د.عمر شنيبو يكتب: السلوك البشري في ممارسة الشفافية

 

كثيرا ما يسأل البعض عن ممارسة الشفافية في بناء الحيثيات والظروف المحيطة باتخاذ القرارات المتعلقة بالشأن العام او تلك التي تتعلق بموضوع معين ، وتبعا لها يبرز ضرورة المساءلة والمحاسبة عن تلك التصرفات والسلوكيات وعلي مرجعية اتخذت ؟
لاشك ان الثورة التقنية والمعلوماتية والاتصالاتية التي ضربت العالم مع ما واكبها من انفتاح في الأنظمة والمواثيق والمفاهيم أثرت في كل أنماط حياة الإنسان وسلوكياتة ، حيث برزت من ضمن سياقات هذا التطور والحداثة مفاهيم الشفافية والمساءلة والمحاسبة ، فلا يكاد يخلو مقام للحديث أو النقاش دون أن تكون حاضرة فيه .

لو بحثنا عن الشفافية في الثقافات الإنسانية لما وجدنا معاني تقابلها أكثر قربا لها من كلمة الأمانة و الصدق و الإخلاص والشفافية بمعناها المستعار في علم الفيزياء تعني المادة الشفافة وهي المادة الواضحة الزجاجية التي يمكن رؤية ماخلفها.فيقصد بالشفافية خلق بيئة تكون فيها المعلومات المتعلقة بالظروف والقرارات والأعمال متاحة ومنظورة للجميع من خلال توفيرها ونشرها في الوقت المناسب للراي العام والصحافة وكل الاطراف ذات العلاقة وكل مايتعلق بها من . جوانب ايجابية او سلبية علي حد سواء دون اخفاء ،والشفافية نقيض الغموض أو السرية في العمل ، وهي تتعلق بامرين الأول وضوح الإجراءات المتخذة و مصداقية عرض المعلومات والبيانات لاهل المصلحة ، في حين يتعلق الامر الثاني باحقية الاطراف ذات العلاقة في الحصول والوصول للمعلومات في اي وقت وبدون حاجتهم لتبرير ذلك او تحمل اي تكلفة نتيجة الحصول عليها ، وممارسة الشفافية يمكن ان تترتب عليها المساءلة وهي تمثل مفهوماً آخر برز بوصفه جزءا من الاهتمام المتجدد بالإدارة بشكل عام وتحقيق مطلب الأمانة في الإدارة بشكل خاص ، وهذا المفهوم يعني في الواقع المحاسبة عن المخرجات أو النتائج المتوقعة من الأشخاص والأجهزة بل والحكومة

وكذلك تعني الحق في الاستفسار عن تصرفات الآخرين الإدارية، مع منحهم شرح وجهة نظرهم حول سلوكياتهم وتصرفاتهم المتعلقة بأداء أعمالهم ، ومن ناحية أخرى فإن مبدأ المساءلة في الإدارة يقتضي أن تكون لدى الشخص الصلاحيات التي تمكنه من أداء عمله ، والتي من الممكن على أساسها مساءلته عن عمله إن فكرة المساءلة فكرة قديمة في التراث البشري وأساس من أسس ترسيخ الأمانة في سلوك أفراد المجتمع، يلي المساءلة تكون مرحلة المحاسبة و تعني محاسبة الفرد او المؤسسة او الحكومة على الكيفية التي مارست بها اتخاذ القرارات او المواقف و التي من المفترض أن يقوم بها حسب ما هو متفق عليه عند توليه مسؤولياته اوكما هو منصوص عليه في الاطار التشريعي او التنظيمي .
فإذا ما أُريد أن تكون المساءلة فاعلة ولها ثمارها فلا بد أن يعقبها شكل من أشكال المحاسبة, بحيث يكون هناك إجراء فعلي يتم اتخاذه إزاء كل من انحرف عن مساره ابتداء في إطار العمل المطلوب إنجازه.

وعليه يمكن القول ان الشفافية هي مفتاح المساءلة وتجعلها ممكنة ومتاحة وهذا بدوره يودي الي تفعيل مبدأ المحاسبة عن الانحرافات وتغيير المسار و اوجه التقصير والاهمال وغياب المنهجية العلمية
فكلما انخفض منسوب الشفافية ضعفت المساءلة والمحاسبة و زادت الاوضاع سوء وترديا علي المستوي العام والخاص علي حد سواء

فما احوجنا اليها خاصة الشفافية المالية والتي تعكس حجم الموارد المالية للدولة او مؤسساا القطاع العام او الخاص ومنظمات المجتمع المدني اوحتي التدبير المنزلي وكيفية الحصول علي هذه الموارد المالية وفيما تم انفاقها وكيف تم ذلك ومن هم الشركاء الاساسين واوجه الانفاق الادارية الخاصة بالتسيير او مستحقات العاملين والانفاق علي البرامج و المشروع المعني ونسبة الصرف علي كل منهما الي اجمالي الانفاق، خاصة اذا كانت هناك مشروعات تنموية تحت التنفيذ ، اي كان المشروع صغير ام كبير، اذ لابد من الاشارة الي الجهة الممولة والمنفذة والاستشاري المتابع وان تكون الية اختيار كل منهما متاحة للجميع وكذلك الاشارة لفترة انتهاء المشروع والغرض منه والاهداف المرجوه ، وتظل الشفافية مطلبا وجسرا لعبور التحديات وتحقيق الغايات ، وبين المساءلة والمحاسبة والشفافية كمفاهيم في ضبط حياتنا اليومية على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والمهني وحاجتنا الماسة لها في السودان ، كيف ومتي ومن يصحح المعادلة ؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى