أساليب دوائر صناعة التبغ والنيكوتين توقع الشباب في براثن الإدمان مدى الحياة
يستعمل الشباب السجائر الإلكترونية بمعدلات أعلى من نظيراتها لدى البالغين في العديد من البلدان
كتب / عاطف طلب
تصدر منظمة الصحة العالمية (المنظمة) والهيئة العالمية لمراقبة دوائر صناعة التبغ (“STOP”) اليوم تقريرًا بعنوان “اصطياد الجيل القادم”، والذي يسلط الضوء على الكيفية التي تصمِّم بها دوائر صناعة التبغ والنيكوتين منتجاتها وتنفّذ حملات التسويق وتعمل على تشكيل بيئات السياسات لمساعدتها على إيقاع شباب العالم في براثن الإدمان.
ويصدر هذا التقرير قُبيل الاحتفال باليوم العالمي للامتناع عن التدخين في 31 أيار/ مايو، حيث تعمل المنظمة على إعلاء أصوات الشباب الذين يدعون الحكومات إلى حمايتهم من دوائر صناعة التبغ والنيكوتين التي تجعل منهم أهدافاً لها.
ويبيّن التقرير أن ما يقدر بنحو 37 مليون طفل في العالم ممن تتراوح أعمارهم من 13 إلى 15 سنة يتعاطون التبغ، وأن معدل استعمال السجائر الإلكترونية بين المراهقين يتجاوز نظيره لدى البالغين في العديد من البلدان. وفي إقليم المنظمة الأوروبي، أفاد 20٪ من الأطفال البالغين من العمر 15 عاماً ممن شملهم الاستطلاع بأنهم استعملوا السجائر الإلكترونية خلال الثلاثين يومًا الماضية.
كما أن الوضع يبعث على القلق في إقليم شرق المتوسط، فالمسوحات العالمية للتبغ بين الشباب تكشف عن معدلات مُفزِعة لتعاطي التبغ تصل إلى قرابة 35% بين الفتيان و30% بين الفتيات في بعض بلدان إقليم شرق المتوسط. ويعد متوسط معدلات تعاطي التبغ بين الفتيان في الإقليم هو الأعلى مقارنة بجميع أقاليم المنظمة حيث يبلغ 15%.
وعلينا أيضًا أن نتصدى لمشكلة ارتفاع قابلية وقوع المراهقين غير المدخنين حاليًّا في شَرَك تعاطي التبغ في المستقبل. ففي بعض البلدان، إذ يعتقد قرابة 30% من الفتيات والفتيان الذين لم يتعاطوا التبغ قطّ أن بإمكانهم التدخين في المستقبل. وهذا مؤشر يبعث على القلق الشديد ويؤكد الحاجةَ الملحةَ إلى استراتيجيات وقائية تستهدف متعاطي التبغ الحاليِّين والذين من المحتمل أن يتعاطوْه في المستقبل.
وعلى الرغم من التقدم الكبير المُحرز في الحد من تعاطي التبغ، إلا أن ظهور السجائر الإلكترونية وغيرها من منتجات التبغ والنيكوتين الجديدة يشكل تهديدًا خطيرًا للشباب وجهود مكافحة التبغ. وتشير الدراسات إلى أن استعمال السجائر الإلكترونية يؤدي إلى زيادة استعمال السجائر التقليدية بنحو ثلاثة أضعاف، لا سيما لدى الشباب غير المدخنين.
وقال الدكتور تيدروس أدحانوم غيبريسوس، المدير العام للمنظمة: “ها هو التاريخ يكرر نفسه، حيث تسعى دوائر صناعة التبغ إلى بيع النيكوتين نفسه لأطفالنا ولكن في عبوات مختلفة. فدوائر الصناعة هذه تستهدف بنشاط المدارس والأطفال والشباب بمنتجات جديدة تعدّ، في الأساس، فخاً بطعم الحلوى. فكيف يمكنها أن تتحدّث عن الحد من الأضرار بينما تسوّق هذه المنتجات الخطيرة المسبِّبة للإدمان الشديد في صفوف الأطفال؟”
وتواصل دوائر الصناعة هذه تسويق منتجاتها بين الشباب بنكهات مُغرية من قبيل نكهات الحلوى والفاكهة. وقد خلصت بعض البحوث التي أُجريت في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أن ما يزيد على 70٪ من مستعملي السجائر الإلكترونية من الشباب سيقلعون عن التدخين لو كانت المنتجات متاحة بنكهة التبغ فقط.
وقال الدكتور روديغر كريش، مدير إدارة تعزيز الصحة في المنظمة: “تتعمد دوائر الصناعة هذه تصميم منتجات واستخدام استراتيجيات تسويق تجتذب الأطفال مباشرة. فاستخدام النكهات الجذابة للأطفال مثل حلوى القطن وعلكة الفقاعات، إلى جانب التصاميم الأنيقة والملونة التي تشبه الألعاب، هي محاولة سافرة لإيقاع الصغار في براثن إدمان هذه المنتجات الضارة”.
وتبرز هذه الأساليب الخادعة الحاجة الملحة إلى وضع نُظم صارمة لحماية الشباب من الاعتماد الضار على تلك المنتجات طيلة عمرهم.
وتحث المنظمة الحكومات على حماية الشباب من الإقبال على التبغ والسجائر الإلكترونية وغيرها من منتجات النيكوتين من خلال حظر هذه المنتجات أو تنظيمها بشكل صارم. وتشمل توصيات المنظمة إنشاء أماكن عامة مغلقة خالية تماماً من التدخين، وحظر السجائر الإلكترونية المنكَّهة، وفرض حظر على التسويق والإعلان والترويج، وزيادة الضرائب، وإذكاء وعي الجمهور بالأساليب الخادعة التي تستخدمها دوائر الصناعة، ودعم مبادرات التثقيف والتوعية التي يقودها الشباب.
وقال خورخي ألداي، مدير هيئة “STOP” في مؤسسة الاستراتيجيات الحيوية (“Vital Strategies”): “يمثل الشباب المدمنون أرباحًا مدى الحياة بالنسبة لدوائر الصناعة، مما يجعلها تضغط بشدة لتهيئة بيئة يكون فيها إدمان الشباب لمنتجاتها رخيص التكلفة وجذاباً وسهلاً. وإذا ظلّ راسمو السياسات ساكنين، فقد تواجه الأجيال الحالية والمقبلة موجة جديدة من الأضرار، تتسم بإدمان العديد من منتجات التبغ والنيكوتين، بما فيها السجائر، وتعاطيها”.
ويتخذ المدافعون عن الشباب حول العالم موقفًا مناهضاً للتأثير المدمّر لدوائر صناعة التبغ والنيكوتين وتسويقها الذي يتسم بالتلاعب، ويفضحون هذه الممارسات الخادعة ويدعون إلى تهيئة مستقبل خال من التبغ للشباب. وقد شاركت منظمات شبابية حول العالم في الدورة الأخيرة لمؤتمر الأطراف في اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ (الدورة العاشرة لمؤتمر الأطراف) بهدف نقل الرسالة القوية التالية إلى راسمي السياسات: “ستتذكركم الأجيال القادمة إما بأنكم مَن توليتُم حمايتها أو أنكم مَن خذلتموها وعرّضتموها للخطر”.
وقد كرّم الدكتور تيدروس المنظمات الشبابية التالية بمنح جوائز لها بمناسبة اليوم العالمي للامتناع عن التدخين لعام 2024:
• معهد تايلند للشباب، مملكة تايلند
• نادي الامتناع عن تعاطي التبغ، جمهورية نيجيريا الاتحادية
• حملة من أجل أطفال بلا تبغ، جمهورية الأرجنتين
إن هؤلاء القادة الشباب الملهمين يحمون جيلهم من دوائر الصناعة التي تعتبرهم أرباحًا وليس بشرًا.
ويمكن للحكومات ومنظمات الصحة العامة والمجتمع المدني والشباب المتمكّنين، من خلال مضافرة جهودهم، أن يقيموا عالمًا يكون فيه الجيل القادم خالياً من مخاطر التبغ وإدمان النيكوتين.