تايم: معاملة فرنسا لمواطنيها المسلمين هي المقياس الحقيقي لقيمها الجمهورية
كتب/ باسل محمد
نشرت مجلة “تايم” (Time) الأميركية مقالا للكاتبة الصحفية الفرنسية مريم فرانسوا رأت فيه أن الهجمات الإرهابية، التي تعرضت لها فرنسا مؤخرا، ليست مصدر تهديد لقيمها؛ بل إن الرد على تلك الهجمات هو الذي يمثل تهديدا لقيم الجمهورية.
وأوضحت فرانسوا أنه أصبح من المُلِح الآن أن يتمسك قادة فرنسا بالقيم الجمهورية، التي يدعون أنهم يمثلونها.
وقالت إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، صرح إثر الهجمات الإرهابية، التي تعرضت لها فرنسا، وكان آخرها قتل المعلم صامويل باتي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي وقتل 3 أشخاص في كنيسة نوتردام في مدينة نيس، بأن فرنسا مستهدفة من الإرهابيين بسبب مبادئها المتمثلة في حرية التعبير، وحرية الاعتقاد، وأسلوب الحياة فيها.
كما ادعى ماكرون -تقول الكاتبة- أن شكلا من أشكال “الانفصالية الإسلامية” قد وجد أرضا خصبة لمثله العليا في بعض أجزاء البلاد، ولمواجهة ذلك أعلن ماكرون خطته التي تبشر “بإسلام فرنسي”، أيُّ ممارسة للإسلام تخضع لمراقبة الدولة.
وعلقت فرانسوا على تصريحات ماكرون تلك بأن الرؤساء، الذين تعاقبوا على قيادة فرنسا، سعوا على مدى أكثر من 4 عقود إلى إدارة علاقة الدولة بالأقلية المسلمة ذات التنوع العرقي والمذهبي، والتعاطي معها في غياب هيكل قيادي رسمي قد يوفر وسيطا.
ولكن جدوى تلك المساعي كانت قليلة، فقد كافح الرؤساء لكسب اعتراف الجالية؛ لذلك فإن مساعي كتلك التي يقوم بها ماكرون، والتي تحاول أن تحدد للمسلمين قواعد معتقداتهم، من غير المرجح أن تلقى قبولا لدى الأقلية المسلمة، ناهيك عن السخرية المتمثلة في كون زعيم علماني يضع تعريفا لشروط الممارسة الدينية.
التنكر لقيم فرنسا
وأوضحت الكاتبة أن مفهوم العلمانية في فرنسا يفرض فصلا صارما بين الدولة والمجال الخاص بالمعتقدات الشخصية، وقد وضع في الأصل لحماية الأفراد من تدخل الدولة، وحماية الدولة من تأثير الدين.
ولكن العلمانية -تضيف الكاتبة- استخدمت في السنوات الأخيرة بشكل متزايد للقيام بعكس ما وضعت من أجله؛ للتعدي بشكل مستمر على خصوصية المواطنين المسلمين: من قواعد اللباس، إلى الاحتياجات الغذائية، والتعليم الديني، حيث سعت السلطات الفرنسية إلى حظر كل ذلك خلال السنوات الأخيرة.
ورغم إصرار الرئيس ماكرون على أن المشكلة ليست في الإسلام، وإنما في رفض المبادئ الجمهورية، والكلام لكاتبة المقال، فإن القضايا التي ركز عليها خطاب حكومته وسياساتها جعلت الكثيرين يشعرون بخلاف ذلك.
فقضايا كالنقاشات المستمرة حول الحجاب، والجدل الذي أثير حول دروس السباحة المخصصة للنساء فقط، إلى تظاهر وزير الداخلية بالصدمة إزاء تخصيص حيز للمنتجات الحلال في المتاجر الكبرى، كلها تصف العادات اليومية في حياة المسلمين بأنها أمثلة على “الانفصالية”، التي تربطها الدولة بالإرهاب.
وقدد نددت منظمة العفو الدولية بـ”المناخ العدائي والخطاب التمييزي” تجاه المسلمين في فرنسا في تقرير أصدرته العام الماضي بعنوان “التمييز ضد المسلمين: يجب على الدولة أن تتصرف” سلطت فيه الضوء على خطاب وزير الداخلية الفرنسي، الذي سرد فيه أمورا تعد من أساسيات الحريات الدينية؛ بما في ذلك الصلاة والصوم و إطلاق اللحية معتبرا إياها “علامة على التطرف”.
وسردت الكاتبة معلومات وأمثلة من مظاهر التمييز ضد الأقلية المسلمة في فرنسا، وتساءلت عما إذا كان شبح الإرهاب يبرر حقا التخلي عن المبادئ الديمقراطية، التي حارب الناس وماتوا من أجلها؟
وختمت بالقول “إن قيمنا ليست مهددة بهذه الهجمات؛ بل هي مهددة بردنا عليها. من الملح الآن أن يتمسك قادتنا بالقيم الجمهورية التي يدعون أنهم يمثلونها”.