس لحساب إيران، وثائق تُهرّب من قلب الدولة، وقيادة سياسية تُصارع للبقاء وسط أزمات خانقة.
فهل تكون هذه الوثائق بداية النهاية لحكم نتنياهو؟ وهل نشهد أخيرًا تفكيك الأسطورة النووية التي بنتها إسرائيل على مدى نصف قرن في الظل؟ الأسئلة كثيرة، والإجابات قد تكون بين سطور الأرشيف الإيراني.