بعد الانتهاء من غزة.. ماذا يجهز نتنياهو للضفة الغربية؟
كتب/ احمد خورشيد
مع وصول الحرب في قطاع غزة لأقصى مواقعها، وهي مدينة رفح الفلسطينية، وزيادة الضغط الإسرائيلي لتهجير سكان القطاع، تُثار تساؤلات بشأن ما يخططه بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، لمستقبل الضفة الغربية، وعلاقة ذلك برفضه قيام الدولة الفلسطينية.
وتختلف آراء محللين سياسيين تحدّثوا لموقع “الجالية”، بشأن هذه الخطط، وما إن كانت قد تتطرف لدرجة تهجير سكان الضفة ومحو الوجود الفلسطيني بالكامل عبر “سلاح الحرائق” وغيره، أم إبقاء الوضع على ما هو عليه، وتطبيق نموذج الضّفة في غزة.
وسبق أن أبدى محمود عباس، الرئيس الفلسطيني، قلقه على الضفة قائلا: “أخشى أن تتّجه إسرائيل إلى الضفة الغربية بعد غزة لترحيل أهلها نحو الأردن”.
وأَضاف، في مداخلة أمام الاجتماع الخاص لمنتدى الاقتصاد العالمي في العاصمة السعودية الرياض، أواخر أبريل الماضي، أنه لا بد من حل سياسي يجمع غزة والضفة بما فيها القدس، في دولة فلسطينية مستقلة.
صفيح ساخن
منذ انطلاق الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في غزة 7 أكتوبر الماضي، والضفة الغربية تعيش على صفيح ساخن لم يبرد؛ لما صاحب هذه الحرب من أعمال، وصفتها تقارير دولية بانتهاكات للجيش الإسرائيلي والمستوطنين ضد سكان الضفة، ومنها:
- قتل 497 فلسطينيا وإصابة 4 آلاف و950 آخرين، حسب وزارة الصحة الفلسطينية.
- اعتقال نحو 8 آلاف و610 فلسطينيين.
حسب منظمة “هيومن رايتس ووتش”، فإنّ حوادث عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم بعد أن كانت في عام 2021 حادثة واحدة يوميا، ارتفعت إلى اثنتين يوميا في 2022، ثم 3 في عام 2023، وقفزت إلى 5 حوادث بعد أحداث 7 أكتوبر.
في ديسمبر الماضي، حرض نتنياهو بشكل مباشر على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، باتهامه مرارا بعدم إدانة هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر، وبأن السلطة ضعيفة في مواجهة “الإرهاب”، وقال إنّ الجيش مستعد لاحتمال القتال ضد السلطة وأجهزتها الأمنية.
زاد معدل الاستيطان الإسرائيلي في الضفة بنسبة 3% عام 2023، وفي أبريل الماضي، ذكرت حركة “السلام الآن”، اليسارية الإسرائيلية الرافضة للاستيطان، أن الحكومة روّجت منذ بداية العام لإقامة 12 ألفا و885 وحدة استيطانية، ولديها مخططات للمزيد؛ بهدف تغيير الديموغرافيا ومنع إقامة الدولة الفلسطينية.
سياسة نشر الحرائق
طلال أبو ركبة، المحلل السياسي الفلسطيني، يكشف الطريقة المحتملة التي قد تنتهجها الحكومة الإسرائيلية في الضفة مستقبلا، فيقول:
مشروع اليمين الإسرائيلي يستهدف الوجود الفلسطيني بحد ذاته، والضفة الغربية ليست بمعزل عن هذا الاستهداف.
وبالتالي لا أستبعد قيام نتنياهو باجتياح الضفة لحسم الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بتصفية الحقوق الفلسطينية على الأرض، وتهجير السكان ،وخلق أمر واقع.
الطريق لهذا التهجير، قد يكون بشكل أهدأ من الأساليب العسكرية الدائرة في غزة، وذلك بأن يتعمد نتنياهو على سبيل المثال إشعال حرائق في الضفة لتأجيج الأوضاع، والبحث عن حل يفضي لضم المنطقة “ج” (الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية عسكريا ومدنيا) التي تشكّل 60% من الضفة.
منع إقامة الدولة الفلسطينية
يتفق مع هذا الرأي المحلل السياسي، جاسبر فيند، الذي يقول إن نتنياهو فشل في تحقيق أهدافه المعلنة من حرب غزة، خاصة القضاء على حركة حماس واستعادة الرهائن؛ ولذا فليس بعيدا أن يلجأ لرفع مستوى التوتر في الضفة.
ويرى فيند كذلك أن “هدف نتنياهو مِن التحرّك في الضفة هو ضم المنطقة “ج” لإسرائيل؛ لهدف أكبر وهو القضاء على إمكانية إقامة الدولة الفلسطينية، بجانب مغازلة حلفائه في اليمين المتطرّف”.
ويحذّر المحلل السياسي من أنه “لا يمكن توقّع رد فعل الشعب الفلسطيني على هذه الخطوة”.
التنسيق الأمني “يكفي”
لكن القيادي في حركة فتح، أيمن الرقب، لديه رأي آخر، وهو أنّ الوضع في الضفة يناسب خطط نتنياهو، مستدلا بأنه “لم يحاول تغييره منذ التسعينيات، معتمدا على التنسيق الأمني” لضبط الأوضاع.
ويضيف استشهادات أخرى يستدل بها على توقعه هذا:
نتنياهو لا يريد القضاء على السلطة الفلسطينية، بل يريد بقاءها في حالة ضعف؛ لأنها تمثّل كارتا مفيدا له.
هو ليس بحاجة لاجتياح الضفة بشكل كامل؛ فآليات الجيش الإسرائيلي تقوم بالفعل بالعمليات التي تريدها في مناطق سيطرة السلطة الفلسطينية عبر التنسيق الأمني مع السلطة.
كما يعتمد نتنياهو على فلسفة “جَوِّع ولا تقتِل”، ولن ينجر خلف بن غفير وبتسلئيل سموتريتش (وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، ووزير المالية سموتريتش من الحلفاء اليمينيين لنتنياهو ومن المطالبين بعمليات عسكرية واستيطانية واسعة في الضفة).
وبدلا من أن يطبّق نموذج غزة في الضفة، فإنّ نتنياهو يفضّل تطبيق نموذج الضفة الغربية في غزة مستقبلا.